مجلس الأمن يطالب وقف إطلاق نار غير مشروط طيلة العيد وما بعده

دعا إلى التفاوض وفقا للمبادرة المصرية.. وكي مون ينتقد طرفي النزاع

ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور في مؤتمر صحافي عقب انتهاء اجتماع مجلس الأمن في نيويورك مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور في مؤتمر صحافي عقب انتهاء اجتماع مجلس الأمن في نيويورك مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

مجلس الأمن يطالب وقف إطلاق نار غير مشروط طيلة العيد وما بعده

ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور في مؤتمر صحافي عقب انتهاء اجتماع مجلس الأمن في نيويورك مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور في مؤتمر صحافي عقب انتهاء اجتماع مجلس الأمن في نيويورك مساء أول من أمس (إ.ب.أ)

حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومجلس الأمن الدولي إسرائيل والفلسطينيين على وقف إطلاق النار فورا وإنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة والتي دخلت أمس يومها الـ21. وطالبا بهدنة فورية خلال أيام العيد «وما بعده» لوقف نزيف الدم في القطاع. غير أن الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، وجها انتقادات لمجلس الأمن لأسباب مختلفة.
ووجه كي مون انتقادات لطرفي النزاع، وقال أمس إن العقبة التي تحول دون توقف القتال بين إسرائيل وحركة حماس في غزة هي «الإرادة السياسية». وأضاف في حديث للصحافيين أن «المسألة خاصة بإرادتهما السياسية. عليهما أن يظهرا إنسانيتهما كقيادتين إسرائيلية وفلسطينية.. لماذا تعرض هاتان القيادتان شعبيهما للقتل على يد الآخرين.. هذا سلوك يفتقر للمسؤولية وخاطئ أخلاقيا»، حسبما أوردته وكالة رويترز.
وطالب بهدنة فورية بين الإسرائيليين والفلسطينيين قائلا إنه من الضروري أن يكون الهدف من وراء هذه الهدنة «وقف دائم لإطلاق النار كقاعدة لمفاوضات شاملة».
وخلال تصريحات أدلى بها في نيويورك، دعا كي مون المسؤولين إلى تجنب جميع الاستفزازات والعنف ضد المدنيين «في ظل سقوط مئات القتلى الفلسطينيين بالفعل في غزة وفي ظل هذا الحجم المفزع من عمليات الدمار». ورأى أن على الإسرائيليين والفلسطينيين التحدث بشأن «جذور النزاع» بينهما، وقال: «هذا هو الطريق الوحيد لخرق هذه الدوامة اللانهائية من العنف والآلام، إن ذلك يعني إنهاء الحصار على قطاع غزة وإنهاء الاحتلال الذي استمر قرابة نصف قرن» للضفة الغربية.
وكان المتحدث باسم كي مون قال لاحقا في بيان إن طرفي الصراع في غزة «عبرا عن استعدادهما الجاد» لتلبية طلبه لهدنة إنسانية أخرى لمدة 24 ساعة لكن «لم يتفق بعد على توقيت تنفيذها». وأضاف: «يدعو الأمين العام الطرفين إلى تجديد وقفة إنسانية في غزة ويكرر طلبه لوقف إطلاق النار الدائم الذي من شأنه أن يمهد الطريق لبدء مفاوضات شاملة».
وجاء ذلك غداة دعوة مجلس الأمن الدولي، حسب بيان رئاسي أقره بالإجماع مساء أول من أمس، إلى «وقف إطلاق نار إنساني فوري وغير مشروط» في قطاع غزة. وحضت الدول الـ15 خلال اجتماع طارئ في نيويورك إسرائيل وحماس على «التطبيق الكامل» لوقف إطلاق النار طيلة أيام عيد الفطر «وإلى ما بعده».
كما دعت طرفي النزاع إلى «الاحترام التام للقانون الدولي الإنساني وخصوصا ما يتعلق منه بحماية المدنيين»، إضافة إلى بذل كل ما في وسعهما من أجل «تطبيق وقف إطلاق نار دائم يحترم بالكامل بناء على المبادرة المصرية» للوساطة. وأشارت الدول إلى «ضرورة تقديم مساعدة إنسانية فورية إلى السكان الفلسطينيين في قطاع غزة» ولا سيما من خلال زيادة المساهمات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وبعد ثلاثة أيام على القصف الدامي الذي استهدف مدرسة تابعة للأونروا في قطاع غزة شدد مجلس الأمن على «وجوب احترام المنشآت المدنية والإنسانية وبينها منشآت الأمم المتحدة وحمايتها ويدعو جميع الأطراف إلى التصرف بناء على هذا المبدأ». وأخيرا حض «البيان الرئاسي» الذي تلاه رئيس المجلس لشهر يوليو (تموز) سفير رواندا اوجين - ريشار غاسانا «الأطراف والأسرة الدولية على التوصل إلى سلام شامل» في الشرق الأوسط مبني على حل الدولتين (إسرائيل وفلسطين) تعيشان جنبا إلى جنب بسلام.
وعدت الدول الأعضاء الـ15 نص البيان ووافقت عليه وأصر الأردن العضو العربي الوحيد في المجلس على أن يقر رسميا من دون تأخير.
غير أن القرار لم يرض الفلسطينيين ولا الإسرائيليين، إذ أعرب ممثل فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور إثر الجلسة عن أسفه لاكتفاء المجلس بإصدار بيان رئاسي بدل قرار. وقال للصحافيين: «كان يجدر بهم إصدار قرار منذ وقت طويل يدين هذا العدوان ويدعو إلى وقفه الفوري» مؤكدا «سنواصل دق أبواب المجلس» الذي اتهمه بـ«التلكؤ».
وقال: «لا يمكن إبقاء 1.8 مليون شخص محتجزين في هذا السجن الكبير» الذي تحول إليه قطاع غزة.
من جهته، أسف السفير الإسرائيلي رون بروسور لكون القرار «لا يأتي على ذكر حماس ولا يأتي على ذكر إطلاق الصواريخ» مؤكدا أنه «حين تتساقط الصواريخ عليكم، من حقكم الدفاع عن أنفسكم».
ولفت نائب السفير الأردني محمود حمود إلى أن البيان هو «أول وثيقة» رسمية تصدر عن المجلس حول غزة منذ قرار يعود إلى العام 2009. مبديا أمله في أن «يساهم في وضع حد للهجوم الإسرائيلي وإعادة السلام والأمن».
وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دعوة مجلس الأمن لهدنة إنسانية فورية في غزة قائلا: إنها «تلبي احتياجات» نشطاء حماس. ونقل مكتب نتنياهو عن رئيس الوزراء قوله للأمين العام للأمم المتحدة إن بيان مجلس الأمن «يتعلق باحتياجات جماعة إرهابية تهاجم المدنيين الإسرائيليين ولا يلبي احتياجات إسرائيل الأمنية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.