في يوليو (تموز) 2017، جلست مع اللاعب الإنجليزي السابق سول كامبل في مطعم إيطالي قبالة «كينغز رود» في العاصمة البريطانية لندن. وكنت قد أجريت معه مقابلة شخصية في نفس المكان قبل ست سنوات. وقد استمر التواصل بيني وبين المدافع السابق لنادي آرسنال والمنتخب الإنجليزي، وكان لقاؤنا الأخير عبارة عن محادثة غير رسمية في فترة ما بعد الظهيرة الدافئة بأحد أيام الصيف الماضي.
وكان الأمر مفاجئاً بالنسبة إليّ عندما استغل كامبل الفرصة للحديث عن رغبته في أن يصبح مديراً فنياً. وتحدث كامبل في هذه المقابلة بذكاء منقطع النظير، وقال إنه يمتلك خبرات ومؤهلات تدريبية كبيرة، لكنه بكل بساطة لم يتمكن من الحصول على عمل في مجال التدريب، وقد شعر باليأس لدرجة أنه قال إنه مستعد للعمل في هذا المجال مجاناً ومن دون أي مقابل مادي. وقال كامبل: «أنا مستعد لذلك. إنني أحاول أن أبدأ في هذا المجال، وأنا بحاجة فقط إلى فرصة، أو حتى للجلوس في مقابلة مع مسؤولي أحد الأندية لكي أقول: تعاقدوا معي من دون مقابل وسوف أظهر لكم ما يمكنني القيام به».
وبعد 16 شهراً، حقق كامبل تقدماً كبيراً في هذا الإطار وتم تعيينه مديراً فنياً لنادي ماكسلسفيلد تاون، الذي يلعب في دوري الدرجة الرابعة في إنجلترا، بعقد يمتد لـ18 شهراً، كما أن كامبل لن يعمل مجاناً وسوف يحصل على راتب، من أجل مساعدة النادي على عدم الهبوط لدوري الدرجة الخامسة. وفي الحقيقة، لم يكن يتعين على كامبل أن يقول إنه مستعد للعمل من دون مقابل، لأنه بالنظر إلى ما يقوم به المديرون الفنيون في أماكن أخرى، كان من المفترض أن يحصل شخص مثل كامبل بخبراته الكبيرة على مثل هذه الفرصة في وقت أقرب من ذلك بكثير.
وفي الوقت الذي بدأ فيه ريان غيغز وجوي بارتون وفرانك لامبارد وستيفن جيرارد عملهم التدريبي في أماكن كبيرة وذات إمكانيات هائلة خلال الـ11 شهراً الماضية، كان كامبل يشعر بالإحباط بعد رفضه من قبل أندية مثل أكسفورد يونايتد، وغريمسبي وأولدهام، على الرغم من أن مؤهلاته وقدراته لا تقل بأي حال من الأحوال عن معاصريه من اللاعبين الذين أشرنا إليهم سابقاً.
وكان بارتون قد تولى تدريب نادي فليتوود تاون الذي يلعب في دوري الدرجة الثالثة في أبريل (نيسان) الماضي، على الرغم من إيقافه عن العمل في مجال كرة القدم لمدة 13 شهراً بسبب تورطه في الرهانات. واستأنف بارتون العمل في اليوم التالي مباشرة لانتهاء عقوبته، وقاد نادي فليتوود إلى المركز الثالث عشر في المسابقة، لكن ذلك الأمر لم يؤثر على الانطباع السائد بأنه عندما يتعلق الأمر بفرص العمل في مجال التدريب في هذا البلد، فإن الأمر يتوقف إلى درجة كبيرة على العلاقات وعلى أمور أخرى بعيدة عن كرة القدم.
ولكي ندرك حجم المشكلة، يتعين علينا أن ننظر إلى الأندية الـ92 في مسابقات المحترفين في هذا البلد ونحاول أن نعرف عدد المديرين الفنيين من السود والآسيويين والأقليات العرقية الأخرى الذين يعملون في الطواقم التدريبية لهذه الأندية. وقبل تعاقد كامبل يوم الثلاثاء الماضي، كان عدد المديرين الفنيين من السود والآسيويين والأقليات العرقية الأخرى هو سبعة: كريس هيتون في برايتون، ونونو اسبيريتو سانتو في وولفرهامبتون واندررز، ودارين مور في وست بروميتش ألبيون، وجوس لوهوكاي في شيفيلد وينزداي، وكريس باول في ساوث إند يونايتد، ودينو مامريا في ستيفنيج تاون، وكيث كيرل في نورثامبتون تاون. ورغم أن انضمام كامبل للعمل في مجال التدريب يعد أمراً مشجعاً في هذا الصدد، فمن المؤكد أن انتظار نجم المنتخب الإنجليزي السابق كل هذه الفترة الطويلة يعد أمراً محبطاً ومشيناً في حقيقة الأمر.
فقبل كل شيء، كان كامبل أحد أفضل اللاعبين في جيله ولعب تحت قيادة واحد من أكثر المديرين الفنيين المبدعين والناجحين في عصره، وهو المدير الفني الفرنسي آرسين فينغر، كما حصل على رخصة تدريبية من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ولديه خبرة في مجال التدريب على المستوى الدولي، حيث سبق له أن عمل كجزء من الطاقم التدريبي لمنتخب ترينداد وتوباغو في أثناء تصفيات كأس العالم 2018.
ورغم كل ذلك، لم يكن كامبل قادراً على تولي قيادة أي فريق، في الوقت الذي نرى فيه أشخاصاً ليس لديهم خبرات تُذكر معرضين للإيقاف يعملون في مجال التدريب من دون أي عوائق. وكما كتب جوناثان ليو، الكاتب الرياضي بصحيفة «إندبندنت» في الآونة الأخيرة عن الفرص التدريبية للسود والآسيويين والأقليات العرقية الأخرى في العمل في مجال التدريب بكرة القدم الإنجليزية: «أنت لست بحاجة إلى الحديث عن العنصرية، إذا كان الأمر يصبّ في مصلحتك من الأساس».
وتجب الإشارة إلى أنه لا توجد ضمانات على تحقيق كامبل النجاح مع نادي ماكسلسفيلد تاون، ولن أكذب عندما أقول إنه لدى بعض المخاوف بشأن القدرات الإدارية لكامبل. لقد كانت لقاءاتي معه، سواء في «كينغز رود» أو في أي مكان آخر، جيدة للغاية، لكنه كان يبدو هادئاً للغاية و«فاتراً»، إنْ جاز التعبير، وهو الأمر الذي يجعلك تتساءل عما إذا كان شخص بهذه الصفات سيكون قادراً على التعامل مع مجموعة من اللاعبين الذين يحتاجون إلى التشجيع والتحفيز المستمر، وإلى الشدة والحزم في أوقات أخرى.
وبالمثل، فإن ادعاء أن كامبل يمتلك شخصية غير تقليدية ربما لن تمكنه من النجاح في مجال التدريب هو ادعاء سخيف في حقيقة الأمر، وربما يحمل في طياته شيئاً من العنصرية، لأن امتلاك المرء شخصية غير تقليدية لم يمنع شخصا مثل أيان هولواي أو مدرب الأرجنتين وليدز يونايتد السابق مارسيلو بيلسا، على سبيل المثال، من الحصول على عمل في هذا البلد.
ومن المؤكد أن كامبل ليس بيلسا، أو حتى هولواي، لكن كامبل انتظر حتى وصل إلى عامه الرابع والأربعين لكي يبدأ مسيرته التدريبة بعد أن عزز مؤخراً سيرته الذاتية بالعمل مع المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً كجزء من مبادرة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لـ«السعي نحو تحقيق التقدم». ونأمل أن يكون كامبل قد تولى تدريب نادي ماكسلسفيلد تاون وهو يدرك جيداً حجم التحديات التي تواجهه وهو يتولى تدريب نادٍ لا يبتعد عن منطقة الهبوط إلا بسبع نقاط فقط وفي حاجة شديدة إلى مدير فني قادر على توجيه الفريق نحو الطريق الصحيح، خصوصاً أن النادي من دون أي مدير فني منذ أوائل شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وعلى الأقل، يمتلك كامبل اسماً كبيراً وتاريخاً حافلاً، بالإضافة إلى أن اثنين من المديرين الفنيين من أصحاب البشرة السمراء والعرقيات الأخرى –بول إنس وكيث ألكسندر– قد حققا نجاحاً وشعبية كبيرة مع نادي ماكسلسفيلد تاون من قبل. وكان كامبل قد صرح ذات مرة بأن «المواقف القديمة» في هذا البلد قد تجبره في نهاية المطاف على البحث عن العمل في مجال التدريب خارج إنجلترا، لكنه الآن حصل على فرصة العمل في هذه البلاد، ويتعين عليه أن يستغل هذه الفرصة جيداً.
جدير بالذكر أن الاستراتيجية، التي أطلقها الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في أغسطس (آب) الماضي -والتي بموجبها عمل كامبل المدافع السابق لآرسنال ضمن الجهاز التدريبي لمنتخب إنجلترا لكرة القدم تحت 21 عاماً- تهدف إلى توفير مجموعة من الفرص التي تتجاوز النوع والعرق عبر كل المجموعات السِّنية لمنتخبات إنجلترا للرجال والسيدات.
وجاء وضع تلك الاستراتيجية عقب انتقادات عنيفة وُجهت إلى الاتحاد الإنجليزي للعبة بسبب افتقاره إلى التنوع خصوصاً الانتقادات التي طالته من هيذر رابتس المدير غير التنفيذي السابق للاتحاد الإنجليزي وعضو مجلس الإدارة الذي استقال العام الماضي، متعللاً بالافتقار إلى التقدم على هذا الصعيد.
وقال دان اشوورث المدير الفني للاتحاد الإنجليزي: «بينما ندرك أن كرة القدم الإنجليزية أمامها طريق طويل يجب أن تقطعه لتعزيز التنوع عبر الوسط التدريبي، فإن هذه تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح. هناك الكثير من المدربين الموهوبين الذين يحتاجون إلى الفرصة فقط». ويواجه كامبل، الذي لعب لتوتنهام هوتسبير وآرسنال وشارك في 73 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي، مهمة صعبة في ماكسلسفيلد الذي يحتل المركز الأخير في الدوري بعد انتصارين فقط في 19 مباراة.
كامبل يحصل على فرصة في مجال التدريب بعد سنوات من الانتظار
مدافع إنجلترا السابق وجد صعوبة في العمل مديراً فنياً بسبب بشرته السمراء
كامبل يحصل على فرصة في مجال التدريب بعد سنوات من الانتظار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة