الكرملين يحذر من «كيانات موازية تزعزع استقرار المنطقة»

TT

الكرملين يحذر من «كيانات موازية تزعزع استقرار المنطقة»

واصلت موسكو حملتها على التحركات الأميركية في شمال سوريا، وردت أمس على دعوات أميركية لإنهاء مساري سوتشي وآستانة بالتحذير من أن واشنطن تعمل على «زعزعة استقرار المنطقة عبر إنشاء كيانات بديلة من السلطات الشرعية» في منطقة شمال سوريا.
وبالتوازي مع دعوة المبعوث الأميركي الخاص لشؤون سوريا جيمس جيفري، إلى إنهاء عمليتي آستانة وسوتشي للتسوية السورية، إن لم يتم تشكيل اللجنة الدستورية السورية حتى منتصف الشهر الحالي، كرر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، اتهامات بلاده لواشنطن بأنها تتجاهل الجهود «الحقيقية» التي أدت إلى تحسين الوضع في سوريا وإعادة الاستقرار إلى الجزء الأعظم من البلاد. وقال بيسكوف إنه في مقابل خطوات موسكو «نرى تحركات من شأنها أن تؤدي إلى إنشاء كيانات موازية على أراضي سوريا». ومن دون أن يسمي الولايات المتحدة مباشرة، قال إن «تلك التصرفات لا تهدد سوريا، ويمكن أن تؤدي إلى انتهاك وحدة أراضيها وحسب، بل تؤدي إلى زعزعة شاملة لاستقرار المنطقة كلها».
وأقر الناطق الرئاسي الروسي بأن جهود إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب تواجه تعقيدات كبيرة، وقال: «الأمور تسير بصعوبة أكبر مما كان متوقعاً»، موضحاً أن «هجمات المسلحين ما زالت مستمرة، وهذا ما تم التطرق إليه خلال لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان أخيراً. لكنه استدرك أن تركيا «تنفذ التزاماتها بدقة»، مرجحاً أن تنجح في تنفيذ الاتفاق بالكامل.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن السلطات السورية تواصل عملها على تنفيذ مرسوم الرئيس بشار الأسد بشأن العفو عن أشخاص فروا من الخدمة العسكرية.
وأفاد رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، الفريق سيرغي سولوماتين، بأن «نحو 15 ألف شخص شملهم العفو، تنفيذاً للمرسوم الذي ينطبق أيضاً على لاجئين ومقاتلين سابقين من عناصر التشكيلات المسلحة غير الشرعية».
وأشار في إيجاز يومي للوضع الميداني في سوريا إلى أن الساعات الـ24 الماضية شهدت انتهاكاً واحداً لنظام وقف النار في منطقة إدلب، موضحاً أن المسلحين قصفوا قرية خفسين بريف مدينة حماة.
وأضاف سولوماتين أن المركز الروسي للمصالحة «يدعو قادة التشكيلات المسلحة غير الشرعية إلى وقف الاستفزازات المسلحة وسلوك طريق التسوية السلمية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم».
على صعيد آخر، أعلنت مفوضة حقوق الإنسان في روسيا، تاتيانا موسكالكوفا، أنها تلقت أكثر من 1000 طلب من مواطنات روسيات غادرن مع أزواجهن إلى سوريا والعراق، ويرغبن حالياً في العودة إلى وطنهم. وأضافت أن المعطيات تشير إلى أن مقدمات الطلبات هن أرامل مقاتلين في صفوف تنظيم داعش لقوا مصرعهم خلال العمليات العسكرية.
وأشارت المسؤولة الروسية، في الوقت ذاته، إلى أن إعادة أرامل المقاتلين إلى روسيا «أمر صعب جداً»، موضحة أنهن «شاركن في نشاطات المنظمات الإرهابية، وبالتالي قد يشكلن تهديداً للمواطنين الآخرين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.