إرهاب المتطرفين واليمين المتشدد أبرز التهديدات التي تواجهها بلجيكا

5 % من المساجين يواجهون خطر الوقوع في براثن التشدد

TT

إرهاب المتطرفين واليمين المتشدد أبرز التهديدات التي تواجهها بلجيكا

حدد تقرير لإدارة أمن الدولة في بلجيكا، أبرز التهديدات التي تواجهها البلاد، التي سبق وتعرضت لهجوم إرهابي كبير قبل عامين، وعقب ذلك عمليات طعن ودهس في أماكن متفرقة. وقال التقرير إن «الإرهاب إسلامي الطابع» ما زال على قائمة التهديدات المحدقة بالبلاد، رغم «تصاعد خطر اليمين المتطرف والأنشطة الخارجية المعادية».
جاءت هذه القائمة من التهديدات في تقرير، هو الأول من نوعه منذ سنوات تنشره إدارة أمن الدولة في بلجيكا للحديث عن ماهية الأخطار التي تتعرض لها البلاد. وأعلن المدير العام لأمن الدولة جاك ريس أن التقرير الذي يغطي عامي 2017 - 2018، سيكون سنوياً من الآن فصاعداً للحفاظ على مبدأ الشفافية. ويلمح التقرير إلى وجود روابط واضحة، مدعمة بدلائل علمية وعملية تفيد بأن التطرف يرتبط بشكل ما بالإرهاب، وأن الأشخاص الذين يدافعون بشكل راديكالي عن أفكار سياسية أو اجتماعية أو دينية لن يتورعوا عن اللجوء إلى العنف في مرحلة ما من مسيرتهم. وهذا «لا ينطبق فقط على الذين يدافعون عن رؤية متشددة للإسلام، بل أيضاً على من يدعمون أفكاراً يمينية أو يسارية وعلى كل من يستخدم العنف للوصول إلى هدف سياسي».
وحول العوامل التي تؤدي إلى تحول شخص من عالم الجريمة إلى عالم الإرهاب والتطرف الديني، يسلط التقرير الضوء على ما يجري في السجون، إذ إن 4.5 في المائة من المساجين يواجهون خطر الوقوع في براثن التشدد الديني عبر الاحتكاك مع غيرهم. وتعمل وحدة متخصصة تابعة لإدارة أمن الدولة على مراقبة ظاهرة التطرف في السجون البلجيكية منذ عدة سنوات. كما تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دوراً في تحول الأشخاص، خصوصاً أصحاب السوابق منهم، إلى التطرف والعنف، ما يعني بحسب إدارة أمن الدولة أن هذه المواقع تمثل تحدياً أكثر منه فرصة. ويشير التقرير إلى وجود أدوات تقنية وفنية متطورة بحوزة الإدارات المتخصصة للتعامل مع هذا الأمر. وتكمن مشكلة التهديد الإرهابي في البلاد حالياً الذي يصعب التنبؤ به في وجود ما بات يُعرف بـ«الذئاب المنفردة»، وهم أشخاص غير معروفين لدى أجهزة الأمن ويقومون بأعمال إرهابية بسيطة الإعداد ومحلية الطابع.
يذكر أنه أخيراً حصلت أجهزة الاستخبارات الأمنية والعسكرية في بلجيكا على نظام جديد «سوفت وير» يضم برامج تقنية جديدة، تجعلها قادرة على الوصول إلى تفاصيل دقيقة بشأن معلومات في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أظهرت الملفات ذات الصلة بالإرهاب خلال السنوات الأخيرة أن تلك المواقع كان لها دور كبير في تطرف الأشخاص وتسهيل اتصالات بين المتورطين في قضايا الإرهاب والتطرف، وذلك وفق ما جاء في دراسة أجرتها جامعة غنت بالتعاون مع جامعة لوفان، وكلتاهما في بلجيكا. وقالت انغريد فان دايلي المتحدثة باسم جهاز أمن الدولة البلجيكي، إن البرامج الجديدة سوف تسهل البحث والوصول إلى المعلومات بشكل أكثر كفاءة، حيث سيتم عبر البرامج الجديدة تصفية حركة المرور عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«إنستغرام» و«تويتر» واستخلاص المعلومات منها، خصوصاً أن كثيراً من المتطرفين كانوا يستخدمون هذه الشبكات للتواصل فيما بينهم.
وقد سعت الأجهزة الأمنية والاستخباراتية إلى الحصول على هذه البرامج بعد بضعة أشهر من وقوع تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) 2016 التي أسفرت عن مقتل 32 شخصاً وإصابة 300 آخرين، وبعد أن حصلت عليها وجرت عمليات التدريب للمتخصصين في التطبيقات المختلفة، استغرق الأمر فترة لحصول الأجهزة على أدوات وآلية جديدة للبحث والتوصل إلى أدق التفاصيل التي تتعلق ببعض المواقع وبحركة التواصل الاجتماعي.
ويفرد التقرير فصلاً كاملاً حول التدخل الخارجي، موضحاً أن إدارة أمن الدولة تمتلك دلائل على قيام مختلف أجهزة الاستخبارات الصينية بأنشطة داخل البلاد، وذلك بـ«التستر» وراء شركات ووسائل إعلام ومنظمات غير ربحية ومراكز دراسات. أما عن سبب اهتمام الصين ببلجيكا، فيقول التقرير إن بكين كانت دائماً مهتمة بما يجري في أوروبا لأسباب اقتصادية وسياسية وأمنية، ولذلك تشكل بلجيكا أولوية بالنسبة لها باعتبار أن البلاد تحتضن المؤسسات الأوروبية ومقر حلف شمال الأطلسي.
أما التهديد الجديد - القديم، بنظر إدارة أمن الدولة، فيأتي من تيارات اليمين المتطرف، إذ إن آيديولوجية هذا التيار تتطور وتتحول في البلاد كما في كل أنحاء أوروبا حالياً، كما تتم إعادة إنتاج بعض النظريات القديمة، التي تنشر أفكاراً متطرفة متعلقة بالهوية والعرق. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقرر توسيع لائحة الإرهاب، التي تصدر عن مركز تحليل المخاطر الإرهابية وإدارة الأزمات في بلجيكا، ولن تقتصر فقط على المتشددين أو الذين تورطوا في الذهاب إلى مناطق الصراعات في سوريا والعراق للقتال في صفوف «داعش»، وتقرر إضافة 16 شخصاً من أنصار اليسار المتشدد في البلاد، بالإضافة إلى 7 أشخاص من أنصار اليمين المتشدد.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.