ترمب يأمل بقمة مع كيم مطلع العام المقبل

ترمب يأمل بقمة مع كيم مطلع العام المقبل
TT

ترمب يأمل بقمة مع كيم مطلع العام المقبل

ترمب يأمل بقمة مع كيم مطلع العام المقبل

أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن أمله السبت بعقد قمة ثانية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، مطلع العام المقبل.
وقال ترمب للصحافيين الذين رافقوه في طائرة «إير فورس وان» الرئاسية من الأرجنتين، إن هناك «3 أماكن» مطروحة للاجتماع المرتقب استكمالاً لقمتهما التاريخية التي عقدت في سنغافورة في يونيو (حزيران). وقال ترمب الذي كان في بوينوس آيرس للمشاركة في قمة مجموعة العشرين: «أعتقد أننا سنعقد (قمة جديدة) قريباً نوعاً ما، في يناير (كانون الثاني) أو فبراير (شباط)، على ما أعتقد»، مؤكداً أن «علاقتنا جيدة»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وجاء تصريح ترمب، بعدما أجرى في العاصمة الأرجنتينية محادثات ثنائية مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، تركزت خصوصاً على التجارة، لكن الرئيس الأميركي أكد أن شي وافق على العمل معه «مائة في المائة» على الملف الكوري الشمالي.
ورداً على سؤال عما إذا كان مستعداً لاستقبال كيم في الولايات المتحدة، قال ترمب: «في مرحلة ما، نعم».
وفتح ترمب وكيم باب الحوار المباشر بينهما في يونيو (حزيران)، بعد أشهر من السجالات والتهديدات العسكرية المتبادلة.
ووقّع الزعيمان وثيقة مبهمة تتعلق بنزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية. لكن لم يتم إحراز أي تقدم مذاك، في ظل تناقض التفسيرين الأميركي والكوري الشمالي للوثيقة. ولم تقم بيونغ يانغ إلا بخطوات صغيرة باتجاه التخلي عن برامجها النووية والصاروخية.
وكان مقررا أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بمسؤول كوري شمالي رفيع مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن الاجتماع ألغي بشكل مفاجئ، بينما أصرت بيونغ يانغ على ضرورة تخفيف واشنطن العقوبات المفروضة عليها.
والجمعة، ناقش ترمب الوضع مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي - إن، على هامش قمة مجموعة العشرين. وأكّد الطرفان «التزامهما التوصل إلى نزع للسلاح النووي (الكوري الشمالي) بشكل نهائي وكامل، ويمكن التحقق منه»، وفق ما أفادت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز. واتفقا كذلك على ضرورة «الاستمرار في التطبيق الصارم للعقوبات القائمة، لضمان إفهام كوريا الشمالية أن نزع الأسلحة النووية هو المسار الوحيد» أمامها.
بدوره، رحّب مكتب مون بتصريحات ترمب بشأن قمة ثانية مع كيم. ونقلت وكالة «يونهاب» عن الناطق باسم الرئاسة الكورية الجنوبية، كيم آي - كيوم، قوله: «نأمل بأن يتم قريباً تحديد جدول أعمال ملموس و(التفاصيل) اللوجستية».
وبدأت الكوريتان إزالة الألغام وتدمير مستودعات تخزين السلاح في أجزاء من حدودهما المشتركة، في إطار الجهود الرامية لتحسين العلاقات المتوترة بينهما.
وبدأ البلدان كذلك العمل على ربط شبكتي السكة الحديد بينهما، وإصلاح شبكة حدودية أخرى.
ورغم تحسن العلاقات، فإنه لم يتضح بعد، إن كان كيم سيجري أول زيارة له إلى الشطر الجنوبي هذا العام كما تأمل سيول. ووافق كيم على زيارة سيول بعدما استضاف مون في بيونغ يانغ في سبتمبر (أيلول)، في ثالث قمة جمعتهما هذا العام.
لكن احتمالات عقد رابع لقاء بين مون وكيم تراجعت أخيرا، مع توقف المفاوضات المرتبطة بنزع سلاح كوريا الشمالية النووي. وخلال محادثاته مع ترمب في الأرجنتين، كسب مون بعض الدعم لقمة سيول من نظيره الأميركي، في محاولة على ما يبدو لحض كيم على الإيفاء بتعهده. وقال الزعيمان إن زيارة كيم لسيول «ستشكل زخماً إضافياً لجهودهما المشتركة لتحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية»، وفق ما أفاد المتحدث باسم الرئاسة الكورية الجنوبية يون يونغ - تشان.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟