النقابات تتهم «النهضة» بالانتقاص من احتجاجات الأساتذة في تونس

TT

النقابات تتهم «النهضة» بالانتقاص من احتجاجات الأساتذة في تونس

شهدت مجموعة من المدن التونسية احتجاجات نفذها طلاب المدارس والمعاهد التربوية إثر مقاطعة أساتذة التعليم الثانوي امتحانات الأسبوع المغلق الخاص بالثلث الأول من السنة الدراسية الحالية. وتوجهت وحدات أمنية إلى المؤسسات التربوية لحمايتها ومنع أحداث الفوضى بعد أن عمد محتجون إلى إحراق الإطارات المطاطية ومهاجمة الإطار التربوي. وتباهت القيادات النقابية بنجاح مقاطعة الامتحانات. وأكد مرشد إدريس، القيادي بالجامعة العامة للتعليم الثانوي، أن «نسبة نجاح مقاطعة الأساتذة للامتحانات التأليفية للثلث الأوّل بلغت تقريبا 90 في المائة».
واتهمت قيادات نقابية أخرى «حركة النهضة» التي تقود الائتلاف الحاكم برئاسة يوسف الشاهد، بالوقوف وراء «شيطنة تحركات الأساتذة ومحاولة الضغط عليهم من خلال تأجيج الغضب في صفوف الطلاب وأوليائهم». وأكدت تعرض الإطار التربوي لتحرش من قبل وزارة التربية علاوة على تجنيد الإدارات الجهوية التابعة لها عددا من الأعوان الإداريين لعدم تمكين الأساتذة من أوراق الطلاب وعدم تمكينهم من التدريس من خلال إغلاق بعض المؤسسات التربوية للضغط على الأساتذة المقاطعين.
وتبادل وزير التربية حاتم بن سالم مع النقابة العامة للتعليم الثانوي التابعة لاتحاد الشغل (نقابة العمال) التهم حول من تسبب في أزمة التعليم؛ إذ وعد بتطبيق القانون على آلاف الأساتذة وحذف أيام مقاطعة الامتحانات من مرتباتهم الشهرية بدعوى عدم إنجاز أعمالهم، كما هدد بغلق المؤسسات التربوية أمام الأساتذة. وأكد أن «مقاطعة الامتحانات إجراء خطير ومخالف لروزنامة العطل والامتحانات التي تم إعدادها وإقرارها في إطار اتفاق تام مع كل النقابات».
وأعلن بن سالم أن وزارة التربية عقدت خلال الفترة الأخيرة 13 جلسة تفاوضية بين الوزارة ووفد حكومي ونقابة الثانوي ووفد من اتحاد الشغل (نقابة العمال)، وأنه تم الاتفاق على عدد مهم من المطالب، وأنه لم تبق غير مسألة المنحة الخصوصيّة التي لا تندرج ضمن مشمولات الوزارة نظراً إلى انعكاساتها المالية. ويتعلق الإشكال الثاني بمسألة التقاعد المبكر «لارتفاع تكلفته المالية الباهظة جداً» المقدرة بنحو ملياري دينار تونسي (نحو 690 مليون دولار).
وقال وزير التربية إنه لم يرفض اقتراح التقاعد؛ بل دعا إلى إبرام اتفاقية تتعهد من خلالها وزارة التربية بتمكين الأساتذة الراغبين في مغادرة قاعات الدروس، من مواقع عمل أخرى بعيدا عن التدريس، على حد تعبيره.
وفي المقابل، حملت نقابة التعليم الوزارة مسؤولية تعطيل المفاوضات وعدم تقديم اقتراحات جدية للمدرسين لتحسين أوضاعهم المهنية، خصوصا فيما يتعلق بتمتعهم بالتقاعد المبكر عن العمل لانتمائهم لإحدى المهن الشاقة.
وفي حين قاطع الأساتذة إجراء الامتحانات، سعوا في المقابل إلى مواصلة تقديم دروس عادية حتى لا يقتطع الإضراب من مرتباتهم، غير أن وزارة التربية منعت هذا التوجه من خلال تعليمات إلى مديري المعاهد والمدارس التربوية، وهو ما يجعل الأزمة بين الطرفين تتفاقم دون وجود أمل للتوصل إلى حلول ترضي الطرفين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.