حوار سوري ـ سوري بريف الرقة في مناطق سيطرة التحالف الدولي

TT

حوار سوري ـ سوري بريف الرقة في مناطق سيطرة التحالف الدولي

بدأت في بلدة عين عيسى، الواقعة على بعد 50 كيلومتراً شمال مدينة الرقة السورية، فعاليات مؤتمر الحوار السوري - السوري، في دورته الثانية، بمشاركة كثير من القوى والشخصيات السياسية المعارضة، بدعوة من «مجلس سوريا الديمقراطية»، الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وقالت أمينة عمر، الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «أهمية الحوار تأتي من انعقاده على أرض سورية، بمشاركة شخصيات وطنية من المعارضة يؤمنون بأن الحل الأمثل للأزمة السورية يأتي من الداخل، بمشاركة جميع مكونات وأبناء الشعب السوري».
وعن تزامن انعقاد حوار عين عيسى مع مسارات مؤتمر آستانة، نوَّهَت أمينة عمر بأنّ اجتماع اليوم «مكمِّل للاجتماع الأول الذي عقد قبل 3 أشهر، وأشرنا بالبيان الختامي آنذاك إلى تشكيل لجنة متابعة، مهمتها التواصل مع القوى الوطنية، من أجل عقد لقاءات حوارية بشكل دوري».
من جانبه، استبعد شاهوز حسن رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، أن يكون الحوار السوري المنعقد في بلدة عين عيسى له علاقة بالمفاوضات التي جرت مع النظام السوري صيف العام الحالي، وقال: «يمكن للحوار في عين عيسى لعب دور للوصول إلى أرضية مشتركة للدعوة إلى حوار سوري شامل تحضره كل أطياف المعارضة بخطاب موحد، وبمشاركة النظام السوري».
ويشارك في المؤتمر إلى جانب الأحزاب والتيارات المنضوية تحت جناح «مجلس سوريا الديمقراطية»، كل من تيار «طريق التغيير السلمي» برئاسة المعارض السوري فاتح جاموس، و«منصة موسكو» و«الهيئة النسوية القيادية في سوريا» ممثلة بالمعارضة وعد قنوع، و«هيئة التنسيق - حركة التغيير الديمقراطي» بمشاركة علي السعد وخلف الداود، و«التيار الرابع» و«الكتلة الوطنية الديمقراطية»، والحزب التقدمي الكردي بمشاركة القيادي مصطفى حنيفة، وحضور غياث نعيسة من تيار اليسار الثوري في سوريا.
وقال باسل كويفي، رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية، عن سبب انعقاد المؤتمر في منطقة عين عيسى بمحافظة الرقة: «لكونها تحرّرت من قبضة عناصر (داعش)، وهي أرض سورية، فنعمل من أجل إنجاح حوار سوري - سوري»، واتَّهم الدول الفاعلة في الحرب السورية حيث إن تضارب مصالحها أدَّى إلى تعقيد حل الأزمة، وقال: «فمنذ بداية الأزمة ونحن نطالب بحل سياسي شامل بعد فشل الرهان على الحل العسكري»، وأضاف: «نأمل من هذا الاجتماع إعادة الثقة بين السوريين، وحل الملفات الشائكة كالإفراج عن المختفين والمعتقلين والعمل على عودة اللاجئين والمهجَّرِين السوريين، ووضع حدّ لهذه الحرب المستَعِرة».
فيما أشار غياث نعيسة الناطق الرسمي باسم تيار اليسار الثوري إلى أنَ ما يميِّز اللقاء الثاني لحوار عين عيسى «أنه مسار مستقل خاص بالسوريين، يرسم ملامح النظام السياسي بأيادي وطنيَّة واكتشاف مساحة مشتركة للعمل فيما بينها. أما المسارات الثانية في آستانة وسوتشي فتتم برعاية دول فاعلة في الحرب السورية».
واستمر الحوار الذي حمل شعار «بناء وتقدم»، يومَي 28 و29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بحضور 100 شخصية مشاركة ناقشوا المسألة الإنسانية في الأزمة السورية، وشكل الحَوكمة وتبنِّي أنموذج اللامركزية الديمقراطية المطبَّق من طرف واحد في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية شمال وشرق نهر الفرات.
أما بسام إسحاق ممثل «مجلس سوريا الديمقراطية» في واشنطن، فنَفَى انعقاد الحوار بدعوة أو طلب من التحالف الدولي أو الولايات المتحدة الأميركية، وانتقدَ تهميش المجلس من مسارات آستانة وجنيف، وقال: «أغلب الأحزاب والشخصيات المشاركة تتقاطع في التطلُّعات والرؤيا المستقبلية للدولة السورية. لا أستعبد توحيد هذه الجهود تحت مسمَّى كتلة سياسية أو كيان معبِّر عنها للتمثيل في الاجتماعات والمحافل الدولية».
بدورها، قالت إليزابيت كوريَّة، نائبة الرئاسة التنفيذية للإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا: «إن هدف هذه الحوارات لتوحيد خطاب أقطاب المعارضة السورية، ونرى أن الحل الأمثل لسوريا المستقبل أن يكون النظام السياسي تعدّدياً لامركزياً ديمقراطياً، للعيش بحرية وكرامة على أساس العدالة الاجتماعية».
كما ناقش الحضور المسألة الاقتصادية وشكلها الأمثل لسوريا المستقبل وتوزيع الثروات بشكل عادل بين الأقاليم والمركز، وطرح المجتمعون الدستور السوري ومبادئه الأساسية والشكل الأنسب لنظام الحكم، وقضية المرأة ودورها في الحل والاستقرار السوري، وآليات توحيد المعارضة الديمقراطية العلمانية.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.