فكرنا بين الأصالة والحداثة والاستنساخ

TT

فكرنا بين الأصالة والحداثة والاستنساخ

بعد أسابيع ممتدة من التعرض لتيارات فكرنا الحديث، تكاد تصبح ظاهرة تعدد هذه التيارات بكل أطياف قوس قزح في حاضرنا العربي أداة ضغط علينا بدلاً من أن تكون رصيداً لنا، فكل تيار يسعى ليخلق منا «رجلاً أحادي الأبعاد»، وهذا ليس تعبيري؛ بل أستعيره من المفكر الألماني - الأميركي ماركيوزي في كتابه الذي يحمل العنوان نفسه والذي انتقد فيه الرأسمالية في ستينات القرن الماضي في الولايات المتحدة، ووصفها بأنها خلقت نوعاً من الفكر الأحادي بدعم من الآلات الإعلامية والسياسية والتعليمية والاستهلاكية المدببة والموجهة لحماية الرأسمالية ونظامها.
وهنا أتساءل اليوم: «لماذا تضعني هذه التيارات الفكرية في صراع بين هويتي وتاريخي وحاضري ومستقبلي؟»، فالاستقطاب أصبح السمة الرئيسية ما بين «مُحدث» يسعى لاستنساخ التجارب الغربية ولا يؤمن إلا بقيمها وآليات السوق المطلقة - والتي حاد عن بعضها بعض دول الغرب ذاته - بوصفها الملاذ الأوحد والأخير لأي تقدم، وما بين متشدد ديني يرى في التشبث المطلق بالنقل فقط هو الوسيلة الوحيدة للتطور رافضاً كل أنواع الفكر الآخر، وفريق آخر يرى أن العقل هو السيد ولا وجه للدين من الإعراب في الحياة... فهل كُتب علينا أن نعيش حالة الاستقطاب هذه؛ خصوصاً أن كل طرف لا يقبل بغير السيطرة التامة علينا وعلى حياتنا؟ فالكل يسعى لجعل كل منا في النهاية «رجلاً أحادي الأبعاد» في قالب فكري من صناعته، وهو ما يتناقض مع الطبيعة البشرية، فالله سبحانه وتعالى جعلنا أصحاب عقول نتدبر بها، وروح نشعر بها، وحس نلمس به، بل والأهم أنه وهبنا الإسلام ليكون منارة لنا في دنيانا وآخرتنا، وهو ما يدفعنا للتذكير بأهمية صياغة وسيلة للتحاور بين هذه الأقطاب الفكرية، وأشير في هذا الإطار المهم إلى ما يلي:
أولاً: تقديري أن الحتمية الحقيقية للتاريخ البشري وسلوكيات المجتمعات هي أنها تكون في السواد الأعظم ناتجة عن فكر، وأن الفكر ينتج عنها، أي إنها في النهاية محكومة بعلية الفكر. ودون الدخول في «جدلية» الفيلسوف العبقري هيغل، فإن الحتمية الثانية هي أن الفكر عملية جدلية ممتدة ومتطورة مع وجود ثوابت يجب عدم إنكارها، خصوصاً بالنسبة للمعتقدات. ولعله ليس من المبالغة في شيء التأكيد على وجود جدل أو «صراع» بين الأفكار على مر التاريخ، ولا أتوقع أن يختلف ذلك في المستقبل، ومن ثم تكون أهمية إقرار وسيلة الحوار للوصول إلى الفكر المنشود.
ثانياً: واتصالاً مع ما سبق، تبرز أهمية إدراك الوصول للأرضية الفكرية التي ستمثل أساس التوجه المستقبلي للمجتمع؛ بما يتطلبه مما أسميه «الانتقال السلمي لمراحل الفكر»، وهو مفهوم أستعيره من مناهج العلوم السياسية بعد تعديل أصله وهو «الانتقال السلمي للسلطة»، وأقصد به هنا وسيلة تطور وتفاعل الأفكار عبر الزمن والتجربة داخل المجتمع الواحد دون دخول أقطابها في صراعات قد تصل لحد الصراعات المسلحة، وهنا يجب أن تحكم هذا الانتقال مبادئ عامة واضحة، خصوصاً إذا ما كان يتعلق بمستقبل مجتمع أو دولة، فيكون في إطار من المنطق والفكر النقدي Critical Thinking.
ثالثاً: ومع ذلك؛ فليس من المبالغة إذا ما أكدنا أن الإنسان بتكوينه المادي والفكري غير مكتمل إلا بإضافة «البعد الميتافيزيقي» أو الروحي له، وأذكر جيداً عند دراسة المفاهيم المرتبطة «بالآيديولوجيا» أنها كانت دائماً ما تحتوي على بعد ميتافيزيقي أو روحي قد يغيب عن العين المجردة ولكننا لا يمكن إغفاله، ومن ثم تظهر أهمية احترام معتقدات المجتمع إذا ما أردنا الوصول لكلمة سواء، وخير مثال على ذلك التجربة التنويرية الأوروبية في مراحلها الأولى، والتي فشلت في تطبيق المنهج العقلي البحت لاستبعاده الكامل البعد الروحي للشعوب الأوروبية.
رابعاً: لا خلاف على أن الوسائل القسرية في المنهج الفكري أو إدارة الحوار غير ذات جدوى، فالفكرة لا تقارعها إلا الفكرة، والمنطق لا يجندله إلا المنطق، فسياسة حرق الكتب فشلت تماماً، فلم تحافظ في أوروبا على وحدة الكنيسة الكاثوليكية كما سعت، ولم تمحُ من الوجود فكر ابن رشد أو تقضي على عقلانية المعتزلة، والشيء نفسه بالنسبة لتصفية المفكرين أنفسِهم، لأنها تجعل منهم شهداء فكر، فيضفي ذلك قدسية على فكرهم حتى لو كان تحت مستوى العقل أو الشبهات، وهو ما حدث عندما شاهد المُصلح الديني جون كالفن إعداماً من هذا النوع فانقلب على الكنيسة تماماً، كما فشلت سياسة «التخويف» التي تمت ممارستها على الراهب مارتن لوثر، فلم تجلب على الكنيسة إلا تقليم أظافرها بالكامل.
خامساً: لا خلاف على محورية احترام معتقدات الآخرين، فالإنسان لا يحيا بالعقل وحده، وحق العقيدة؛ بل واحترامها، أمر يجب ألا يكون على المحك، والمشتق من لب العقيدة لا يُبارز إلا بمثله من النص والتفسير، وهنا تحضرني مقولة ابن رشد: «إن الحكمة هي صاحبة الشريعة، والأخت الرضيعة لها، وهما المصطحبتان بالطبع».
وختاماً؛ فالهدف من الحوار الفكري للعبور للحداثة هو التوصل للتوافق وليس بالضرورة الاتفاق، فالأحادية لله سبحانه وتعالى بموجب عقيدة التوحيد، والتنوع للبشر بموجب سُنّة الخالق سبحانه وقوله: «وَلَو شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّة وَاحِدَة».



بهاء سلطان يعود لساحة الطرب بميني ألبوم «كإنك مسكّن»

المطرب المصري بهاء سلطان (صفحته على «فيسبوك»)
المطرب المصري بهاء سلطان (صفحته على «فيسبوك»)
TT

بهاء سلطان يعود لساحة الطرب بميني ألبوم «كإنك مسكّن»

المطرب المصري بهاء سلطان (صفحته على «فيسبوك»)
المطرب المصري بهاء سلطان (صفحته على «فيسبوك»)

بعد عدة أغانٍ فردية طرحها على مدى العام، عاد المطرب المصري بهاء سلطان إلى ساحة الطرب بـ«ميني ألبوم» بعنوان «كإنك مسكّن»، يتضمن 3 أغانٍ، وتصدر «الترند» على «إكس» في مصر، الخميس.

الأغاني التي تضمنها «الميني ألبوم» وطرحت عبر عدة منصات موسيقية وغنائية، هي أغنية «كإنك مسكن» من كلمات وألحان حمادة فراويلة، وتوزيع حاتم محسن، وأغنية «حن عليا»، من كلمات محمد رفاعي، وألحان وليد سعد، بالإضافة إلى أغنية «أنت طيب» من كلمات هاني عبد الكريم، وألحان أحمد محيي.

وعدّ الناقد الموسيقي المصري أحمد السماحي «بهاء سلطان من أجمل الأصوات المصرية والعربية الموجودة حالياً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «مشكلة بهاء سلطان – وقد كنت قريباً منه لفترة – أن لديه تركيبة إنسانية خاصة جداً، فهو إنسان خجول جداً وانطوائي، لا يقدر قيمة نفسه وموهبته حقّ قدرها، والمكانة التي وصل إليها جيدة جداً بالنسبة لتركيبته الإنسانية».

ويضيف: «أما بخصوص (الميني ألبوم) الذي طرحه أخيراً، فهو عودة من الفنان لطرح الألبومات، وليس عودة للساحة الطربية، فبهاء لم يغب عن الساحة، هو موجود طوال الوقت، وفي الفترة الحالية تحديداً قدم أغنية (أنا من غيرك) في فيلم (الهوى سلطان) التي لقيت نجاحاً لافتاً».

وكان بهاء سلطان قد حقّق نسبة مشاهدات عالية بأغنية «أنا من غيرك» في فيلم «الهوى سلطان»، وصلت إلى أكثر من 70 مليون مشاهدة على منصة «تيك توك»، وفق وسائل إعلام محلية.

حفلات بهاء سلطان تشهد حضوراً جماهيرياً لافتاً (صفحته على «فيسبوك»)

ويشير السماحي إلى أن «(الميني ألبوم) به أغنيتان جميلتان تعبران عن الخط الطربي والفني المعروف به بهاء سلطان، وهما أغنيتا (أنت طيب) و(حن عليا) فقد استمعت إليهما واستمتعت بهما جداً»، ويستدرك الناقد الموسيقي: «لكن هناك مشكلة كبيرة في أغنية (كإنك مسكّن) التي يحمل الألبوم عنوانها، فأراها تحمل أفكاراً سامة تهدد الشباب، فكلماتها تقول (كإنك مسكّن وكل ما يخلص باموت، أو زي المخدر اللي باتعاطاه من كثر الضغوط)». وتابع السماحي: «هذه الأغنية تحمل معاني خطرة، فكأنها دعوة للشباب للجوء إلى المسكن أو المخدر، وتخيل شاباً عمره 18 سنة يستمع إلى هذه الأغنية فيعتقد أن من الطبيعي تناول المسكن أو المخدر لمواجهة الضغوط، وهو ما كنت أتمنى ألا يغنيها بهاء، ولا غيره، حتى شباب المهرجانات».

وبدأ بهاء سلطان مسيرته الفنية نهاية التسعينات من القرن الماضي، وشهدت أغنية «إحلف» التي قدمها من كلمات مصطفى كامل نجاحاً لافتاً، وقدم بعدها عدة ألبومات، من بينها «ياللي ماشي» و«3 دقائق» و«قوم أقف»، كما اشتهر بأكثر من فيديو كليب مثل «يا ترى» و«قوم أقف» بمشاركة تامر حسني، و«علّي بيحصل لي». كما شارك سلطان في تقديم الأغاني بعدد من المسلسلات والأفلام، من بينها مسلسلات «سوق الخضار» و«دوران شبرا» و«ولد الغلابة»، وأفلام «أنا مش معاهم» و«تحت تهديد السلاح» و«المطاريد».