تسمم غامض يجتاح مدينة في جنوب ليبيا

وفاة اثنين وإصابة المئات وذعر بين المواطنين

صورة من موقع «تويتر» لمواطن يداوي طفلته في مستشفى غات
صورة من موقع «تويتر» لمواطن يداوي طفلته في مستشفى غات
TT

تسمم غامض يجتاح مدينة في جنوب ليبيا

صورة من موقع «تويتر» لمواطن يداوي طفلته في مستشفى غات
صورة من موقع «تويتر» لمواطن يداوي طفلته في مستشفى غات

زاد مرض غامض اجتاح مدينة غات، الواقعة في الصحراء الغربية الليبية، على الحدود مع الجزائر، من معاناة المواطنين، الذين يشكون الإهمال الحكومي، والإقصاء السياسي، وسط انتشار حالة من الذعر بين مواطنيها، بعد وفاة طفلين بعُمرَين مختلفين، نتيجة تسمم أصاب أكثر من 500، دون معرفة أسبابه.
وتوافد مئات المواطنين، بينهم أطفال ونساء، على مستشفى غات المركزي، أمس، غالبيتهم جاؤوا محمولين في سيارات، يشتكون من أعراض تسمم، مصحوبة بقيء وإسهال شديدين، بينما أكد أحد المسؤولين بالمستشفى لـ«الشرق الأوسط»، أن الأسباب غير معروفة إلى الآن؛ لكن الفريق الطبي يعمل على إسعاف المرضى بالمحاليل والغسيل المعوي.
وأصدر المستشفى، الذي يفتقد إلى كثير من الإمكانات، بيانات متتالية، تتحدث عن ازدياد أعداد المرضى، وسط حالة عجز عن كشف أسباب المرض. وقال: «ما زال المرضى يتوافدون على المستشفى، ويبلغ عددهم منذ بداية نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 26 من الشهر نفسه، حسب سجلات عيادات الباطنة والأطفال، 460 حالة، من بينهم 110 أطفال».
وأضاف أمس: «ما زالت عملية جمع عينات مصابي الإسهال مستمرة بالمستشفى، وتتم إحالتها إلى المركز الوطني لمكافحة الأمراض السارية بطرابلس، لمعرفة الحقيقة في الأيام المقبلة»، مشيراً إلى أن الشؤون الطبية بالمستشفى تؤكد أن أسباب المرض غير معروفة لديهم.
واشتكى المستشفى من ضعف الإمكانات بالمختبرات الخاصة به، ومن أن الافتقار للمواد اللازمة حال دون الكشف المبكر لمسببات المرض الذي أصاب أعداداً كبيرة من المواطنين، رغم مساعٍ مسبقة للاستعانة بالمراكز الطبية القريبة.
وقال ميلودي أبو فارس، والد لثلاثة مصابين بالمرض، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن أولاده نقلوا إلى المستشفى، الثلاثاء الماضي، وإلى الآن حالتهم غير مستقرة، متابعاً: «الدكاترة يقولون لنا: نحن في انتظار نتيجة التحاليل من مركز الأمراض السارية، في طرابلس، وهذه مسألة تحتاج بعض الوقت».
يأتي ذلك في وقت تواصل شركة النظافة بغات حملة لرش مبيدات الحشرات بالبلدية، لمكافحة الحشرات، للوقاية من انتشار الأمراض.
وباتت غات، التي كانت مقصداً سياحياً في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي لما تتمتع به من مظاهر ساحرة، في طي النسيان، وتشتكي من نقص الخدمات الحكومية.
وسبق أن نظم أهالي غات، بالمشاركة مع المجلس الاجتماعي بالمدينة، وقفة احتجاجية للمطالبة بتوفير الوقود والمحروقات، وقالوا إنهم يشترونه من السوق السوداء، بأسعار مضاعفة.
وقال مدير الشؤون الطبية بمستشفى غات العام، عبد الغني سعيد، أمس، إن حالات التسمم الغذائي في ازدياد للأسبوع الثالث، وإن المرضى «تبدو عليهم أعراض إسهال وقيء ومغص، وبعضها مصحوب بارتفاع في درجات الحرارة؛ لكن حتى الآن لم تحدد الأسباب الحقيقية التي كانت وراء التسمم، رغم أننا وضعنا عدة احتمالات، منها اختلاط مياه الشرب بالآبار السوداء، والسلمونيلا والأميبا».
وأضاف سعيد وفقاً لـ«بوابة الوسط» الإلكترونية، أنه «تم تسجيل حالتي وفاة: لرضيع يبلغ من العمر ستة أشهر، وطفل أربع سنوات»، مما زاد من انتشار الذعر الشديد بين المواطنين، وانتهى إلى أن حالات التسمم «سجلت ارتفاعاً في غات المدينة والعوينات، وانخفاضاً في البركت وتهالا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.