مخاوف من كارثة بيئية في طرابلس بعد تفجير خزان وقود ثان

الحكومة الليبية تطلب مساعدات دولية عاجلة

المختطف المالطي مارتين غالي لدى وصوله الى مطار مالطا الدولي أمس بعد أن أطلق مسلحون ليبيون سراحه عقب أحد عشر يوما من اختطافه من منشأة نفط حيث كان يعمل (رويترز)
المختطف المالطي مارتين غالي لدى وصوله الى مطار مالطا الدولي أمس بعد أن أطلق مسلحون ليبيون سراحه عقب أحد عشر يوما من اختطافه من منشأة نفط حيث كان يعمل (رويترز)
TT

مخاوف من كارثة بيئية في طرابلس بعد تفجير خزان وقود ثان

المختطف المالطي مارتين غالي لدى وصوله الى مطار مالطا الدولي أمس بعد أن أطلق مسلحون ليبيون سراحه عقب أحد عشر يوما من اختطافه من منشأة نفط حيث كان يعمل (رويترز)
المختطف المالطي مارتين غالي لدى وصوله الى مطار مالطا الدولي أمس بعد أن أطلق مسلحون ليبيون سراحه عقب أحد عشر يوما من اختطافه من منشأة نفط حيث كان يعمل (رويترز)

بدا أمس أن السلطات الليبية الضعيفة تواجه صعوبات جمة في السيطرة على حرائق خرجت عن السيطرة بخزانات وقود قرب مطار طرابلس الدولي، نتجت عن هجمات صاروخية مع تجدد الاشتباكات بين الميليشيات المتناحرة في المنطقة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر حكومية ليبية رفيعة المستوى أن العديد من الدول، التي أجرت معها الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني اتصالات مكثفة طيلة الساعات الماضية للحصول على مساعدتها الفورية للسيطرة على الحريق، قد اشترطت إيقاف القتال الدائر منذ نحو أسبوعين في محيط مطار طرابلس أولا، قبل أن توافق على تقديم المساعدة.
ولم تظهر الميليشيات المتناحرة أي مؤشر حتى مساء أمس على إمكانية استجابتها لطلب الحكومة إبرام هدنة فورية مؤقتة لإخماد الحريق، فيما وصفت الحكومة الوضع بأنه أصبح «خطيرا جدا» بعد اندلاع النيران في خزان ثان للوقود، بينما لا يزال رجال الإطفاء يعملون على إخماد حريق هائل في خزان أول قرب طرابلس يهدد العاصمة الليبية التي غادرها الأجانب جراء تصاعد أعمال العنف.
وقال أحمد الأمين، الناطق باسم الحكومة الليبية، لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومة بلاده لن تتوقف عن جهودها لوقف القتال ومحاولات إطفاء الحريق ومعالجة النتائج. وأضاف في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة طرابلس «هذا هو عمل الحكومة.. ولن تيأس».
ودعت السلطات الليبية سكان الجوار إلى مغادرة المنطقة تخوفا من حصول «انفجار ضخم»، وطلبت المساعدة من دول عدة أعلنت استعدادها لإرسال طائرات. وأصيبت خزانات الوقود التي تزود العاصمة الليبية طرابلس باحتياجاتها بصواريخ، مما أدى لاشتعال حريق هائل في الموقع القريب من المطار، علما بأن الخزان يحوي ستة ملايين لتر من الوقود وهو قريب من خزانات أخرى تحوي غازا وديزل.
ودعت وزارة النفط والغاز عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» المواطنين القاطنين بالجوار لأخذ الحيطة والحذر مخافة انتشار النيران وانتقالها إلى باقي الخزانات الأخرى.
وبينما قال محمد الحريري، المتحدث باسم المؤسسة الوطنية للنفط، إن الحريق خرج عن السيطرة وإن رجال الإطفاء انسحبوا من الموقع مع استئناف الاشتباكات في المنطقة، دعت مديرية أمن طرابلس جميع المؤسسات العامة والخاصة والمواطنين الذين يملكون صهاريج لنقل المياه لتعبئتها بالمياه والتوجه بها بسرعة إلى مستودعات النفط والغاز بطريق المطار لمساعدة فرق الإطفاء التي تكافح الحريق الذي نشب هناك.
وطبقا لما بثته وكالة الأنباء المحلية، فقد ناشدت المديرية الأطراف المتنازعة وقف إطلاق النار في المنطقة المحيطة بمكان الحريق وذلك لمساعدة دخول سيارات نقل المياه. وحذر الحريري من وقوع كارثة طبيعية وإنسانية إذا امتدت النيران إلى خزانات الغاز المنزلي في الموقع نفسه. وقال في تصريحات له أمس «إذا حصل هذا الأمر هناك خطر في حصول انفجار ضخم من شأنه أن يلحق أضرارا بمنطقة شعاعها يمتد لما بين ثلاثة إلى خمسة كيلومترات».
وفي تعبير واضح عن حجم الكارثة التي تواجهها السلطات الليبية، قال الحريري إن رجال الإطفاء عملوا خلال ساعات على إخماد النيران لكن دون جدوى، وأضاف «وقد نفدت احتياطياتهم من المياه وغادروا المكان.. يبقى أمامنا خيار التدخل الجوي». كما وجهت حكومة الثني نداء عاجلا إلى الذين يملكون سيارات إطفاء في مدينة طرابلس وضواحيها، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات، بسرعة التوجه إلى مستودعات شركة «البريقة» للنفط والغاز بطريق المطار لمساعدة فرق الإطفاء التي تكافح الحريق الناشب هناك. وطالبت الحكومة الأطراف المتنازعة بوقف إطلاق النار في هذه الظروف الحرجة لتمكين فرق الإطفاء من أداء واجبها.
وقالت الوكالة الرسمية إن عشرة سيارات إطفاء دخلت إلى مستودع شركة «البريقة» من أجل المساعدة في إطفاء الحريق بالمستودع وتجنيب المنطقة كارثة بيئية قد تحدث. ونقلت عن مصدر بالحكومة أن هذا العدد من السيارات لا يكفي لإخماد هذا الحريق نظرا لضخامته.
وكانت الحكومة ناشدت جميع الأطراف المتنازعة التوقف فورا عن إطلاق النار المتبادل نظرا لاندلاع النيران في الخزان الثاني للوقود بمستودع طريق المطار. وأكدت الحكومة في بيان لها، هو الثاني من نوعه خلال 24 ساعة فقط، أن اندلاع النيران في الخزان الثاني يندر بوقوع كارثة قد تتسبب في أضرار جسيمة سواء للسكان أو البيئة.
وأعلنت الحكومة في وقت سابق من مساء أول من أمس عن نشوب حريق هائل بمستودعات «البريقة» للنفط والغاز بطريق المطار جراء إصابتها بقذائف متبادلة بين الأطراف المتنازعة بالمنطقة. وأكدت الحكومة أنها سخرت كل إمكاناتها من خلال الاستعانة بجميع وحدات الدفاع المدني بطرابلس وكذلك فرق الإطفاء والمهندسين والتقنيين التابعين لشركة «البريقة». وأوضح بيان الحكومة أنها قد أجرت اتصالات بعدد من الدول طلبت فيها المساعدة الفنية للمشاركة في إطفاء الحرائق، مشيرة إلى أن عددا لم تحدده من هذه الدول قد أعربت عن استعدادها لإرسال طائرات وفرق متخصصة في إطفاء الحرائق.
وحذرت الحكومة في بيانها الجماعات المتصارعة من مغبة عدم التوقف عن إطلاق النار لإعطاء الفرصة لفرق الإطفاء للقيام بأعمالها، محملة هذه الأطراف مسؤولية الكارثة الإنسانية والبيئية التي ستحل بالعاصمة طرابلس في حال عدم التمكن من إطفاء هذا الحريق.
من جهتها، حثت شركة «البريقة» لتسويق النفط كل الأطراف على تحكيم صوت العقل والانحياز الكامل لثورة السابع عشر من فبراير (شباط) والوقوف بقوة في صف الشعب، وناشدت الجميع الحفاظ على ممتلكات الدولة ومرافقها الحيوية. وحذرت الشركة في بيان لها من المساس بمواقعها ومستودعاتها تجنبا لأي كوارث تنتج من سقوط القذائف على خزاناتها الممتلئة بالوقود وما يتبعه ذلك من انفجارات وأضرار مادية وبشرية وترويع للسكان الآمنين بالمنطقة.
وأسفرت المواجهات بمختلف الأسلحة الثقيلة بين ثوار الزنتان الذين يسيطرون على مطار طرابلس منذ سقوط النظام السابق وتشكيلات من ثوار مصراتة متحالفين مع غرفة ثوار ليبيا المحسوبة على الإسلاميين، بحجة وضع حد لهيمنة ثوار الزنتان على هذه المؤسسة الحيوية، عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، وأضرار مادية بالمطار ومنشآت مدنية أخرى، من بينها مستودع خزانات النفط ومخازن الأدوية، علاوة على إحراق 20 طائرة من الأسطول الليبي المجدد حديثًا، قدرت بنحو ملياري دولار.
وقالت وزارة الصحة إنه منذ اندلاع الاشتباكات قبل أسبوعين قتل 94 شخصا في العاصمة، وأصيب أكثر من 400 شخص، حيث تتبادل الميليشيات المتناحرة إطلاق الصواريخ ونيران المدفعية في جنوب طرابلس.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».