السيسي يحتفل مع المصريين بالعيد وسط استنكار للإفساد باسم الدين

الملايين توجهوا للمساجد.. وشيوخ السلفيين تركوا المنابر لأئمة الأزهر

مصريون يؤدون صلاة عيد الفطر صبيحة أول أيام العيد بأحد الشوارع الرئيسة بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية أمس (إ.ف.ب)
مصريون يؤدون صلاة عيد الفطر صبيحة أول أيام العيد بأحد الشوارع الرئيسة بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية أمس (إ.ف.ب)
TT

السيسي يحتفل مع المصريين بالعيد وسط استنكار للإفساد باسم الدين

مصريون يؤدون صلاة عيد الفطر صبيحة أول أيام العيد بأحد الشوارع الرئيسة بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية أمس (إ.ف.ب)
مصريون يؤدون صلاة عيد الفطر صبيحة أول أيام العيد بأحد الشوارع الرئيسة بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية أمس (إ.ف.ب)

في أول عيد يمر على مصر وهو في سدة الرئاسة، أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي صلاة عيد الفطر صباح أمس (الاثنين) بمسجد قيادة القوات الجوية بالقاهرة. وكان لافتا الحضور الشعبي في الصلاة، إذ أدى الصلاة مع السيسي مئات المواطنين في المسجد الذي يقع في ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة). وألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة العيد، قائلا إن «هناك من يقتلون أبناءنا على حدود الوطن»، لافتا إلى أنهم «يقتلون ويفسدون باسم الإسلام والقرآن، وتحت صيحات التهليل والتكبير»، مشددا على أن الإسلام بريء من ذلك.
وتحدث جمعة قائلا إن «العيد في الإسلام له معنيان كبيران، وهما معنى رباني وهو التقرب إلى الله، ومعنى إنساني حيث يفرح الصائم بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه». لافتا إلى أن «هناك أناسا يقتلون باسم الإسلام، والإسلام منهم براء»، مشددا على أن «العبرة ليست بكثرة العبادات»، مستنكرا «وجود تفجيرات كل يوم».
وأدى الصلاة مع الرئيس السيسي كل من رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، ومحافظ القاهرة جلال السعيد، وعدد من المسؤولين. وكان لافتا انتشار رجال الشرطة والحرس الجمهوري بشكل مكثف خارج المسجد.
وحرص الرئيس المصري ليلة أول من أمس على توجيه التهنئة للشعب المصري ولشعوب الأمتين العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها بمناسبة عيد الفطر، داعيا الشعب المصري والشعوب العربية والإسلامية إلى أن يتخذوا من العيد مناسبة تبعث على التفاؤل والأمل، بما يمثل طاقة دافعة تحفز على العمل والإنتاج، والحفاظ على وحدة الشعوب وصون أراضي الأوطان. وتمني السيسي أن يحل العيد في العام المقبل في ظل تحقيق الآمال والطموحات المستحقة للشعب المصري ولشعوب الأمتين العربية والإسلامية.
على صعيد متصل، سيطر خطباء وزارة الأوقاف والأزهر الشريف على منابر المساجد الكبرى والساحات في القاهرة والمحافظات، في غياب شيوخ تيار الإسلام السياسي والسلفيين، بناء على إجراءات مشددة وضعتها وزارة الأوقاف لمنع استغلال ساحات عيد الفطر سياسيا في الدعاية لانتخابات البرلمان وفي التحريض على إثارة الفوضى؛ لكن مصدرا مسؤولا في الأوقاف أكد «وجود خروقات محدودة لقرارات الوزارة في بعض المحافظات خاصة الإسكندرية، حيث سيطرت جماعة الإخوان المسلمين على بعض الساحات، وخطب شيوخ الدعوة السلفية خطبة العيد».
وألقى الشيخ أحمد فريد، عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية، خطبة العيد في منطقة العصافرة (شرق الإسكندرية)، مؤكدا أن «هذه الأمة لن تكون عزيزة إلا برفع راية الله وستعود الأمة إلى سابق عهدها بصلاح أوليائها».
وسبق أن أعلنت الدعوة السلفية التزامها بالصلاة دون خطب في ساحات وزارة الأوقاف، معللة ذلك بحرصها على احترام القوانين، تجنبا لاتخاذ «أي قرار فردى من جانب الدعوة، من شأنه أن يخلق أزمات مع الأوقاف في المستقبل».
في غضون ذلك، احتفل الآلاف من المواطنين بأول أيام عيد الفطر المبارك، عقب انتهاء الصلاة في القاهرة ومختلف المحافظات، فيما انتشرت قوات الأمن أمام عدة مساجد بالقاهرة تحسبا من خروج مظاهرات لجماعة الإخوان المسلمين وإثارة الشغب بعد أداء الصلاة. وأغلقت قوات الجيش المداخل المؤدية لميدان التحرير بوسط القاهرة، بالحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة، لمنع إقامة أي فعاليات بالميدان، وشهدت المتنزهات العامة والحدائق وكورنيش النيل، توافد مئات الأسر للاستمتاع بإجازة العيد، كما شهدت المراكب النيلية إقبالا ملحوظا من المواطنين.
وأمام ساحة مسجد مصطفى محمود بضاحية المهندسين بمحافظة الجيزة، وعقب انتهاء صلاة عيد الفطر المبارك، نصب المواطنون منصة غنائية عليها عدد من مكبرات الصوت، ابتهاجا بالعيد.
وفي مسجد عمرو بن العاص بحي مصر القديمة (جنوب القاهرة)، وهو المسجد الذي أدى فيه الرئيس الأسبق محمد مرسي آخر صلاة لعيد الفطر عقب عام في السلطة التي عزل منها في يوليو (تموز) من العام الماضي، أدى أمس نحو ثلاثة آلاف مصري الصلاة وسط إجراءات أمنية مشددة، وأطلق المصلون الألعاب النارية والشماريخ فرحة بالعيد.
وفي الوادي الجديد، أدى اللواء محمود عشماوي محافظ الوادي الجديد، الصلاة مع جنود قوات حرس الحدود بموقع حادث مذبحة الفرافرة، الذي استهدف كمينا بطريق الفرافرة غرب البلاد، وأسفر عن مقتل 23 جنديا من عناصر حرس الحدود قبل أسبوع.
وشاركت عناصر من القوات المسلحة المواطنين المسافرين على طريقي القاهرة - الإسكندرية الصحراوي والقاهرة - العين السخنة أمس، الاحتفال بحلول عيد الفطر المبارك من خلال العديد من العروض والمعزوفات الغنائية والوطنية قدمتها الموسيقات العسكرية عند بوابتي طريق الإسكندرية الصحراوي والقطامية، وتوزيع الهدايا التذكارية على المسافرين.
فيما لم تترك الأحزاب والقوى السياسية هذه الفرصة السانحة لتجمع المصريين.. فاستغلت التجمعات الكبيرة التي تحدث في العيد بدءا من صلاة العيد وحتى أماكن المتنزهات والنوادي، في الترويج والدعاية لنفسها، استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة، التي أعلنت مؤسسة الرئاسة إجراءها قبل نهاية العام الحالي، حتى بدت الصورة وكأن «الانتخابات سوف تجرى في نهاية الأسبوع»، وهي الكلمات التي علق بها أحد المصلين في ساحة مسجد التوحيد بمنطقة الشرابية (شرق القاهرة)، بعد أن استفزه المشهد والصراع من أجل تسليم المصلين برامج انتخابية وهدايا من أحد نواب البرلمان السابقين.
أما في المحافظات المصرية، فكان لافتا انتشار اللافتات الحزبية والشخصية، سواء من جانب قيادات الأحزاب أنفسهم بهدف الدعاية، أو اللافتات المؤيدة من المواطنين للأحزاب والمرشحين في المحافظات، وكان الأكثر بروزا ظهور عشرات اللافتات الخاصة بالمرشحين المستقلين، وحزب النور ذي التوجه السلفي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».