الرئيس الفرنسي يسعى لتفكيك قنبلة «السترات الصفراء»

ردود سلبية على خطابه والعودة إلى الشانزليزيه السبت المقبل

بعض من ذوي «السترات الصفراء» يسيطرون على الطرق السريعة في جنوب غرب فرنسا ويخططون للعودة إلى باريس السبت المقبل (أ.ب)
بعض من ذوي «السترات الصفراء» يسيطرون على الطرق السريعة في جنوب غرب فرنسا ويخططون للعودة إلى باريس السبت المقبل (أ.ب)
TT

الرئيس الفرنسي يسعى لتفكيك قنبلة «السترات الصفراء»

بعض من ذوي «السترات الصفراء» يسيطرون على الطرق السريعة في جنوب غرب فرنسا ويخططون للعودة إلى باريس السبت المقبل (أ.ب)
بعض من ذوي «السترات الصفراء» يسيطرون على الطرق السريعة في جنوب غرب فرنسا ويخططون للعودة إلى باريس السبت المقبل (أ.ب)

لم يعلن الرئيس الفرنسي في خطابه في قصر الإليزيه أمس بمناسبة عرض خطة الحكومة في قطاع الطاقة للسنوات العشر المقبلة عن «تجميد» فرض رسوم إضافية على المشتقات النفطية المنتظرة بداية العام 2019، وهو ما كان ينتظره «السترات الصفراء» بعد 12 يوماً على انطلاق حركتهم الاحتجاجية. وبدل ذلك، وعد إيمانويل ماكرون بإيجاد «آلية أكثر ذكاء» للتعامل مع ارتفاع أسعار المحروقات عن طريق خفض الرسوم أو تجميدها للفترات التي ترتفع فيها أسعار النفط. وسوف تقوم بذلك الوزارات المختصة، التي عليها أن تقوم بذلك مرة كل 3 أشهر بشكل يخفف من أعباء الزيادات عن كاهل المواطنين. جدير بالذكر أن آلية كهذه سبق أن أقرتها حكومة ليونيل جوسبان الاشتراكية قبل 20 عاماً، لكنه تم التخلي عنها لاحقاً؛ لأنها سببت للميزانية العامة خسائر تقل قليلاً عن 3 مليارات يورو.
ويعد هذا الإعلان بمثابة خطوة باتجاه الحركة الاحتجاجية، لكن يرجح ألا تكون كافية. وسبق لرئيس الحكومة إدوار فيليب أن استبعد تدبيراً كهذا. لكن استقواء الحركة الاحتجاجية والاضطرابات التي شهدتها المدن الفرنسية، وخصوصاً باريس يوم السبت الماضي، دفع ماكرون للقيام ببادرة ولو ناقصة من أجل امتصاص الغضب الشعبي وإطفاء «الحريق» الذي أشعلته الرسوم التي فرضتها حكومته. وبالمقابل، فإن الرئيس الفرنسي أكد التزامه السير بعملية زيادة الرسوم على المحروقات، في إطار سياسة الحكومة بالتعجيل بـ«النقلة البيئوية» والخروج من الطاقة الملوثة إلى الطاقة النظيفة. ومن المنتظر أن تفرض رسوم إضافية، بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل على المشتقات النفطية. ووفق الأرقام المتوافرة، فإن هذه الرسوم توفر ما لا يقل عن 34 مليار يورو لخزينة الدولة. وفي خطاب طويل تخللته انتقادات لأداء السياسات السابقة وعرض لرؤية الحكومة لموضوع الطاقة الذي لا يختصره موضوع المشتقات النفطية، ورداً على الذين يتهمونه بتجاهل مآسي الطبقات الأكثر هشاشة في المجتمع الفرنسي، ردّ ماكرون بالتأكيد على «رفضه أن تزيد النقلة البيئوية من تفاوت المساواة بين المواطنين والمناطق، أو أن تساهم في تدهور أوضاع سكان الأرياف أو ضواحي المدن». وأكثر من مرة كرر ماكرون أنه يعي مشكلات الناس ويستمع لشكواهم، إلا أنه بالمقابل، لم يمتنع عن التذكير بضرورة السير بالخطة البيئوية التي لا مناص من العمل بموجبها، وبما تستدعيه من إعادة النظر في الرسوم والضرائب. وخلاصته أن ما حصل قد حصل ولا رجوع عنه وأن العبرة للمستقبل. وفي حديثه عن تحركات «السترات الصفراء» الاحتجاجية، حرص ماكرون على التمييز بين الذين يريدون «إيصال رسالة» إلى السلطات وبين «المشاغبين». وقال الرئيس الفرنسي إنه «يتعين أن نستمع للاحتجاجات الاجتماعية، ولكن من غير أن نتخلى عن مسؤولياتنا، بما في ذلك أخذ الإنذار البيئوي بعين الاعتبار». وقال ساخراً: «لا يمكن أن نكون يوم الاثنين مع المحافظة على البيئة، وأن نعارض رفع الرسوم على المحروقات يوم الثلاثاء». وكشف ماكرون عن أن الدولة ستوفر سنويا 8 مليارات يورو لـ«النقلة البيئوية» بدل المليارات الخمسة التي قُررت سابقاً. ويأتي هذا الإعلان رداً على من اتهم الحكومة بأنها «تكذب» عندما تقول إن الرسوم المجبيّة من المحروقات تذهب للبيئة. وأعلن ماكرون أيضاً إطلاق حملة تشاور على مستوى البلاد بشأن النقلة البيئوية التي سيشارك فيها «السترات الصفراء».
إضافة إلى ما تقدم، كشف ماكرون عن جملة تدابير مصاحبة لتخفيف عبء الزيادات، وبعضها أعلن عنه سابقاً، مثل تقديم مساعدة للمواطنين الراغبين باستبدال السيارات الملوثة بسيارات «نظيفة» وإغلاق كل محطات إنتاج الكهرباء التي تستخدم الفحم الحجري بحلول العام 2022، وخفض نسبة الاعتماد على المفاعلات النووية لإنتاج الكهرباء إلى نسبة 50 في المائة بحلول العام 2035، وإغلاق 41 مفاعلا حتى ذلك التاريخ. وفي العامين القادمين سيتم إغلاق مفاعلين في «فيسنهايم» الواقعة في منطقة الراين الأعلى قريباً من الحدود الألمانية (شرق فرنسا) بالتوازي مع تعزيز إنتاج الطاقة من قوة الرياح والأشعة الشمسية التي تنتظر مضاعفتها 5 مرات. وكان لافتاً في كلمة ماكرون أنه ركز حديثه كلياً حول ملف الطاقة والرسوم ومتفرعاتها، وتلافى الحديث عن المطالب الأخرى التي تعالت في الأيام الأخيرة حول تدهور القوة الشرائية للشرائح الأكثر هشاشة في المجتمع، وغياب العدالة الاجتماعية، والضرائب التي تثقل كاهل المواطنين.
ميدانياً، ما زال «السترات الصفراء» مستمرين في حركتهم الاحتجاجية، وهم يخططون للعودة إلى باريس السبت المقبل، إلا أن هذا الأمر ليس مؤكداً حتى الساعة، ولم يصدر أي إعلان «رسمي» عن اللجنة التي اختاروها لتمثلهم، وهي مشكلة من 8 أشخاص. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية بعض ردود الأفعال على خطاب ماكرون الذي وصفته مارين لوبن، رئيسة حزب «التجمع الوطني» (اليمين المتطرف) بأنه «فارغ تماماً» من أي محتوى. فيما اعتبره حزب «الجمهوريين» (اليمين الكلاسيكي) أنه «يدعو لليأس». أما اليسار المتشدد، المتمثل بـجان لوك ميلونشون، رئيس حزب «فرنسا المتمردة» فقد ندد بـ«اللوبي النووي» الذي يخضع له ماكرون «تماماً».
حتى وقت قريب، كانت الصفة الغالبة على الحكم في فرنسا بأنه «عامودي»، أي أن القرار يتخذ في رأس الهرم، وعلى من هم في الأسفل أن ينفذوا. لكن انهيار شعبية ماكرون والصعوبات التي يلاقيها منذ بداية الصيف الماضي دفعته إلى أن يغير مقاربته ونهجه في الحكم. وخطاب الأمس يحمل كثيراً من المؤشرات على رغبته في طي صفحة وفتح صفحة جديدة مع الفرنسيين. أما نجاحه أو فشله، فإنها مسألة أخرى.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.