بغداد تقرر نقل صلاحيات إضافية إلى البصرة وحسم التلكؤ في مشاريعها

مخاوف حكومية من تجدد الاحتجاجات في المحافظة الغنية بالنفط

مظاهرة ضد تردي الخدمات أمام مقر محافظة البصرة السبت الماضي (أ.ب)
مظاهرة ضد تردي الخدمات أمام مقر محافظة البصرة السبت الماضي (أ.ب)
TT

بغداد تقرر نقل صلاحيات إضافية إلى البصرة وحسم التلكؤ في مشاريعها

مظاهرة ضد تردي الخدمات أمام مقر محافظة البصرة السبت الماضي (أ.ب)
مظاهرة ضد تردي الخدمات أمام مقر محافظة البصرة السبت الماضي (أ.ب)

تشير بعض الدوائر الحكومية في بغداد إلى خشية حكومة رئيس الوزراء غير المكتملة عادل عبد المهدي من تجدد الاحتجاجات المطلبية في محافظة البصرة الغنية بالنفط، خصوصاً بعد قيام عشرات المتظاهرين أول من أمس بإسقاط السياج الخارجي لحقل القرنة النفطي. ويؤكد ناشطون بصريون عزمهم إطلاق موجة احتجاجات جديدة للضغط على الحكومتين المركزية والمحلية لتلبية مطالبهم، وتحسين أوضاع الخدمات في المحافظة.
وانطلقت موجة مظاهرات كبيرة في الصيف الماضي، وصلت ذروتها نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما أقدم المحتجون على حرق مجموعة من مقرات الأحزاب السياسية وفصائل «الحشد الشعبي» والقنصلية الإيرانية.
وفي إطار سعي حكومة عبد المهدي إلى امتصاص النقمة الشعبية، وتلبية مطالب المحتجين في البصرة، وصل نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير المالية فؤاد حسين إلى البصرة أمس، وعقد اجتماعات مطولة في فندق البصرة الدولي مع حكومة البصرة، بشقيها التشريعي والتنفيذي، إضافة إلى عدد من مديري الدوائر الرسمية. كما وصل إلى البصرة أمس وزير العمل والشؤون الاجتماعية باسم عبد زمان.
من جهته، أعلن رئيس مجلس البصرة وكالة، وليد كيطان، أن نائب رئيس الوزراء وزير المالية فؤاد حسين قرر نقل صلاحيات للبصرة، إضافة إلى حسم مشاريع متلكئة في قطاع الطاقة. وقال كيطان، في تصريحات لتلفزيون «المربد» البصري، إنه «تم طرح مختلف المعوقات التي تمر بها المحافظة، وكان اللقاء معه جيداً، حيث كان في جعبته قضايا كثيرة، بعضها يحتاج إلى نقل لمجلس الوزراء»، مؤكداً أن نائب رئيس الوزراء فؤاد حسين «قرر نقل بعض الصلاحيات للبصرة، وحسم بعض المشاريع المتلكئة، لا سيما التي تخص مشاريع الطاقة، للصيف المقبل، وتمويل مشاريع أخرى لقطاع التوزيع ونقل وإنتاج الطاقة». ولفت كيطان إلى مطالبة مجلس المحافظة بتثبيت موظفي العقود والأجر اليومي، لا سيما العاملين في تشكيلات الكهرباء، ضمن موازنة 2019.
من جهته، أكد الناشط كاظم السهلاني عزم التنسيقيات البصرية زيادة وتيرة حراكها الاحتجاجي في الأيام المقبلة.
وقال السهلاني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم يتوقف عملنا الاحتجاجي، وإن تراجعت حدته في الأسابيع الأخيرة، لكننا عازمون على مواصلة الضغط لتحقيق مطالب البصريين المشروعة».
وذكر السهلاني أن «الاحتجاجات وصلت ذروتها في سبتمبر (أيلول) الماضي، ولا أتوقع أن تخرج هذه المرة أعداد مماثلة كالتي خرجت في ذلك التاريخ، لكن الجديد في الأمر أننا سنركز على التظاهر أمام الدوائر الحكومية، كلاً على حدة، بهدف الضغط عليها لتعديل آليات عملها، فدائرة الجوازات مثلاً انتظم عملها، وصارت تقوم بإنجاز معاملات المواطنين بسرعة، بعد أن نظمنا مظاهرة احتجاجية أمام مبناها في وقت سابق».
ورحّب السهلاني بزيارة بعض المسؤولين في حكومة عبد المهدي إلى المحافظة، ومنهم وزير المالية فؤاد حسين، ورأى أن «مشكلة المحتجين اليوم ليس مع حكومة عبد المهدي، فعمرها قصير على أي حال، لكن مشكلتنا مع الحكومة المحلية والمسؤولين الفاسدين في البصرة، نزعم أن كل الإجراءات التي اتخذت في البصرة مؤخراً يعود الفضل فيها إلى المحتجين، وليس إلى السلطات المحلية».
ونفى السهلاني ما يتردد عن وجود انقسامات حادة بين التنسيقيات التي تقوم المظاهرات في البصرة، وعددها أكثر من عشر، لكنه لم ينفِ وجود اختلافات في وجهات النظر بين الفاعلين في المظاهرات الاحتجاجية.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن تشكيل 20 لجنة تفتيش، مهمتها الدخول إلى الشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي لمعرفة أعداد العمالة، بهدف توفير فرص العمل للعاطلين من أبناء المحافظة. وقال وزير العمل الذي يزور البصرة باسم عبد الزمان، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، إن «اللجان ستباشر أعمالها بالدخول الأحد المقبل لجرد العاملين، بما يتفق مع القانون»، وبيّن أن «الوزارة وجدت 218 شركة متعاقدة مع الحكومة لم تراجع الوزارة في سبيل تحديد نسبة العملة الأجنبية التي لديها لأن هناك قانوناً ينص على ضرورة تشغيل 50 في المائة من العمالة الوطنية ضمن المجموع الكلي للعمالة في المشروع الواحد»، وكشف عن أن «الشركات التي كانت تراجع الوزارة 11 شركة فقط».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».