جنبلاط يقود حراكا لحل أزمة الرئاسة.. و«14 آذار» لا تخشى «انقلابه» بعد لقائه نصر الله

رامي الريس لـ «الشرق الأوسط»: فتشوا عن السلم الأهلي هناك تجدوا وليد بك

جنبلاط يقود حراكا لحل أزمة الرئاسة.. و«14 آذار» لا تخشى «انقلابه» بعد لقائه نصر الله
TT

جنبلاط يقود حراكا لحل أزمة الرئاسة.. و«14 آذار» لا تخشى «انقلابه» بعد لقائه نصر الله

جنبلاط يقود حراكا لحل أزمة الرئاسة.. و«14 آذار» لا تخشى «انقلابه» بعد لقائه نصر الله

شكّل اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله أول من أمس، مادة دسمة للتداول في عطلة عيد الفطر بموازاة تعليق العمل الحكومي واستمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لليوم الـ66 على التوالي.
وبدت قوى 14 آذار مطمئنة لعدم استعداد جنبلاط لأي انقلاب جديد يؤدي إلى انتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رئيسا للجمهورية، باعتباره المرشح غير المعلن لـ«حزب الله»، ووضع اللقاء الأول للزعيمين الشيعي والدرزي منذ ثلاث سنوات في إطار المبادرات التي يقودها جنبلاط لوضع حد للأزمة الرئاسية. وأكّد مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس أن لقاء جنبلاط بنصر الله لا ينقله من موقع لآخر؛ «فهو لا يزال في مكانه في تلك المساحة الوسطية التي اختارها كي يبقى على اتصال وتواصل مع كل الأفرقاء، فيتمتع بموقف سياسي مستقل ويعبّر عن الثوابت التي يقتنع بها، خاصة في ظل التطورات الراهنة إقليميا وداخليا».
وقال الريس في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «فتشوا عن السلم الأهلي وهناك تجدون وليد بيك». وأشار إلى أن لقاء نصر الله - جنبلاط تطرق إلى «موضوع الاستحقاق الرئاسي» وتوافق الزعيمان على «وجوب الإسراع بإتمامه ما يحول دون حالة الانكشاف الأمني على ضوء التحديات الكبرى التي تشهدها المنطقة، على أن تسير الجهود المبذولة لانتخاب الرئيس بالتوازي مع تنشيط العمل الحكومي وتلافي توسع دائرة المؤسسات الدستورية المعطلة».
وأوضح الريس، ردا على سؤال، أن «جنبلاط هو من طلب لقاء نصر الله بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وتدهور الوضع العراقي، فقد رأى أن هذا اللقاء ضروري في هذه اللحظة لمناقشة هذه التطورات الدراماتيكية وإمكانية انعكاسها على لبنان وكيفية تحصين الوضع الداخلي». ولم تتوقف اللقاءات بين قياديين من الحزبين طوال السنوات الثلاث الماضية، وظل التنسيق قائما بينهما إن كان من خلال الكتل النيابية أو اللجان الحزبية، بحسب ما يؤكد الطرفان. وكشف موقع «الأنباء» الإلكتروني التابع للحزب التقدمي الاشتراكي أن جنبلاط أهدى نصر الله خلال اجتماعهما كتاب جيمس بار باللغة الإنجليزية A Line in the Sand (خط على الرمال) وهو يتحدث عن حقبة صناعة اتفاقية سايكس بيكو.
ويبدو أن الزعيم الدرزي يسعى إلى قيادة حراك جديد، يكون امتدادا لمساع سابقة، لوضع حد للشغور المستمر في سدة الرئاسة الأولى، وهو ما لم ينفه الريس قائلا: «وليد جنبلاط يسعى لإيجاد مخرج معين للمأزق الرئاسي وذلك يستوجب حركة اتصالات واسعة مع جميع الأفرقاء من دون استثناء وفي طليعتهم أمين عام (حزب الله) وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري، ولا شك القوى المسيحية المعنية». وأضاف: «كما أن الموقف الأخير للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الداعي لانتخاب رئيس من خارج اصطفافي 8 و14 آذار يتقاطع مع موقفنا القائل بأن موازين القوى الحالية لا تسمح لأي من طرفي الصراع بالإتيان برئيس محسوب على أي منهما، ولذلك طرحنا ترشيح النائب هنري حلو مرشحا توافقيا».
ونقل موقع «العهد» الإلكتروني، المقرب من «حزب الله»، عن جنبلاط وصفه اللقاء مع نصر الله بـ«الممتاز»، لافتا إلى أن الزيارة استمرت لساعتين ونصف، وأنه اختار أن يذهب منفردا للقاء اعتاد أن يرافقه فيه النائب في كتلته غازي العريضي؛ «فبالنسبة لجنبلاط الأساس من هذا اللقاء إعادة وصل ما انقطع على المستوى الشخصي». وأشار الموقع إلى أن جنبلاط قدّم «مطالعة لنصر الله تتضمن مواقفه المعلنة الرافضة ترشيح عون وجعجع، والرافضة أيضا ترشيح قائد الجيش العماد جان قهوجي، والساعية لمرشح يحمل صفات هنري حلو، تأتي به تسوية يحصل فيها كل طرف على (الثمن السياسي) الذي يرضيه»، في إشارة تحديدا إلى العماد عون، «وهنا تؤكد المصادر أن السيد نصر الله كان واضحا بتكرار موقف (حزب الله) المتبني خيار الجنرال، وضرورة إتمام الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت ممكن»، وفق موقع «العهد».
وأعلن الحزب التقدمي الاشتراكي أمس أن جنبلاط تلقى اتصالا هاتفيا من الحريري تم خلاله تبادل التهاني بحلول عيد الفطر المبارك. وبعكس ما كان متوقعا، لم يترك لقاء نصر الله - جنبلاط الكثير من الريبة في صفوف قوى 14 آذار باعتبار أن آخر لقاء جمعهما كان في يناير (كانون الثاني) عام 2011 عشية تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري، وقد عدّ في وقتها تيار المستقبل وحلفاؤه موافقة جنبلاط على مشاركة قوى 8 آذار في الحكومة بمثابة انقلاب عليهم.
وعدَّ النائب في تيار «المستقبل» جان أوغاسبيان أن طلب جنبلاط لقاء نصر الله «يندرج بإطار مساعيه لإيجاد مخرج للأزمة التي يتخبط بها لبنان والتي يُعد شغور سدة الرئاسة الأولى أبرز أسبابها»، مؤكدا أن قوى 14 آذار تنظر للقاء بـ«إيجابية كونه يسير بالتوازي مع الحراك الذي أطلقه الحريري ويقوده داخليا رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة».
وقال أوغاسبيان لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن هناك انقلابات في الأفق قد يقوم بها وليد بيك، خاصة أن المنطقة تمر بظروف في غاية الخطورة، وهو يتطلع دائما للأمور من منظار واسع بعيدا عن الزواريب الداخلية».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.