مسلمو ميانمار العالقون في مخيمات يعانون الجوع والأمراض

طرد السلطات لممثلي «أطباء بلا حدود» ترك 700 ألف من الروهينغيا من دون أي رعاية صحية

إسعاف طفل من مجموعة الروهينغيا في سيتوري بميانمار (واشنطن بوست)
إسعاف طفل من مجموعة الروهينغيا في سيتوري بميانمار (واشنطن بوست)
TT

مسلمو ميانمار العالقون في مخيمات يعانون الجوع والأمراض

إسعاف طفل من مجموعة الروهينغيا في سيتوري بميانمار (واشنطن بوست)
إسعاف طفل من مجموعة الروهينغيا في سيتوري بميانمار (واشنطن بوست)

وضعت فتاة صغيرة حقيبة تبرعات تحتوي على أرز فوق رأسها، وهي تطلب المساعدة من أجل عائلتها المكونة من ثمانية أفراد، بينما كان الأطفال الآخرون يلعبون في برك مياه كريهة الرائحة ومليئة بالقمامة. وفي فصل ديني أقيم مسجد مؤقت. لم يكن أكثر من ثلث الأطفال قد تناولوا الطعام في ذلك اليوم، أو اليوم السابق.
وتقول الأمم المتحدة إن 135 ألف شخص من مسلمي مجموعة الروهينغيا لا يزالون عالقين في مخيمات على الساحل الغربي في ميانمار، بعد مرور عامين على تشريد الحكومة لهم، في أعقاب أحداث عنف أحرقت القرى وشردت الآلاف، وأسفرت عن مصرع أكثر من 200 شخص.
يجبر الروهينغيا، الذين يمثلون أقلية عرقية تتعرض للاضطهاد منذ فترة طويلة، على العيش كسجناء افتراضيين في أكواخ مؤقتة، يقتاتون على أكياس الأرز والحمص، والأسماك التي يتمكنون من صيدها من المحيط. ووصل الوضع إلى حالة مزرية إلى درجة أن 86 ألف شخص حاولوا الفرار عن طريق قوارب. واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، الحكومة بارتكاب حملة «تطهير عرقي».
وصرحت يانغي لي، مقررة الأمم المتحدة المختصة بحقوق الإنسان لدى ميانمار، السبت الماضي، بأن الوضع «بائس»، والقيود المفروضة على الحركة لها أثر سيئ للغاية على فرص الروهينغيا في الحصول على عمل أو خدمات المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم. وأضافت: «يستمر السكان المسلمون في مواجهة تمييز ممنهج ضدهم، يتضمن فرض قيود على الحركة، والدخول إلى الأراضي، والحصول على الطعام والخدمات من مياه وتعليم ورعاية صحية، وقيود أخرى على تسجيل الزواج والمواليد».
وازدادت الكارثة الإنسانية سوءا على مدار فصل الشتاء، بعد أن أوقفت حكومة ميانمار المساعدات التي تقدمها منظمة «أطباء بلا حدود» في المنطقة، مما ترك أكثر من 700 ألف شخص من دون رعاية صحية ملائمة، لكن الحكومة أعلنت، نهاية الأسبوع الماضي، أنه من الممكن عودة الأطباء. كما أجبرت أحداث العنف منظمات أخرى على إخلاء المكان.
ويقول موظفو المساعدات إنهم يرون ارتفاعا مزعجا في معدلات سوء التغذية بين الأطفال في الشهور الأخيرة، بسبب النزاعات المحلية المستمرة منذ فترة طويلة، التي منعت وصول المساعدات إلى الأمهات والنساء الحوامل، وعطلت الحصول على المياه والطعام وخدمات الصرف الصحي. ويقول برتراند باينفيل، ممثل «يونيسيف» في ميانمار: «ما شهدناه من مارس (آذار) إلى يونيو (حزيران) الماضيين هو ارتفاع كبير في حالات الإصابة بسوء التغذية الحاد. لقد وجدنا الأرقام تتضاعف، ولا نزال قلقين للغاية بشأن الوضع».
تنتشر مخيمات الروهينغيا على أميال ممتدة في ولاية راخين الغربية، ويقع بعضها بعيدا للغاية حتى إنه لا يمكن الوصول إليها سوى عن طريق القوارب. وفي بعض المخيمات، ظهرت بعض الأسواق الصغيرة، التي ترد إليها السلع بواسطة تجار من راخين في خارج المخيمات، من الجماعة العرقية ذاتها التي اشتبكت مع الروهينغيا طويلا.
يجري تجفيف السمك الذي يأتون به من مياه المحيط المجاورة على أعواد طويلة، ويزرع بعض السكان البذور التي يحصلون عليها من التبرعات بالقرب من أكواخهم، للتخفيف من حدة نقص الغذاء. وفي الغالب لا يسمح للروهينغيا بالمغادرة، لكن بعض السكان المجاورين لبلدة سيتوي يستطيعون الخروج في عربات تصاحبها حراسة إلى الحي المسلم المتبقي في البلدة.
يذكر أن مسلمي الروهينغيا يمثلون أقلية عرقية في ميانمار، التي تسودها غالبية من البوذيين في الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، ويسكنها 55 مليون نسمة.
وعلى مدى العقود الخمسة الأخيرة من الحكم العسكري في البلاد، اضطهدت الحكومة جماعة الروهينغيا وأجبرتها، وفقا لما صرح به خبراء حقوقيون، على تحمل أوضاع عمل شاقة والانتقال القسري والاغتصاب والتعذيب. ورغم أن الروهينغيا يقيمون في ميانمار منذ عقود، فإن قانون الجنسية الصارم الذي صدر عام 1982 جعل كثيرين منهم بلا جنسية، واستمرت الحكومة في عدّهم لاجئين من بنغلاديش. وفي العام الحالي، رفض عاملون في تعداد السكان إحصاء الأشخاص الذين يعدون أنفسهم من جماعة الروهينغيا.
انتاب يي هتوت، المتحدث الرسمي باسم رئيس ميانمار ثين سين، الغضب عندما استخدمت كلمة «روهينغيا» في لقاء معه. وصرح يي هتوت قائلا: «أود أن أشير إلى أن حكومة ميانمار وشعب ميانمار لا يقبلون بكلمة روهينغيا. نعترف بوجود بنغال مسلمين في بلادنا».
من جانبه، صرح فيل روبرتسون نائب مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» في آسيا، بأن الحكومة تنفذ سياسة «العزل الاجتماعي والاقتصادي للروهينغيا» منذ أعوام، خاصة منذ عام 2012. عندما وردت مزاعم بارتكاب ثلاثة رجال مسلمين جريمة اغتصاب ضد امرأة بوذية. ويقول روبرتسون إنه منذ ذلك الحين «بدأ المنحنى في الهبوط، فيما يتعلق بالخدمات الإنسانية والمساءلة. ويتجه الموقف إلى مزيد من السوء. لدينا نحو 140 ألف شخص في مخيمات للمشردين، بينما يوجد 40 ألفا آخرون محتجزون في قراهم لا يمكنهم الحصول على الغذاء أو الخدمات الطبية الملائمة».
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود، في بيان لها يوم الجمعة الماضية، أنها تشعر بـ«تفاؤل حذر»، بعد إعلان الحكومة المفاجئ عن إمكانية عودة الأطباء إلى المنطقة، بعد أن طردتهم منها في فبراير (شباط)، لعلاج ضحايا الاشتباكات التي وقعت في يناير (كانون الثاني)، وخلفت أكثر من 40 قتيلا من الروهينغيا. بيد أن البعض ينظر إلى هذه الأخبار بعين الشك، مشيرين إلى أنها قد تكون خطة دعائية تأتي قبل زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري المتوقعة، في أغسطس (آب) المقبل.
كانت منظمة أطباء بلا حدود هي الجهة الرئيسة التي تقدم الرعاية الصحية لأكثر من 700 شخص في ولاية راخين، وقد أسفر طرد فريقها المكون من 600 شخص، وإغلاق العيادات وسفر الفرق الطبية عن فجوة كبيرة. وعوضت الحكومة ذلك الفراغ بفريق متنقل مكون من مائة شخص. كان تأثير تعليق المساعدات هائلا؛ ففي أحد الأيام ذات طقس عالي الرطوبة خلف صيدلية مؤقتة في المخيم الواقع خارج سيتوي، وقف عشرات من الروهينغيا مصطفين للحصول على عدة أقراص من أدوية التبرعات. كانت بينهم أم كلثوم (30 عاما) التي كانت تحتضن ابنة شقيقتها حديثة الولادة، وهي تعاني من ارتفاع درجة الحرارة. كانت والدة الرضيعة تعاني من الاستسقاء طوال فترة حملها، وكانت تخضع لرعاية فريق «أطباء بلا حدود». وقال أحد السكان المحليين الذي كان يعمل مع الفريق الطبي إنه عندما طرد فريق المنظمة توقف العلاج. وفي الليلة التي أنجبت طفلتها، ظلت الأم تنزف حتى الموت.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



مناورات بحرية وجوية في تايوان بمواجهة الضغوط الصينية

طائرات تابعة للقوات الجوية التايوانية في سماء تايبيه (رويترز)
طائرات تابعة للقوات الجوية التايوانية في سماء تايبيه (رويترز)
TT

مناورات بحرية وجوية في تايوان بمواجهة الضغوط الصينية

طائرات تابعة للقوات الجوية التايوانية في سماء تايبيه (رويترز)
طائرات تابعة للقوات الجوية التايوانية في سماء تايبيه (رويترز)

أعلن الجيش التايواني أنه نشر، اليوم (الخميس)، مقاتلات وسفناً وأنظمة مضادة للصواريخ في إطار مناورات عسكرية، في حين أفادت وزارة الدفاع برصد منطادَين صينيَّين قرب الجزيرة.

وأعلنت قيادة سلاح الجو التايواني، في بيان، أن المناورات التي جرت باكراً في الصباح كانت تهدف إلى اختبار «آليات الاستجابة والاشتباك لوحدات الدفاع الجوي».

وجاء في البيان أنه «تم نشر أنواع مختلفة من الطائرات والسفن وأنظمة الدفاع المضادة للصواريخ بين الساعة 5.00 والساعة 7.00 صباحاً» (21.00 و23.00)، دون إضافة مزيد من التفاصيل، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويعود آخر تدريبات سلاح الجو التايواني إلى يونيو (حزيران)، بعد شهر من تولي الرئيس لاي تشينغ تي مهامه.

ويقوم لاي، الذي وعد بالدفاع عن الديمقراطية التايوانية بوجه التهديدات الصينية، والذي تصفه بكين بأنه «انفصالي خطير»، بأول زيارة له إلى الخارج اعتباراً من الثلاثاء، وفق ما أفادت الرئاسة.

ويتوجَّه الرئيس إلى جزر مارشال وبالاوس وتوفالو الصغيرة في المحيط الهادئ، ومن غير المستبعد أن يتوقف في الولايات المتحدة خلال جولته.

وتسعى تايوان لتعزيز علاقاتها مع آخر الحلفاء المتبقين لها، الذين يتراجع عددهم؛ بسبب ضغوط بكين التي تعارض أي محاولة لإعطاء تايبيه شرعية دولية.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم، أنها رصدت (الأربعاء) منطادَين صينيَّين على مسافة نحو 110 كيلومترات شمال غربي الجزيرة في منطقة دفاعها الجوي، وذلك بعدما رصدت في القطاع ذاته (الأحد) منطاداً صينياً مماثلاً كان الأول منذ أبريل (نيسان).

منطاد صيني (أرشيفية - أ.ب)

وتعدّ الصين تايوان جزءاً من أراضيها، وقالت إنها لا تستبعد استخدام القوة لإعادة الجزيرة إلى سيادتها. وفي السنوات الأخيرة زادت بكين ضغوطها العسكرية عبر إرسال طائرات حربية وطائرات دون طيار وسفن حول الجزيرة بشكل شبه يومي.

وتحوَّلت المناطيد الآتية من الصين إلى قضية سياسية مطلع عام 2023 عندما أسقطت الولايات المتحدة ما قالت إنه «منطاد تجسس».