الثمانينات تصيح من جديد بالتفاصيل والنقوش

كيت ميدلتون دوقة كامبريدج وفستان سهرة يستحضر الثمانينات  الأميرة ديانا في مناسبة عام 1985
كيت ميدلتون دوقة كامبريدج وفستان سهرة يستحضر الثمانينات الأميرة ديانا في مناسبة عام 1985
TT

الثمانينات تصيح من جديد بالتفاصيل والنقوش

كيت ميدلتون دوقة كامبريدج وفستان سهرة يستحضر الثمانينات  الأميرة ديانا في مناسبة عام 1985
كيت ميدلتون دوقة كامبريدج وفستان سهرة يستحضر الثمانينات الأميرة ديانا في مناسبة عام 1985

كثير من الصيحات التي قُدمت على منصة عروض الأزياء هذا العام مستوحاة من حقبة الثمانينات. وفيما جرت العادة أن يحنّ مصممو الأزياء إلى حقبات مضت، غير أن استحضار فترة بعينها لا يمكن أن يكون صدفة، وهو ما يطرح السؤال عن سبب عودة موضة الثمانينات.
الموضة بشكل عام يمكن وصفها بآلة تعزف ضمن لحن شامل، تدخل فيه السياسة والاقتصاد والتغييرات الاجتماعية. فكل هذه الآلات تتكاتف لتخرج منها معزوفة واحدة تُعبر عن فكر في زمن محدد. يمكننا القول: إن حقبة الثمانينات كانت اللحن الصاخب مقارنةً بالسبعينات والتسعينات.
بالإضافة إلى التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرضت لها لأسباب سياسية عالمية، منها بداية انهيار الاتحاد السوفياتي، ومعه مفهوم الشيوعية، فضلاً عن بداية كساد عالمي شجّع على تصنيع الملابس خارج أوروبا، بحثاً عن العمالة الرخيصة، تزامنت هذه الحقبة مع انتعاش سوق الحواسيب الشخصية وبداية اختراع شبكة «الإنترنت». بشكل موازٍ بدأ بعض المفاهيم الاجتماعية يتصدر المشهد، فأصبحت هناك أصوات تُعلي قيمة المرأة وحقها في العمل، ثم أدخل العالم الغربي إجازة رعاية الطفل استجابةً لهذه الدعوات، ومن ثم تزايدت أعداد النساء العاملات، بل وبدأت تتطلع إلى مزيد من السلطة في مجالات عدة.
كل هذا انعكس على الفن والموضة، وأدى إلى احتضان أنماط جديدة والبحث عن نموذج أو «أيقونة» وسط هذا الصخب، لا سيما في مجال الموضة. بالإضافة إلى تولي مارغريت ثاتشر، كأول امرأة، منصب رئيس وزراء بريطانيا، وسطوع نجم المغنية مادونا، كما شهد عام 1981 عرساً ملكياً أسطورياً، كانت بطلته الأميرة ديانا بعد زواجها من الأمير تشارلز. بين ليلة وضحاها، أصبحت ملهمة ومؤثرة إلى اليوم، بدليل إطلالات دوقة كامبريدج كيت ميدلتون. ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ظهرت بسترة بنقشات مربعة، وياقة من المخمل الأسود، تتطابق مع إطلالة ظهرت بها الأميرة ديانا عام 1984.
أسلوب مادونا أيضاً لا يزال حاضراً في 2018 من خلال السترات والتنورات القصيرة من الجلد والأزياء المرصعة بالخرز والقفازات والأقراط الذهبية الضخمة.
الألوان الزاهية التي ظهرت في الثمانينات للتعبير عن الحرية عاودت الظهور هذا العام من خلال كبار المصممين مثل جيرمي سكوت، مصمم دار «موسكينو» و«دولتشي آند غابانا» و«غوتشي» وغيرهم. وكأن الألوان لا تكفي فقد أرفقها بعضهم بنقشات وطبعات صارخة تؤكد أننا قد نجد بُغيتنا في خزانة الأمهات أو الجدات اللواتي عاصرن تلك الحقبة وعشن تفاصيلها الكثيرة.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».