في وسط الأوضاع المتوترة عالمياً، ستشهد قمة العشرين مصالحة رمزية. فبعد 36 عاماً على حرب الفوكلاند ستكون تيريزا ماي أول رئيسة وزراء بريطانية تتوجه إلى بوينس آيرس. وبعد عشر سنوات من انعقاد القمة الأولى تواجه التعددية صعوبات بسبب شعار «أميركا أولاً» الذي رفعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب وانتخاب قادة شعبويين في إيطاليا والبرازيل وغيرهما، وكذلك قرار خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي (بريكست). ولم يعد هناك توافق على أي نوايا حسنة حتى لو كانت مبهمة جداً، وهذا ينطبق خصوصاً على مكافحة الاحترار التي تنوي فرنسا الدفاع عنها في بوينس آيرس قبل أن يفتتح في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) مؤتمر المناخ الكبير في بولندا. ولن ينجح الرئيس إيمانويل ماكرون بالتأكيد في كسب تأييد دونالد ترمب الذي أدان اتفاق باريس، ويشكك باستمرار في مفهوم ارتفاع حرارة الجو.
ويبدو أن اللقاء بينهما سيكون فاتراً بعد تغريدة ساخرة للرئيس الأميركي حول تراجع شعبية نظيره الفرنسي.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الأميركي دونالد ترمب على هامش القمة هذا الأسبوع مع ازدياد حدة التوترات بين موسكو من جهة والدول الأوروبية والولايات المتحدة من جهة أخرى بسبب الأزمة الأوكرانية.
وقال بوتن إنه يأمل بلقاء ترمب، الذي صرح الثلاثاء بأنه قد يلغي الاجتماع بسبب احتجاز روسيا ثلاث سفن تابعة للبحرية الأوكرانية مطلع الأسبوع، لكن الكرملين قال أمس (الأربعاء)، إنه يعتقد أن الاجتماع لم يلغ. وقال بوتين في منتدى مالي في موسكو أمس «آمل أن أتمكن من التحدث مع ترمب في الأرجنتين... آمل أن نتمكن من بحث الحواجز التجارية. سلوك ترمب بشكل عام إيجابي». وأعلن الكرملين، الأربعاء، أن اللقاء المرتقب «قيد التحضير». وقال ديمتري بيسكوف للصحافيين، الأربعاء: إن «التحضير للقاء مستمر. لقد تم الاتفاق على عقد اللقاء. لا نملك أي معلومات أخرى من زملائنا الأميركيين». وتابع بيسكوف: «ذلك رهن بما يعتبره (ترمب) عدواناً. فإذا كان يعتبر تحرك السفن الحربية الأوكرانية عدواناً، فهذا شيء. يمكننا مناقشة ذلك لتحديد ما إذا كان عدواناً أم لا». وأضاف: «أما إذا كان يعتبر تحرك خفر السواحل الروسي لوقف محاولة انتهاك الحدود الروسية، عدواناً، فهذا شيء آخر. نحن لسنا موافقين على ذلك».
وكان ترمب قال في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»: إن «هذا العدوان لا يروق» له، مضيفاً: «ربما لن أجري هذا اللقاء» مع بوتين. وعلى هذه الخلفية هدد الرئيس الأميركي بإلغاء لقاء ثنائي مع نظيره الروسي. وقال ترمب، إنه ينتظر تقييماً من مستشاريه للأمن القومي حول الوضع الأوكراني، ستكون النتائج التي يتوصلون إليها «حاسمة». وصرح ترمب «قد لا أعقد هذا اللقاء» مع بوتين. لكن الكرملين أعلن، الأربعاء، أن التحضيرات لعقد هذا اللقاء لا تزال جارية. وفي بوينس آيرس سيلتقي بوتين الأوروبيين أيضاً الذين يدينون هذا التصعيد.
وصرحت المتحدثة باسم الرئاسة سارة ساندرز، بأن «الرئيس والوفد سيجريان محادثات مع الكثير من القادة، تشمل لقاءات ثنائية مع رئيس الأرجنتين ورئيس روسيا ورئيس الوزراء الياباني والمستشارة الألمانية، إضافة إلى عشاء عمل مع الرئيس الصيني». وسيجتمع ترمب أيضاً برؤساء تركيا والهند وكوريا الجنوبية، بحسب ما أوضح مستشاره للأمن القومي جون بولتون. ويلتقي رؤساء دول وحكومات القوى العشرين الأولى في العالم، هي 19 دولة والاتحاد الأوروبي، تشكل 85 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، الجمعة والسبت في بوينس آيرس.
وسينتشر أكثر من 22 ألف شرطي أرجنتيني لضمان أمن القمة التي تعقد في بلد يشهد أزمة اقتصادية جديدة. قمة العام عام الماضي نظمت في هامبورغ بألمانيا، وشهدت أعمال عنف على هامشها. وقال فرنسوا هيسبورغ، المستشار في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «الموضوع الذي فرض نفسه للتو هو قضية بحر آزوف». ورداً على هذا الحادث، فرضت أوكرانيا، وهي ليست عضواً في مجموعة العشرين، حالة الطوارئ.
وعلى الصعيد التجاري، ينتظر هيسبورغ ليرى «ما إذا كانت الصين ستتصدى» لترمب الذي تبنى في الأيام الأخيرة مواقف متباينة منها. ويفترض أن يجري الرئيس الأميركي محادثات مع نظيره الصيني شي جينبينغ على هامش القمة، الذي يعتبر اللقاء الثاني المهم في قمة العشرين.
وبعدما هزّ التصعيد الذي تمثل بإجراءات جمركية انتقامية بين بكين وواشنطن، الاقتصاد العالمي، كرر ترمب الاثنين تهديده بفرض رسوم على كل البضائع المستوردة في الولايات المتحدة. لكنه عاد الثلاثاء وقال: إنه يرى «فرصة جيدة» للتوصل إلى اتفاق مع بكين ببعض الشروط. وكانت قمة التعاون الاقتصادي لآسيا المحيط الهادي انتهت في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) بمأزق، بلا إصدار بيان ختامي، بعد مناقشات صاخبة بين الممثلين الأميركيين والصينيين.
وصرح وزير الخارجية الأرجنتيني، خورخي فوري، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن المشاركين سيحرصون في البيان الختامي على الدعوة إلى رؤية «منطقية وإيجابية» للتجارة. لكن الوضع يبدو بعيداً عن الوحدة المعلنة التي اختتمت بها قمة مجموعة العشرين الأولى في واشنطن في 15 نوفمبر 2008. وقد أشاد البيان الختامي بـ«التعددية» لتأمين «الرخاء» لعالم كانت تهزه أزمة مالية. وعلى جانب آخر، قال مسؤولون: إن رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، والرئيس الصيني سيلتقيان على هامش القمة للبناء على دفء العلاقات بين البلدين بعد مواجهة عسكرية على الحدود بينهما العام الماضي. وسيشارك جيشا البلدين في تدريبات مشتركة هذا العام بهدف بناء الثقة بعد المواجهة التي استمرت 73 يوماً في منطقة من الحدود عند جبال الهيمالايا، وأثارت المخاوف من نشوب حرب. وقال وزير الخارجية الهندي، فيجاي جوخال، للصحافيين: إن اجتماع مودي وشي في الأرجنتين سيكون اللقاء الرابع بينهما هذا العام.
وأضاف: «تقرر أن ينتهزا الفرصة أينما ووقتما تسنى أن يلتقيا. يمكنهما بحث القضايا التي تدور برأس أي منهما أو القضايا ذات الاهتمام المشترك». وإلى جانب الخلاف الحدودي طويل الأمد، يتنافس البلدان كذلك على النفوذ في المحيط الهندي ويتنازعان بشأن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها شي.
قمة العشرين يسودها التوتر بعد عشر سنوات على اجتماعها الأول
توقع اجتماعات ثنائية بين رؤساء الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند
قمة العشرين يسودها التوتر بعد عشر سنوات على اجتماعها الأول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة