حاملة طائرات أميركية إلى الخليج وسط تهديدات لإمدادات النفط

روحاني يقلل من أهمية التداعيات الاقتصادية لعقوبات واشنطن

الرئيس حسن روحاني خلال زيارته لمدينة شهرود في شمال شرقي إيران أمس (إ.ب.أ)
الرئيس حسن روحاني خلال زيارته لمدينة شهرود في شمال شرقي إيران أمس (إ.ب.أ)
TT

حاملة طائرات أميركية إلى الخليج وسط تهديدات لإمدادات النفط

الرئيس حسن روحاني خلال زيارته لمدينة شهرود في شمال شرقي إيران أمس (إ.ب.أ)
الرئيس حسن روحاني خلال زيارته لمدينة شهرود في شمال شرقي إيران أمس (إ.ب.أ)

لوّحت إيران مجدداً أمس بعرقلة إمدادات النفط عبر مياه الخليج إذا لم تتمكن من تصدير نفطها بفعل العقوبات الأميركية، مؤكدة عزمها أيضاً على زيادة مدى صواريخها رغم المعارضة الغربية لذلك. وتزامنت المواقف الإيرانية مع إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى مياه الخليج.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين دفاعيين أن حاملة الطائرات الأميركية «يو. إس. إس. ستينيس» وسفناً أخرى مرافقة لها في طريقها إلى مياه الخليج، في ظل تصاعد التوترات مع إيران. ومن المقرر أن تصل هذه المجموعة البحرية الأميركية قبالة السواحل الإيرانية نهاية الأسبوع الحالي، منهية بذلك غياباً أميركياً على هذا المستوى دام ثمانية أشهر.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يعتزمون وقف صادرات النفط الإيرانية تماماً في مسعى لكبح برنامج طهران الصاروخي ونفوذها الإقليمي.
ودعت الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها الصاروخي. وأعلن المبعوث الأميركي الخاص لإيران، بريان هوك، أول من أمس الاثنين، رفضه لتأكيد طهران على أن برنامجها يحمل طبيعة دفاعية. وقال هوك للصحافيين على متن رحلة جوية إلى بروكسل، حيث يشارك وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في اجتماع لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الثلاثاء: «كيف يمكن للراعية الرئيسية للإرهاب في العالم الادعاء (بأن برنامجها) دفاعي؟».
وأضاف: «نود أن نرى الاتحاد الأوروبي يُحرّك عقوبات تستهدف برنامج إيران الصاروخي»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية. وتابع: «على مدار الأعوام الـ12 الماضية، كان مجلس الأمن يدعو النظام الإيراني إلى وقف اختبار ونشر صواريخ باليستية، وتواصل إيران تحديها لمجلس الأمن الدولي». واتهم إيران بأنها «تتصرف كنظام خارج عن القانون».
وأوردت وكالة «رويترز» أن الرئيس الإيراني حسن روحاني قال في كلمة بثها التلفزيون خلال زيارة إلى مدينة شاهرود بشمال البلاد: «يجب أن تعلم أميركا أننا نبيع نفطنا وأننا سنواصل بيع نفطنا ولن يستطيعوا وقف صادرات نفطنا». وقال: «إذا منعوا يوماً تصدير نفط إيران، فلن يُصدّر أي نفط من الخليج».
أما وكالة الصحافة الفرنسية فأشارت إلى أن الرئيس الإيراني قلل في كلمته من أهمية التداعيات الاقتصادية للعقوبات واتهم وسائل الإعلام بتضخيم مشكلات الدولة. وقال أمام الحشود: «لا تضخم مرتفعاً ولا نسبة بطالة عالية ستهددنا. يجب أن يتوقف الناس عن قول ذلك في الصحف». وبحسب التقرير الأخير للبنك المركزي الإيراني حول أرقام التضخم فإن أسعار المواد الغذائية ارتفعت 56 في المائة على أساس سنوي في أكتوبر. وأقر روحاني بوجود «بعض المشكلات» لكنه أكد مواجهتها في مشروع الموازنة الجديدة الذي سيتم تقديمه في 16 ديسمبر (كانون الأول). وقال إن الحكومة ستواصل الدعم للمواد الغذائية الأساسية وسترفع أجور القطاع العام ومعاشات التقاعد بنسبة 20 في المائة.
من جهته، قال إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، إن العقوبات الأميركية تلحق الضرر بالفئات الأضعف في إيران. وقال جهانجيري أمس: «حين يقول (الأميركيون) إن هدفهم هو الحكومة الإيرانية وإنه لن تكون هناك ضغوط على المرضى والمسنين والضعفاء في المجتمع، فهذا كذب»، وفق ما ذكرته وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «فارس» الإيرانية شبه الرسمية عن مسؤول عسكري كبير قوله إن إيران تريد زيادة مدى صواريخها، في خطوة قد تُغضب الولايات المتحدة. ونقلت وكالة «فارس» عن البريغادير جنرال عزيز نصير زاده قوله: «أحد أهم برامجنا هو زيادة مدى الصواريخ والذخيرة». وأضاف: «لا نرى أي حدود لأنفسنا في هذا المجال»، بحسب ما جاء في تقرير أوردته «رويترز».
وأشار الجيش الإيراني إلى أن مدى صواريخه الحالي يبلغ ألفي كيلومتر، وقال إن القواعد الأميركية في أفغانستان والخليج إضافة إلى حاملات الطائرات الأميركية في الخليج تقع في هذا المدى.
ودافع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أيضاً عن البرنامج الصاروخي في تغريدة على «تويتر» أمس قال فيها إن قرار مجلس الأمن الدولي الذي أقر الاتفاق النووي لا يمنع طهران من النشاط الصاروخي.
وأضاف: «السخرية من مجلس الأمن لن تغطي على الفشل في الوفاء بالالتزامات وتحميل الولايات المتحدة مسؤولية عدم الالتزام خاصة عندما تعترف الولايات المتحدة بأن قرار مجلس الأمن رقم 2231 لا يمنع إيران من حيازة قدرات رادعة. وبدلا من أن تقوض (القرار) 2231 كان من الأحرى بها أن تعمل صوب الالتزام بجميع القرارات». ولم يذكر نصير زاده أي تفاصيل عن مدى الصواريخ الذي ترغب إيران في الوصول إليه.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».