دهشور الأثرية تحكي تاريخ بناء الأهرامات

بعثات لكشف كنوزها المدفونة... ومخاوف من الحفر خلسة

منطقة دهشور الأثرية في مصر (وزارة الآثار)
منطقة دهشور الأثرية في مصر (وزارة الآثار)
TT

دهشور الأثرية تحكي تاريخ بناء الأهرامات

منطقة دهشور الأثرية في مصر (وزارة الآثار)
منطقة دهشور الأثرية في مصر (وزارة الآثار)

في الجهة الغربية من النيل، وعلى بعد 71 كيلومتراً من هضبة الجيزة، تقع منطقة دهشور الأثرية. وهي جزء من جبانة منف الممتدة من الجيزة شمالاً، وصولاً إلى هرم ميدوم في بني سويف جنوباً، وتحكي دهشور تاريخ تطور العمارة المصرية، خاصة بناء الأهرامات، وعلى الرّغم من أهميتها التاريخية، فإنّ كثيراً من كنوزها وأسرارها ما زال مختبئاً تحت الرّمال ينتظر أيادي الأثريين للكشف عنها، وسط مخاوف من تعرضه للضياع نتيجة السرقة والحفائر خلسة في تلك البقعة مترامية الأطراف التي يعوزها التأمين الجيد.
الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، وصف منطقة دهشور الأثرية بأنّها «منطقة ثرية، ومهمة جداً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّها «شهدت بناء أول هرم كامل في تاريخ العمارة المصرية، وهو الهرم الأحمر أو الهرم الشّمالي»، وقال إن «الآثار الموجودة في دهشور تحكي تاريخ بناء الأهرامات وكيف تطورت وصولاً إلى هرم خوفو في هضبة الجيزة، فتضمّ المنطقة الهرم المنبعج أو المنحني الذي انكسرت إحدى زواياه فلم يكتمل». وأضاف أنّ «ارتفاع الهرم الأحمر يبلغ 99 متراً، بينما يبلغ ارتفاع هرم خوفو 146 متراً. ومن هنا يتّضح كيف تطورت العمارة المصرية لتصل إلى هرم خوفو»، مشيراً إلى أنّ منطقة دهشور «تضم أهرامات الدولة الوسطى، وكانت مهمة ومقدسة بشكل مهم في التاريخ المصري القديم، حتى في عهد الملك فاروق آخر ملوك مصر، كان لهذه المنطقة مكانة وأهمية خاصة حيث اعتاد الملك الذهاب إلى هناك لاصطياد البط من على بحيرات دهشور».
وتعتبر دهشور إحدى أهم المناطق الأثرية في مصر، وتدخل ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو؛ حيث شهدت بداية بناء الأهرامات المصرية، وتضم المنطقة 5 أهرامات من أصل 10 كانت موجودة في العصور القديمة، أهمها هرم الملك سنفرو أحد ملوك الأسرة الرابعة الذي بُني في عهده الأهرامات المدرجة، وبداية الأهرامات الملساء التي اكتملت صورتها في هرم خوفو، وتضم المنطقة اثنين من أهراماته الثلاثة، وهي الهرم المنحني، والهرم الأحمر، أول الأهرامات المكتملة في مصر، واستغرق بناء الهرم المنحني 14 سنة، وخلال عملية بنائه اكتشف المهندسون خطأ في زاوية الهرم، وهو الخطأ الذي مهد لبناء الأهرامات بشكل صحيح فيما بعد.
وما زالت المنطقة تخفي كثيراً من أسرارها وكنوزها، لذلك تعمل بعثات الآثار المصرية والأجنبية في المنطقة في محاولة لكشف أسرار تلك الجبانة مترامية الأطراف التي تظهر تباعاً.
وقال عبد البصير: إنّ «الآثار اكتشفت مؤخراً هرماً يعود تاريخه إلى الأسرة الثالثة عشرة، وأول من أمس أُعلن عن اكتشاف جديد لمقابر تعود لأفراد»، مضيفاً أنّ «هذه منطقة واعدة، ولا بدّ من زيادة الحفائر بها للكشف عن جبانات الأفراد والنبلاء، ومعرفة أسرار دهشور»، مشيراً إلى وجود بعثات أجنبية مثل بعثة المتروبوليتان، والبعثة الألمانية التي تقوم بأعمال حفائر في المنطقة إلى جانب البعثات المصرية. وكانت وزارة الآثار المصرية أعلنت اكتشاف دفنات أثرية، بها 8 توابيت بمنطقة دهشور الأثرية بالجيزة.
وقالت الوزارة في بيان صحافي أول من أمس، إنّ «البعثة الأثرية المصرية العاملة في جنوب شرقي هرم الملك أمنمحات الثاني في منطقة دهشور الأثرية، عثرت على عدد من الدفنات الأثرية بداخلها توابيت».
وكان الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة، قال إنّ «البعثة بدأت عملها في شهر أغسطس (آب) الماضي، وعثرت على دفنات بها 8 توابيت مصنوعة من الحجر الجيري، داخلها مومياوات مغطاة بطبقة من الكارتوناج الملون على شكل آدمي، وهي في حالة جيدة وترجع للعصر المتأخر».
وأضاف وزيري أنّ «التوابيت موجودة الآن بالمخزن للترميم، كما عُرضت صورها على لجنة سيناريو العرض المتحفي لوضعها ضمن سيناريو العرض المتحفي لبعض المتاحف الأثرية التي تنشئها وزارة الآثار».
وأمنمحات الأول هو أول ملوك الأسرة الثانية عشرة، حكم مصر في الفترة من 1991 ق.م إلى 1962 ق.م، ونقل عاصمة مصر من طيبة إلى «أثيت تاوي» أي (القابض على الأرضين)، التي تعرف اليوم بـ«اللشت»، بالجيزة، والتي تضم مجموعته الهرمية.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية عانت منطقة دهشور الأثرية من التعديات والسرقات، نتيجة ضعف التأمين، في ظل حالة الانفلات الأمني التي شهدتها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، ما تسبب في كثير من الأضرار للمنطقة الأثرية.
وشهدت الدولة الوسطى بناء أهرامات لملوك الأسرة الثانية عشرة، ومن بينهم أمنمحات الثاني، وسنوسرت الثالث، وأمنمحات الثالث، وعثر في المنطقة على مجوهرات أميرات الدولة الوسطى، وتضم المنطقة هرم الملك أمنمحات الثاني، وهرم الملك سنوسرت الثالث، وهرم الملك أمنمحات الثالث.
وتعد المراكب الخشبية التي ترجع لعصر الملك سنوسرت الثالث، من أهم الآثار المكتشفة في المنطقة، وفقاً لعبد البصير، الذي يشير إلى مشروع حاولت وزارة الآثار تنفيذه من قبل بالتعاون مع الأمم المتحدة لتطوير المنطقة، وتدريب السكان على الحرف اليدوية، وتهيئتها للزيارة السياحية؛ حيث تكون مصدر رزق لسكانها، فيحافظون عليها بدلاً من سرقتها.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.