الجزائر تنبّه أمام مؤتمر دولي من خطر عودة المقاتلين من مناطق الصراع

TT

الجزائر تنبّه أمام مؤتمر دولي من خطر عودة المقاتلين من مناطق الصراع

قال عبد القادر مساهل، وزير خارجية الجزائر، إن بلده «بذل جهوداً كبيرة لضمان أمنه على أرضه وعلى حدوده، ويبذل قصارى جهده لتقاسم تجربته في محاربة الإرهاب مع جميع بلدان المنطقة».
وذكر مساهل أمس في العاصمة الجزائرية خلال فعاليات أشغال مؤتمر دولي، يبحث لمدة 3 أيام سبل تعزيز قدرات أجهزة الشرطة في بلدان غرب أفريقيا، بهدف تفعيل محاربة الإرهاب، أن «مسيرة مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، عرفت تقدماً ملحوظاً بفضل الجهود المعتبرة المبذولة لتحقيق هذه الغاية، سواء من طرف بلداننا أم على مستوى الأطر الإقليمية والدولية للتعاون في هذا المجال، على غرار (المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب) والاتحاد الأفريقي».
وبحسب مساهل، فقد «سجل العالم تحسناً في إدراك مخاطر الإرهاب والتطرف، على الرغم من قدرة هذه الآفات على التكيف بسرعة مع الأوضاع الجديدة». مشيراً إلى «خطورة عودة المقاتلين الإرهابيين من مناطق الصراع إلى بلدانهم، خاصة منطقة الساحل والصحراء».
وأضاف الوزير الجزائري موضحاً: «لقد تأكدت الدول التي تواجه الإرهاب من ارتباط التطرف العنيف بالجريمة المنظمة العابرة للحدود، وكذلك التدفقات المالية، التي تغذي الأنشطة الإجرامية للجماعات الإرهابية، وهو ما أتاح لها استخدام الحوافز المالية في حملات تجنيد الشباب لصالح أهدافها التخريبية، مستبدلة تدريجياً الطرق التقليدية للتجنيد، التي أثبتت محدوديتها».
ويندرج الاجتماع في إطار «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، الذي تعد الجزائر عضواً فيه. وإضافة إلى مساهل، يترأس الأشغال ديفيد دريكي، المستشار الخاص المكلف لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاستخبارات لدى وزارة الشؤون الخارجية الكندية.
ويبحث الخبراء خلال 3 أيام قضايا «تطور التهديد الإرهابي في منطقة الساحل الصحراوي»، و«تسيير أمن الحدود والتصدي لعودة المقاتلين الإرهابيين»، و«تمويل الإرهاب والوقاية من التطرف والتشدد العنيف».
ويشارك في إثارة هذه الموضوعات 100 خبير في مجالات الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، يمثلون البلدان الأعضاء في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وبلدان منطقة غرب أفريقيا، والمنظمات الدولية والإقليمية، منها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة الشرطة الأوروبية ومنظمة إنتربول.
ومما جاء في كلمة مساهل أن «أدوات ووسائل مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف توسعت بشكل يعكس مشاركة أكبر، والتزاماً أقوى من المجتمع الدولي في مواجهة هذه الآفة، ويؤكد القناعة الراسخة بأنه لا يوجد بلد في منأى عن هذا الخطر».
وأضاف المسؤول الجزائري أن «الجزائر التي خاضت وحيدة معركتها ضد الإرهاب في ظل عدم مبالاة المجتمع الدولي، تقدر وتشجع هذا الوعي الدولي بمخاطر الإرهاب، الذي من شأنه أن يحمي الشعوب الأخرى من فظائع الهمجية الإرهابية، التي عانى منها الشعب الجزائري، خلال تسعينات القرن الماضي».
وتابع، أن مزيداً من البلدان «تقوم بتعبئة موارد مهمة لتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية والمدنية، قصد مكافحة آفات الإرهاب والجريمة المنظمة في غرب أفريقيا، والقارة الأفريقية بأسرها، وهي أعباء مالية ثقيلة تعيق للأسف جهود هذه الدول، وطموحاتها المشروعة وبرامجها الرامية إلى تحقيق التنمية الوطنية». موضحاً أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب «صادقوا في اجتماعهم (السنوي)، الذي عقد في سبتمبر (أيلول) الماضي، على 4 وثائق جديدة، تتضمن مجموعة من الممارسات الجيدة، والتوصيات لتحسين مكافحة التهديد الإرهابي بأبعاده المختلفة. كما تم إطلاق عدة مبادرات أخرى لتعزيز مكافحة الإرهاب، تؤيدها الجزائر، وستعمل كعادتها على المساهمة في تجسيدها، انطلاقاً من إيمانها بأن هذه الآفة ليس مجرد تحدٍ ظرفي، ولكنه تهديد طويل الأمد، يتطلب التأقلم معه وتكييف الوسائل والطرق الخاصة بمكافحته».


مقالات ذات صلة

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (شرنة (أفغانستان))
شؤون إقليمية عناصر من قوات مكافحة الإرهاب التركية أثناء عملية استهدفت «داعش» (إعلام تركي)

تركيا: القبض على 47 من عناصر «داعش»

ألقت قوات مكافحة الإرهاب بتركيا القبض على 47 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، في حملة شملت 5 ولايات؛ بينها أنقرة وإسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».