مصر تستعد لرئاسة الاتحاد الأفريقي

TT

مصر تستعد لرئاسة الاتحاد الأفريقي

تكثف مصر من فعالياتها وأنشطتها المرتبطة بالقارة السمراء، وذلك تأهباً لتسلم القاهرة بشكل رسمي، رئاسة الاتحاد الأفريقي في عام 2019. وفي حين تستعد مدينة شرم الشيخ لاستضافة منتدى «الاستثمار في أفريقيا 2018»، السبت المقبل، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلنت الحكومة بدء إجراءات إقامة دورات تدريبية للشباب الأفريقي، وكذلك خصصت سلطات مطار القاهرة ممراً مستقلاً لحاملي جوازات السفر من مواطني دول الاتحاد، في إطار «المعاملة التفضيلية للأشقاء الأفارقة».
وتسعى القاهرة لترسيخ نفوذها وتأثيرها الأفريقي. وكثيراً ما يعلن المسؤولون المصريون من مستويات رفيعة أن التوجه نحو القارة السمراء، مُحدد استراتيجي للسياسة الخارجية للبلاد.
ومن المنتظر أن يفتتح الرئيس المصري، فعاليات «منتدى الاستثمار - أفريقيا 2018» في 8 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، في مدينة شرم الشيخ، الذي يستمر على مدار يومين، بحضور 10 رؤساء أفارقة، وأكثر من 60 متحدثاً دولياً، بحسب ما أعلنت إدارة المؤتمر.
وقالت الدكتورة هبة سلامة، الرئيسة التنفيذية للوكالة الإقليمية للاستثمار بمنظمة دول السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا)، في بيان أمس، إن المنتدى سيعقد تحت شعار «القيادة الجريئة والالتزام الجماعي نحو تعزيز الاستثمارات البينية الأفريقية»، وسيناقش قضايا حاسمة تتعلق بـ«مستقبل القارة وتنميتها، وملفات الطاقة، والتجارة، والنظام المالي، والاستثمارات داخل أفريقيا، واللوجيستيات والبنية التحتية، والسياحة والصناعات الإبداعية في أفريقيا، بالإضافة إلى شراكات الاستثمار العالمية، وأفق التعاون مع المجتمع الدولي».
التحركات المصرية لم تقتصر فقط على الجانب الاستثماري، إذ قررت سلطات مطار القاهرة عمل «ممرات خاصة لمواطني دول الاتحاد الأفريقي في مطار القاهرة، وذلك لتسهيل إجراءات الدخول الخاصة بهم، وتعبيراً عن قيم التضامن الأفريقي، والحرص المصري على تعزيز عملية الاندماج مع الأشقاء الأفارقة على مختلف المستويات»، بحسب ما أفادت «الخارجية المصرية» قبل يومين.
الحكومة المصرية، شاركت كذلك في دعم مسار التوجه الأفريقي، وذلك عبر الإعلان عن بدء إعداد «برامج تدريبية ضمن مبادرة رئاسية لتدريب الشباب الأفريقي، تعزيزاً لمكانة مصر في القارة».
وشرحت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، أن البرامج تستهدف «تحقيق التكامل في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، إلى جانب برامج في مجال الإصلاح الإداري، والتخطيط الاستراتيجي، ورفع قدرات الجهاز الإداري، والتأهيل السياسي للمرأة، والدراسات الاستراتيجية والأمنية». وأكدت أن «عدداً من الدول الأفريقية طلب الاستفادة من خبرة مصر في ميكنة الخدمات الحكومية لديها».
مؤسسة «الأزهر» التي تقدم 1500 منحة دراسية لطلاب الدول الأفريقية، شاركت هي الأخرى في تكثيف الحضور بالقارة السمراء، عبر إعلانها زيادة أعداد المنح الدراسية.
وعلى المستوى الإعلامي، أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أنه يخطط لإنشاء «أول قناة فضائية أفريقية». وأعرب الأمين العام للمجلس، أحمد سليم، في بيان صحافي، عن أمله في أن «تظهر القناة على الشاشات خلال العام المقبل».



مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف إسرائيلية متكررة من «تسليح» مصر تعكس ازدياد التوترات

منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لمحور فيلادلفيا على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

شهدت الآونة الأخيرة تصريحات إسرائيلية تضمنت مخاوف بشأن «تسليح» مصر وانتهاكات لمعاهدة السلام، التي أُبرمت بين البلدين في 1979، وسط توتر متصاعد منذ احتلال الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح الفلسطينية قبل نحو عام، وإصراره على عدم تنفيذ رغبة القاهرة في الانسحاب من محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر.

أحدث التصريحات الإسرائيلية ما جاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي قال إن بلاده لن تسمح للقاهرة بـ«انتهاك معاهدة السلام»، وهو ما يرى رئيس مجلس الشؤون الخارجية المصرية وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي، ورئيس الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري والخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، أنها «رسائل للخارج لجلب مزيد من الدعم وتزيد التوتر الذي صنعته إسرائيل مع القاهرة»، بخلاف أنها «محاولات لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا بزعم المخاوف»، متوقعين رفض مصر تلك الضغوط وتمسكها بموقفها دون أن تجر لصدام أو المساس بمعاهدة السلام.

الحدود المصرية - الإسرائيلية (رويترز)

ومنذ توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام، لم تشهد علاقات الجانبين توتراً كما هي الحال مع اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وزادت حدته منذ مايو (أيار) الماضي، مع احتلال إسرائيل محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وكذلك معبر رفح من الجانب الفلسطيني، ورفضها الانسحاب كما تطلب القاهرة.

وذكر كاتس، في كلمة خلال ذكرى وفاة رئيس الوزراء الأسبق مناحم بيغن، الاثنين، أن معاهدة السلام «أخرجت مصر من دائرة الحرب، في قرار قيادي غيّر وجه التاريخ ووضع دولة إسرائيل - ولا تزال كذلك حتى اليوم، لكننا لن نسمح لهم (المصريين) بانتهاك معاهدة السلام، لكن الاتفاق قائم»، وفق صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وكشفت الصحيفة الإسرائيلية أن تصريحات كاتس جاءت على خلفية شائعات ترددها عناصر من اليمين المتطرف على شبكة الإنترنت عن استعدادات عسكرية مصرية لمهاجمة إسرائيل بشكل غير متوقع، لافتةً إلى أن هذه الشائعات أثارت القلق بين العديد من الإسرائيليين.

تلك المخاوف ليس الأولى إسرائيلياً، إذ أعرب رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، في 26 فبراير (شباط) الماضي، عن قلقه من «التهديد الأمني من مصر التي لديها جيش كبير مزود بوسائل قتالية متطورة»، معتبراً أنه لا يشكل تهديداً حالياً لتل أبيب لكن الأمر قد يتغير في لحظة، وفق «القناة 14» الإسرائيلية.

جنديان إسرائيليان قرب ممر فيلادلفيا بمحاذاة الحدود المصرية (أرشيفية - أ.ب)

سبق ذلك حديث مندوب تل أبيب الدائم في الأمم المتحدة داني دانون، في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي عن مخاوف إسرائيل بشأن تسلح الجيش المصري، مضيفاً: «ليس لديهم أي تهديدات في المنطقة. لماذا يحتاجون (المصريون) إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟».

ورد النائب المصري مصطفى بكري على تلك التصريحات قائلاً عبر منشور بمنصة «إكس»، إن «إسرائيل هي التي تنتهك اتفاقية السلام (..) واحتلت محور صلاح الدين (فيلادلفيا)»، مؤكداً أن «تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي ومن قبله رئيس الأركان ومندوب إسرائيل بالأمم المتحدة نوع من التلكيك وجر شكل (استفزاز) ومصر تتعامل بحكمة ولديها دور هام لصالح السلام لكنها لن تقبل إملاءات أو تهديداً من أحد ولا تفرط في سيادتها وثوابتها وأمنها القومي»، محذراً: «فلتكف إسرائيل عن العبث واللعب بالنار، لأنها أول من سيكتوي بها».

وسبق أن رد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أسامة عبد الخالق على نظيره الإسرائيلي، في تصريحات فبراير (شباط) الماضي، قائلاً: «الدول القوية والكبرى مثل مصر تلزمها جيوش قوية وقادرة على الدفاع عن الأمن القومي بأبعاده الشاملة عبر تسليح كافٍ ومتنوع».

ويرى العرابي أن تلك التصريحات الإسرائيلية تعكس ازدياد حالة التوتر بين مصر وإسرائيل، التي صنعتها الأخيرة منذ دخول رفح، وهي تحاول أن تنقل انطباعات غير صحيحة للعالم الخارجي بأن لديها قلقاً من جيرانها للبحث عن دعم.

معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (أرشيفية - إ.ب.أ)

بينما يرى اللواء فرج أن التصريحات الإسرائيلية محاولة لخلق أزمات مع مصر، مؤكداً أن مصر بالتأكيد حافظت على تنوع تسليحها، لأنها دولة قوية وتحتاج ذلك لكنها لم تنتهك ولم تخترق المعاهدة، بل الجانب الإسرائيلي هو من يفعل ذلك ولا يريد الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق هدنة غزة.

تأتي هذه التصريحات المتصاعدة في إسرائيل، قبل أيام قليلة للغاية من التزام على حكومة نتنياهو بتنفيذ الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا، المقرر أن يتم في اليوم الخمسين من اتفاق الهدنة في غزة، الذي بدأ في 19 يناير الماضي، وسط حديث يسرائيل كاتس، في 27 فبراير (شباط)، عن البقاء في محور فيلادلفيا في المرحلة الحالية، وحديث مماثل متزامن من وزير الطاقة إيلي كوهين.

وبموجب ملحق معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، فإن محور فيلادلفيا هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة إسرائيل، قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005، فيما عُرف بخطة «فك الارتباط»، قبل أن تعيد احتلاله خلال حرب غزة ورفض مطالب مصر بالانسحاب.

ويرجح العرابي أن يكون استمرار التصريحات الإسرائيلية بهدف الضغط لعدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، مستبعداً أن يؤدي التوتر بين البلدين لصدام عسكري أو انهيار معاهدة السلام.

ويرى فرج أن إسرائيل تحاول إثارة تلك المخاوف لتهيئة الرأي العام الداخلي لاستمرار البقاء في محور فيلادلفيا، وعدم الانسحاب كما هو مقرراً، مؤكداً أن التوتر المتصاعد حالياً لن يمس معاهدة السلام ولن يرجع القاهرة عن مواقفها، ولن يقود لصدام خاصة وأن نتنياهو يرى أن العدو الرئيسي إيران وليس مصر.