مصر تعلن الشروط اللازمة لتأسيس شركات «التصكيك»

الانتهاء من إعداد قانون جديد للجمارك

TT

مصر تعلن الشروط اللازمة لتأسيس شركات «التصكيك»

أصدر مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية قراراً تنظيمياً بمتطلبات تأسيس وترخيص شركات التصكيك، التي تقوم بطرح الصكوك، لأول مرة في مصر، في إجراءٍ لوضع تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال –الصادرة نهاية الشهر الماضي– حيز التنفيذ.
وأوضح محمد عمران، رئيس هيئة الرقابة المالية، في بيان أمس، أن قرار المجلس ألزم الشركات الراغبة في القيد في سجل شركات التصكيك في الهيئة، بعدد من شروط التأسيس من أهمها أن يقتصر نشاط الشركة على مزاولة نشاط التصكيك، وألا يقل رأسمالها المصدّر والمدفوع عن 10 ملايين جنيه مصري (557.1 ألف دولار)، أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية، وأن يكون من ضمن مؤسسيها أشخاص اعتبارية بنسبة لا تقل عن 50% من رأسمال الشركة، وألا تقل نسبة المؤسسات المالية عن 25% من رأسمال الشركة.
وأكد حرص مجلس إدارة الهيئة على توافر عدد من معايير الخبرة والكفاءة المهنية المطلوب توافرها في أعضاء مجلس إدارة الشركة، بحيث تكون أغلبية أعضاء مجلس الإدارة بمن فيهم رئيس مجلس الإدارة أو الرئيس التنفيذي لديهم خبرة لا تقل عن ثلاث سنوات في مجال إصدار وطرح الأوراق المالية المختلفة، ولدى المديرين التنفيذيين بالشركة خبرة لا تقل عن سنتين في مجال إصدارات الأسهم وطروحات الأوراق المالية وطرح الأوراق المالية. وأضاف أن الهيئة لم تغفل مراعاة تطبيق شركة التصكيك قواعد حوكمة الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية، ووضعت قيداً على الشركة عند الحصول على الترخيص بألا يكون لأحد أعضاء مجلس إدارتها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود أو المشروعات التي تكون شركة التصكيك طرفاً فيها.
وقال عمران إن القرار التنظيمي الأخير، رقم (176) لسنة 2018، ألزم شركة التصكيك بالحرص عند تحديد الأصول أو المنافع أو الحقوق أو المشروعات التي تمتلكها نيابةً عن مالكي الصكوك، وتقديم إقرار بإعداد عقود ملكية الأصول أو المنافع أو المشروعات من الجهة المستفيدة –المنشأ- إلى شركة التصكيك وفقاً للأحكام والقواعد المنصوص عليها بقانون سوق المال ولائحته التنفيذية، وأن يكون العقد ﻨﺎﻓﺫاً ﻭﻨﺎﺠﺯاً ﻭﻏﻴﺭ معلق على ﺸـﺭﻁ وناقلاً ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﻨﺎﺕ.
وشدد على أن المادة السادسة من القرار حصرت مزاولة جميع المهام المرتبطة بإصدار الصكوك في شركة التصكيك، وحددت لها مهام أن تقوم بتملك الأصول أو المنافع أو الحقوق أو المشروعات محل التمويل نيابةً عن مالكي الصكوك، وإبرام عقد الإصدار، الذي تصدُر على أساسه الصكوك وينظم العلاقة بين الشركة والجهة المستفيدة، ومنظم الإصدار ومالكي الصكوك من حيث مجالات استثمار حصيلة الصكوك، ومدة هذا الاستثمار، وعوائده المتوقعة، وطريقة توزيعها وواجبات تلك الجهات، وآجال الصكوك، وإمكان تداولها واستردادها.
وكذلك العمل كوكيل عن مالكي الصكوك، والقيام بكل الأنشطة أو المهام المتصلة بإصدار الصكوك، على أن يُنص على ذلك صراحة في عقد الإصدار. وتكون مسؤولة عن كلٍّ من التصنيف الائتماني للصك وإدارة الأصول أو المنافع أو الحقوق أو المشروعات المصككة طوال مدة الإصدار، وكذا التأكد من سداد العوائد المستحقة دورياً، وتحديد مدى جودة الأصول أو المنافع أو الحقوق أو المشروعات التي تمتلكها لإدارتها واستثمارها واستخدامها في ما صدرت الصكوك من أجله. وسداد أو توزيع عوائد الصكوك وأداء القيمة الاستردادية عند حلول أجل الصك وفقاً للأحكام الواردة بنشرة الإصدار، وأي مهام أخرى توافق عليها الهيئة ترد بنشرة الاكتتاب العام أو مذكرة المعلومات.
وأكد رئيس هيئة الرقابة المالية أن تلك الشركات المستحدثة ستُطبّق عليها التدابير الإدارية، بحيث تسري أحكام المادة (30) من قانون سوق المال في حال مخالفة أحكام القانون أو أحكام لائحته التنفيذية أو قرارات مجلس إدارة الهيئة، كما تسري أحكام المادة (31) من ذات القانون حال وجود خطر يهدد سوق المال أو مصالح مالكي الصكوك أو المتعاملين مع الشركة.
الجدير بالإشارة أن التصكيك هو عملية إصدار وثائق أو شهادات مالية متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية موجودات (أصول أو منافع أو حقوق أو مشروعات) قائمة فعلاً أو سيتم إنشاؤها من حصيلة الاكتتاب، وفق عقد.
من جهة أخرى قال وزير المالية المصري محمد معيط، أمس، إنه تم الانتهاء من إعداد قانون جديد للجمارك، وإرساله إلى مجلس الوزراء، الذي بدأ مناقشته على الفور. مشيراً إلى أهمية تطوير وميكنة مصلحة الجمارك المصرية في نهاية يونيو (حزيران) عام 2020.
وأضاف معيط في بيان صحافي أن التعامل مع الملفات الجمركية خلال الفترة المقبلة، سيكون «من خلال استكمال حوكمة المنافذ الجمركية بشكل أكثر كفاءة وفاعلية لمواكبة أجهزة الجمارك في الدول المتقدمة». لينعكس ذلك بشكل إيجابي على تصنيف الدولة لدى المؤسسات الدولية. وأشار إلى أن «تطوير الجمارك يتطلب تقليص زمن الإفراج الجمركي والذي يصل في المتوسط إلى 28 يوماً... ولكن هذا التأخر ليس بسبب مصلحة الجمارك فقط بل بسبب وجود بعض الجهات الأخرى التي تتعامل مع مصلحة الجمارك، مثل الحجر الزراعي والبيطري وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات»، مشيراً إلى أن هناك «دولاً تنتهي من الإفراج الجمركي خلال 3 أيام ودولاً أخرى خلال ساعات، ويجب أن نسعى لنلحق بهذا الركب».
كان الوزير قد قال في وقت سابق، إن مشروع قانون الجمارك الجديد سيحقق العديد من الآثار الإيجابية التي من أهمها تحسين تصنيف مصر في 3 مؤشرات دولية مهمة: مؤشر التنافسية العالمية، ومؤشر ممارسة الأعمال، ومؤشر بيئة الاقتصاد الكلي، إلى جانب دور القانون الجديد في تشجيع المشروعات الاقتصادية الوطنية بفضل ما يتضمنه من آليات عديدة لتشجيع الصناعات المصرية، ومواجهة الممارسات الضارة بها وعلى رأسها التهريب الجمركي.
وأوضح الوزير أن هناك خطة تم إعدادها لتطوير المصلحة مكوّنة من عدة محاور، وسيتم التحرك في جميع هذه المحاور بالتوازي، لسرعة الانتهاء من عملية التطوير الشامل، «وتتمثل أهم هذه المحاور في تطوير العنصر البشري، وتفعيل منظومة الشباك الواحد، وحوكمة وميكنة المصلحة، وتطوير أجهزة الفحص والكشف بالأشعة»، بالإضافة إلى إعادة هندسة إجراءات العمل بالمصلحة بما يتواكب مع التحرك نحو تطبيق منظومة الشباك الواحد في التعامل مع المجتمع التجاري، ووضع آلية لهذه الإجراءات ودمجها وعدم تكرارها، إلى جانب تشديد الرقابة على جميع المنافذ ومكافحة التهريب، والتوسع في استخدام المنظومة المميكنة، وأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وتطوير المراكز اللوجيستية.
وأشار الوزير إلى أن الكفاءات والخبرات العديدة في المصلحة، «تجب الاستفادة بهم في عملية تطوير المصلحة».



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».