واشنطن لإنهاء «آستانة» و«سوتشي» ما لم يتم تشكيل «الدستورية»

المبعوث الاميركي جيمس جيفري يحض دي ميستورا على دعوة اللجنة في 14 الشهر الحالي

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في القامشلي قرب حدود العراق (أ.ف.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في القامشلي قرب حدود العراق (أ.ف.ب)
TT

واشنطن لإنهاء «آستانة» و«سوتشي» ما لم يتم تشكيل «الدستورية»

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في القامشلي قرب حدود العراق (أ.ف.ب)
عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في القامشلي قرب حدود العراق (أ.ف.ب)

طالب المبعوث الأميركي لسوريا جيمس جيفري، روسيا بالقيام بجهود لعقد اللجنة الدستورية السورية في الرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وشدد على أهمية مساندة الدول في عملية الضغط على حكومة دمشق، ودعا إلى إنهاء عمليتي آستانة وسوتشي للتسوية السورية ما لم تستجب كل الأطراف لتشكيل اللجنة.
وأوضح جيفري في مؤتمر صحافي بمقر الخارجية الأميركية، مساء الاثنين، أن الولايات المتحدة تنتظر إفادة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن الدولي في الرابع عشر من ديسمبر؛ للتأكد ما إذا كانت العملية السياسية في سوريا تحت رعاية الأمم المتحدة تتقدم أم لا.
وبعد اجتماع ضم مجموعة من ممثلي ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، والسعودية، والأردن، ومصر في مقر الخارجية الأميركية، الاثنين، أوضح جيفري، أن الاجتماع استعرض تنفيذ عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة بما يحقق تسوية سلمية تتوافق مع قرار الأمم المتحدة 2254، وتدعم جهود دي ميستورا، والحفاظ على خفض التصعيد في إدلب، والوفاء بالموعد النهائي المقرر في 31 ديسمبر الحالي لتشكيل اللجنة الدستورية. وحذر جيفري، أنه ما لم يتم الضغط على دمشق فإن المبعوث الأممي الجديد لسوريا بين بيدرسن والمجتمع الدولي سيواجهون مأزقاً آخر، وسيضطر الجميع إلى إعادة النظر بشأن الوضع الخطير للغاية في سوريا.
وأضاف جيفري: إن الاجتماعات الأوروبية حول سوريا ناقشت موضوعين رئيسيين، الأول هو التهدئة ووقف إطلاق النار في إدلب، والآخر هو تشكيل اللجنة الدستورية. وقال: «كنا نأمل أن يتمكن الروس والأتراك من وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل أعضاء هذه اللجنة الدستورية؛ وهو هدف اجتماع آستانة الأخير، وقد أصدروا بياناً يؤكد على خفض التصعيد في إدلب، وأهمية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار في إدلب، لكنهم لم يتخذوا أي إجراء مهم في تشكيل اللجنة الدستورية، وكل ما فعلوه هو إعادة التأكيد على الجهود لتشكيل اللجنة الدستورية دون أن يقولوا بحلول نهاية العام، وإنما قالوا في أقرب وقت ممكن».
وأشار جيفري إلى إحباط دي ميستورا من عدم إحراز تقدم في آستانة حول تشكيل اللجنة الدستورية. وقال في رده على أسئلة الصحافيين، إنه متأكد أنه إذا حصل دي ميستورا على ضوء أخضر من النظام السوري أو رعاة آستانة حول قائمة يمكن قبولها والتحقق من صحتها فإنه يمكن إعلان ذلك في 14 ديسمبر.
وحول إمكانية حدوث اختراق في العملية السياسية، قال جيفري: «لقد كنا نواجه طريقاً مسدودة منذ بدأت عمليتا سوتشي وآستانة في ديسمبر 2017، وبعد ست سنوات من الجمود ما رأيناه في الأشهر القليلة الماضية هي اجتماعات وزارية على مستوى المجموعة الصغيرة، ثم قمة إسطنبول حيث قالت روسيا لأول مرة إنها ستحاول إنجاز هذا الأمر بحلول نهاية العالم، وحتى هذه اللحظة يقولون إنه لا يوجد موعد نهائي، ولدي أمل أن يتحركوا بحلول الرابع عشر من ديسمبر مع ستيفان دي ميستورا».
وحول خطط واشنطن ما لم يتحقق ذلك، قال المبعوث الأميركي «سنعود إلى الأمم المتحدة».
ويذكر أنه تم التوصل إلى الاتفاق بشأن تشكيل اللجنة الدستورية السورية خلال مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي في يناير (كانون الثاني) الماضي، ومن المفترض أن يضم ممثلين من الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، ويتم تشكيل اللجنة قبل نهاية العام الحالي.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.