بوادر عودة الحياة لقطاع العقارات الهندي بعد إصلاحات تنظيمية

حجم الاستثمار زاد بنسبة 9 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى

أصبح التدعيم من خلال عمليات الدمج والاستحواذ توجهاً بارزاً في قطاع العقارات الهندي
أصبح التدعيم من خلال عمليات الدمج والاستحواذ توجهاً بارزاً في قطاع العقارات الهندي
TT

بوادر عودة الحياة لقطاع العقارات الهندي بعد إصلاحات تنظيمية

أصبح التدعيم من خلال عمليات الدمج والاستحواذ توجهاً بارزاً في قطاع العقارات الهندي
أصبح التدعيم من خلال عمليات الدمج والاستحواذ توجهاً بارزاً في قطاع العقارات الهندي

تظهر على قطاع العقارات في الهند علامات العودة إلى الحياة في ظل استثمار الشركات لما يزيد على 5.6 مليار دولار خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018. وقد ازداد حجم الاستثمار بنسبة 9 في المائة مقارنة بالعام الماضي؛ مما يعني زيادة ثقة المستثمر.
كذلك، ارتفع تدفق رأس المال الخاص (السهمي) إلى قطاع العقارات الهندي من 15 في المائة خلال العام الماضي إلى 4 مليارات دولار خلال عام 2018، وتجاوز متوسط حجم الصفقات الـ150 مليون دولار، وهو الأعلى منذ خمسة أعوام. ومع معاودة تركيز الحكومة على المساكن ذات التكلفة الميسورة، والتركيز على الإصلاح التنظيمي، من المتوقع أن ينمو قطاع العقارات ليصل إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2020، وبمعدل 30 في المائة خلال العقد المقبل، بحسب تقرير مؤسسة «براند إكويتي فاونديشن» الهندية.
وذكر تقرير آخر بعنوان «العقارات الهندية والبناء: تدعيم من أجل النمو»، أن هذا النمو سوف يساهم في نحو 13 في المائة من إجمالي الناتج القومي، ويوفر أكثر من 65 مليون فرصة عمل. وتم الإعلان عن التقرير خلال قمة مستثمري العقارات والبنية التحتية في عام 2018. وجاء في التقرير: «يعاني قطاع العقارات الهندي منذ بعض الوقت من مخزون غير مبيع، وتراجع ثقة المشترين، وتأخر المشروعات، وتدفقات نقدية سلبية، لكن تم الإعلان عن عدد من الإصلاحات التنظيمية والمبادرات المعززة للنمو خلال العامين الماضيين؛ بغية تمهيد الطريق نحو تحقيق نمو قوي في القطاع في المستقبل».
وتأتي الهند في الترتيب قبل منافسيها في منطقة آسيا - المحيط الهادي، وهي ماليزيا، وتايلاند، وإندونيسيا، وفيتنام، والفلبين الذين يجذبون مجتمعين تدفق رأس مالي أقل مما تجذبه الهند. يقول نيراج بانسال، شريك ورئيس للبناء والعقارات في شركة «كيه بيه إم جي» الهندية: «لقد دخل قطاع العقارات في الهند مرحلة إعادة الإحياء، وبدأت مشكلات التأسيس التي تتسبب فيها إصلاحات تنظيمية عدة في التحسن.
ويتم إجراء إصلاحات تنظيمية بارزة، مثل هيئة تنظيم العقارات، والضريبة على السلع والخدمات، وصناديق الاستثمار العقاري، وغيرها، تحدث تغيرات بنيوية تعزز الشفافية والإدارة والتمويل المؤسسي، ويتجه القطاع أكثر نحو التمركز حول العميل، وتبني التكنولوجيا في سلسلة القيمة. وقد جذب ذلك المستثمرين العالميين والعاملين في مجال التنمية العقارية على حد سواء».
وتمثل الاستثمارات الأجنبية 44 في المائة من إجمالي الاستثمارات التي شهدتها سنة 2018، وأكثرها من الولايات المتحدة، وكندا، وسنغافورة، تليها المملكة المتحدة، والإمارات المتحدة، وهونغ كونغ، على حد قول نايت فرانك. كذلك تفضّل أكثر من 90 في المائة من الاستثمارات الأجنبية المشروعات التجارية في مومباي، وبونه، وبنغالورو، وحيدر آباد.
ويبلغ متوسط حجم صفقات المستثمرين الأجانب 149 مليون دولار في مقابل حجم الصفقات المحلية البالغ 87 مليون دولار، بحسب التقرير. وأوضح التقرير، أنه: «تعد مومباي بوجه عام الوجهة المفضلة التي تجذب 53 في المائة (ملياري دولار) من إجمالي الاستثمارات، في حين تمثل وجهات أخرى منها حيدر آباد (793 مليون دولار) وبنالغورو (694 مليون دولار) الوجهات المفضلة للمستثمرين المحليين».

مستثمرون أجانب
في صناديق الاستثمار العقاري
يبدي مستثمرون من مؤسسات عالمية اهتماماً كبيراً بقطاع العقارات الهندي وينجذبون بوجه خاص نحو صناديق الاستثمار العقاري باعتبارها فرصة للفوز بحصة في نمو القطاع بالهند. وقد حصلت ست مؤسسات استثمارية، من بينهم «نيكو أمستريتس تريدينغ آسيا» اليابانية، و«نورث كارولاينا فاند» الأميركية، على موافقة مجلس الأوراق المالية والبورصة الهندي للاستثمار كمطورين ومستثمرين عقاريين في إطار صناديق الاستثمار العقاري. ومن المستثمرين الآخرين، الذين حصلوا على تلك الموافقة، صندوق «هوانغ آسيا باسيفيك ريتز أند إنفراستركشر فاند» الماليزي، و«إيست سبرينغ إنفيستمنتز» التايواني، و«سنتري غلوبال» الذي يوجد في كندا، بحسب معلومات تم نشرها على الموقع الإلكتروني لمجلس الأوراق المالية الهندي.
صرح شوبهيت أغاروال، الرئيس التنفيذي لـ«أناروك كابيتال» لموقع «بيزنس لاين»: «هناك اهتمام عالمي بصناديق الاستثمار العقاري هنا؛ لأن المساحة الإدارية المؤجرة في وضع جيد، حيث يبلغ متوسط الإيجار الشهري حالياً للقدم المربعة من المساحات التجارية في الهند أقل من دولار. إنهم ينظرون إلى الأمر بشكل إيجابي لأن السعر سيرتفع».
وتعمل صناديق الاستثمار العقاري كصندوق تحوط من خلال جمع الأموال من مستثمرين واستثمارها في عقارات تدرّ إيجارات أكثرها تجارية (مكاتب ومتاجر ومراكز تجارية وفنادق). ويشترط مجلس الأوراق المالية والبورصة إدراج صناديق الاستثمار العقاري الهندية في سوق الأوراق المالية؛ للتمكن من القيام بطرح عام أولي لجمع المال.
ومن المتوقع الانتهاء من مشروع «إمباسي أوفيس باركز»، المشترك بين مجموعة «بلاكستون غروب» للأسهم الخاصة الأميركية، و«إمباسي غروب»، التي تتخذ من الهند مقراً لها، قبل نهاية العام الحالي. وتسعى المجموعة إلى جمع ما يتراوح بين 4 و5 مليارات دولار من خلال حافظة استثمارية تتضمن ما يزيد على 70 أصلاً عقارياً في مومباي، وبنغالورو، وبونه، والمنطقة العامة القومية.
يقول راميش ناير، الرئيس التنفيذي ورئيس القطاع بشركة «جيه إل إل إنديا»: «عملية الإدراج في سوق الأوراق المالية خطوة مهمة في طريق وضع آلية استثمار منظمة وذات بنية في قطاع العقارات». إذا تمت تلك الصفقة سوف تشجع مجموعة جديدة من عمليات الطرح العام الأولي الخاصة بصناديق الاستثمار العقاري؛ مما يوفر دعماً ضرورياً لشركات العقارات الهندية التي تجد صعوبة في الحصول على سيولة نقدية في خضم السياسات الحكومية الجديدة، كما يوضح ناير.
ويتجاوز حجم العقارات الاستثمارية المدرّة للدخل، بحسب «لاسال إنفيستمنت مانجرز»، مليون تريليون دولار، وتشغل المركز الثالث عشر في سوق العقارات العالمية من حيث قيمة الأصول. ورغم اهتمام المستثمر العالمي لا تزال هناك الكثير من العقبات المتعلقة بعملية الإدراج الفعلية.
وأوضح بانكاج كابور، المدير التنفيذي لـ«لياسيز فوراس»، أن نسبة عائدات العقارات التجارية في الهند تتراوح بين 8 و9 في المائة، في حين لا تتجاوز عائدات العقارات السكنية 3 في المائة. ويجعل ذلك صناديق الاستثمار العقاري أقل جاذبية من سوق الأسهم على سبيل المثال التي يمكن أن تصل فيها العائدات على المدى الطويل إلى أكثر من 10 في المائة، رغم تضمنها قدراً أكبر من المخاطرة. وأضاف كابور: «من العوامل المهمة لنجاح صناديق الاستثمار العقاري قبول المستثمرين عائداً إجمالياً، أي عائداً سنوياً وزيادة قيمة الأصول، الذي من المتوقع أن يكون جذاباً. ستكون أول صناديق من هذا النوع بمثابة اختبار بالنسبة للسوق الهندية، وإذا تم تحقيق نجاح لن ينظر أحد إلى الخلف».

عمليات الدمج والاستحواذ
أصبح التدعيم من خلال عمليات الدمج والاستحواذ توجهاً بارزاً في قطاع العقارات. وشارك في بعض الصفقات الكبرى مستثمرون مثل مجموعة «بلاكستون»، و«خطة التقاعد الكندية»، و«أسينداس» و«جي أي سي»، و«إتش دي إف سي فينشر» ومقرها الهند، بحسب دراسة أجرتها شركة «أناروك» للاستشارات العقارية. وتمثل فئة الأصول التجارية الإدارية نحو ثلثي حجم الاستثمار، حيث لا يزال قطاع المساحات الإدارية يجذب اهتمام المستثمرين الأجانب الذين يكونون حافظات استثمارية تتضمن أصولاً تدرّ إيجارات بحسب ما ذكرت شركة «كوشمان أند ويكفيلد» في تقرير سلّط الضوء على زيادة الاستثمارات. وقد استثمرت صناديق «بلاكستون» للأسهم الخاص 3.5 مليار دولار في الهند حتى هذه اللحظة.
ولدى «مجلس استثمار خطة التقاعد الكندية» مجموعة متنوعة من الاستثمارات في الهند، كان قيمة أخرها 142 مليون دولار مع شركة التطوير العقاري «فونيكس ميلز لمتيد». وتشمل صفقات المساحات الإدارية الأخيرة شراء «بلاكستون» لحصة نسبتها 50 في المائة من العقارات الإدارية المملوكة لـ«إنديابولز ريال ستيت» بقيمة 730 مليون دولار، وشراء مجموعة «أسينداس - سينغبريدج غروب» مبنيين إداريين تحت الإنشاء في «أوروم بلاتز أي تي بارك» في مدينة نافي مومباي الجديدة مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه.
ويعقد صندوق عقارات تديره مؤسسة «مورغان ستانلي» المالية محادثات مع مجموعة «كيه إس إتش غروب» ومقرّها مدينة بونه لاستثمار نحو 55 مليون دولار في أصول من المخازن. وتعمل مجموعة «كيه إس إتش غروب» في الدعم اللوجيستي المحلي، والتصنيع، والخدمات، والتوزيع، ويزيد عدد العاملين بها عن 600 موظف منتشرين في ثماني مدن.
ويقول أحد الأشخاص، رفض ذكر اسمه نظراً لسرية المحادثات: «المحادثات مع (مورغان ستانلي ريال ستيت إنفيستينغ)، وهي الذراع الاستثمارية لـ(مورغان ستانلي) في مجال العقارات، في مراحل متقدمة». من المرجح أن يتم الانتهاء من تلك الصفقة خلال الشهر المقبل أو الشهرين المقبلين، على حد قوله.
وتستثمر مؤسسة «مورغان ستانلي» حالياً من خلال صندوقها التاسع الذي جمع أكثر من ملياري دولار من أجل استثمارات في قطاع العقارات على مستوى العالم.
جدير بالذكر، أنه بعد تطبيق الضريبة على السلع والخدمات، شهدت الهند نشاطاً كبيراً في مساحات التخزين، حيث أعلن الكثير من المستثمرين عن خطط لاستثمار مئات الملايين من الدولارات في مشروعات مخازن لم يتم استخدامها من قبل إلى جانب الاستحواذ على أصول موجودة بالفعل. ومن المرجح أن يصل حجم قطاع الدعم اللوجيستي الهندي، الذي يقدّر حجمه حالياً بنحو 160 مليار دولار، إلى 215 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة في ظل تطبيق الضريبة على السلع والخدمات بحسب ما جاء في المسح الاقتصادي لعام 2017 - 2018.
على الجانب الآخر، تشاركت كل من «إندوسبيس» و«صندوق المعاشات الكندي» في مشروع باسم «إندوسبيس كور» للاستحواذ على منشآت لوجيستية حديثة في الهند وتطويرها. وقد التزم صندوق المعاشات بإسهام يبلغ نحو مليار دولار في أصول «إندوسبيس». وتتضمن حافظة «إندوسبيس» حالياً نحو 28 مساحة لوجيستية وصناعية في مختلف أنحاء البلاد.
وقد جمعت «لوغوس إنديا» في وقت سابق رأس مال سهمي يقدر بـ400 مليون دولار من شركة «أيفينهو كامبريدج» العقارية التابعة لـ«كيس دي ديبوت إي بليسمينت دو كيبيك»، ثاني أكبر صندوق للمعاشات في كندا، ومجموعة «كواد ريال بروبرتي» العقارية التي توجد في مدينة فانكوفر. كذلك، أعلنت مجموعة «أسينداس - سينغبريدج غروب»، ومقرها سنغافورة، عن مشروع مشترك مع «فيرست سبيس ريالتي» في يونيو (حزيران) 2017 لدخول سوق الدعم اللوجيستية الصناعية والمخازن الهندي. ويستهدفان استثمار 600 مليون دولار خلال السنوات الخمس أو الست المقبلة، وتطوير مساحة تبلغ 15 مليون قدم مربعة.
وتقترب شركة «ميبيلتري إنفيستمنت لمتيد» الصينية من شراء «إس بي إنفوسيتي» لتكنولوجيا المعلومات ومقرها مدينة تشيناي، والمملوكة لكل من «خطة المعاشات الكندية»، و«شابورجي بالونجي إنفيستمنت أدفايسورز». بمجرد إتمام الاتفاق سيكون واحداً من أكبر الاتفاقات المتعلقة بالمساحات الإدارية في البلاد خلال عام 2018 بعد استحواذ «إدارة أصول بروكفيلد الكندية» على مساحة «إيكوينوكس بيزنس» التي كانت مملوكة لـ«إيسار غروب» في مومباي. من المرجح إتمام صفقة «إس بي إنفوسيتي» خلال الأسبوعين المقبلين، بحسب مصادر مذكورة آنفاً.
كذلك، ذكر تقرير صادر عن «مينت»، أن «بروبريوم كابيتال بارتنرز» لإدارة الأصول المستقلة تستثمر مائة مليون دولار تقريباً في «موساديلال بروجيكتس لمتيد» لإنشاء منصة للدعم اللوجيستي والتخزين.
على الجانب الآخر، جذب قطاع العقارات السكنية مستثمرين أجانب، حيث تضاعف تدفق رأس المال السهمي إلى قطاع العقارات السكنية خلال الربع الحالي مقارنة بالعام الماضي حين كان يقدّر حجمه بـ1.32 مليار دولار. وتمثل سوق العقارات في مومباي، التي تعد الأكثر انتعاشاً في البلاد، نحو 19 في المائة من إجمالي صفقات القطاع السكني. وقد استثمر جهاز أبوظبي للاستثمار، ثاني أكبر صندوق سيادي في العالم، 90 مليون دولار في عقارات «إتش دي إف سي كابيتال أدفايسورز لمتيد» العقارية. وقال سوجوي بوز، الرئيس التنفيذي للصندوق القومي للاستثمار والبنية التحتية: «هذا الاستثمار يمكّن المستثمرين من المشاركة في قطاعات إسكان متوسط الدخل وذي تكلفة ميسورة في الهند».
تحتاج الهند إلى استثمارات قدرها 4 تريليونات دولار خلال السنوات الخمس أو الست المقبلة لتنفيذ خطط حكومية كثيرة. ومن المرجح أن تجذب مبادرة «السكن للجميع بحلول 2022» استثمارات بقيمة 1.3 تريليون دولار إلى قطاع العقارات السكنية بحلول عام 2025. وتزداد أهمية ومكانة التمويل المؤسسي في هذه البيئة.
ويعد صندوق الثروة السيادي السنغافوري «جي أي سي» واحداً من أكبر مستثمري رأس المال السهمي، ويرقى إلى مستوى شركة «بلاكستون». وقد أبرم عشرات الصفقات في سوق العقارات الهندية منذ عام 2007، بحسب «في سي سي إيدج»، العاملة في مجال البحث في البيانات التابعة لـ«نيوز كورب في سي سيركل». وكانت أهم صفقة أبرمها عندما استثمر 1.4 مليار دولار مقابل الحصول على حصة نسبتها 33 في المائة في الذراع الإيجارية لـ«دي إل إف لمتيد». وصرحت شركة «غادريج بروبرتيز» في بداية مايو (أيار) بأنها سوف تجمع نحو 150 مليون دولار من شركة استثمارية تديرها «جي أي سي» في صفقة نادرة في قطاع العقارات الهندي. وفي وقت لاحق من شهر أغسطس (آب)، حصلت «جي أي سي» على حصة قدرها 1.4 في المائة من «أوبيروي ريالتي لمتيد» مقابل مبلغ يتراوح بين 33 و37 مليون دولار. وقد نجحت شركة «جي أي سي» على مدار سنوات في تحقيق التنوع في حافظتها الاستثمارية من أجل القيام بصفقات تجارية وفي مجال التجزئة، لكنها لا تزال تعتمد كثيراً على سوق العقارات السكنية، ولم تغزُ بعد قطاع المخازن الذي يجذب الانتباه مؤخراً. وقد دعمت أيضاً مشروعات لشركة «فاتيكا» للتطوير العقاري في شمال الهند، و«جاين هايتس» للتطوير العقاري في تشيناي.


مقالات ذات صلة

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جرى توقيع المذكرة بحضور وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل ووزير المالية محمد الجدعان وممثلي «السعودية لإعادة التمويل» وشركة «حصانة» (الشرق الأوسط)

«السعودية لإعادة التمويل العقاري» تُوقع مذكرة مع «حصانة» لتعزيز السيولة وتقديم فئة أصول جديدة

وقّعت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مذكرة تفاهم مع شركة حصانة الاستثمارية تهدف إلى تعميق وتوسيع نطاق أسواق المال بالمملكة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»