«السجائر المصرية» لوجيه غالي عنوان جديد لرواية قديمة

ترجمة فرنسية جديدة لها بعد 54 سنة من صدروها بالإنجليزية

«السجائر المصرية» لوجيه غالي عنوان جديد لرواية قديمة
TT

«السجائر المصرية» لوجيه غالي عنوان جديد لرواية قديمة

«السجائر المصرية» لوجيه غالي عنوان جديد لرواية قديمة

- ماذا هذا الاهتمام بالرواية؟ هل هذا عائد لأهميتها الفنية؟ أم هو اهتمام بالكاتب نفسه الذي يلف سيرته وهويته الكثير من الضباب والغموض؟ أم لأن الروائي كان أول من طبع علاقاته مع إسرائيل بعد حرب الخامس من حزيران مباشرة؟ أم لأن الرواية تتضمن نقدا لاذعا لفترة حكم جمال عبد الناصر؟
لم تحظ رواية يتيمة من اهتمام الناشرين كما حظيت رواية «بيرة في نادي البلياردو» للكاتب المصري وجيه غالي التي صدرت في لندن باللغة الإنجليزية في العام 1964 (عن دار أندريه دويتش). ومنذ صدورها حتى اليوم ما انفكت تثير حولها اهتمام باحثين وناشرين. فما الذي دفع دور نشر بريطانية وعربية وأميركية وإسرائيلية وألمانية وفرنسية لإصدار هذه الرواية بطبعات مختلفة وبأكثر من عنوان؟ هل هذا عائد لأهميتها الفنية؟ أم هو اهتمام بالكاتب نفسه الذي يلف سيرته وهويته الكثير من الضباب والغموض؟ أم لأن الروائي كان أول من طبع علاقاته مع إسرائيل بعد أن عمل مراسلا لصحيفة ذي صنداي تايمز البريطانية، ودعا للتطبيع في الرواية نفسها، بعد حرب الخامس من حزيران مباشرة؟ أم لأن الرواية تتضمن نقدا لاذعا لفترة حكم جمال عبد الناصر؟ أم لكل هذه الأسباب مجتمعة؟ وكانت هذه الرواية قد ترجمت للفرنسية لأول مرة 1965. والنسخة الجديدة أصدرتها دار لوليفيه بترجمة إليزابيت جانفييه عن الإنجليزية.
بطل الرواية هو رام، وهو شاب قبطي كاثوليكي ماركسي وجودي عدمي مقامر وسكير. شخصية قريبة جدا من سيرة الكاتب الذاتية: شخصية متناقضة في سلوكها وأفكارها تعيش على هامش المجتمع، لكنه قارئ نهم. يقول في أحد حواراته: «أردت أن أحيا. قرأت وقرأت... أردت أن أقيم علاقات غرامية مع كونتيسات وأن أقع في غرام عاملة بار... وأن أصبح زعيما سياسيا وأن أربح في مونت كارلو وأن أكون متشردا في لندن وأن أصبح فنانا وأن أكون أنيقا وأن أرتدي رث الثياب». إنه ابن عائلة إقطاعية مصرية كانت تملك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية لكنها قامت ببيعها للفلاحين بعقود مزيفة للهروب من التأميم والإصلاح الزراعي الذي فرضه عبد الناصر بعد ثورة يوليو. ورغم ثقافة رام الإنجليزية وانتمائه للطبقة الغنية المصرية إلا أنه كان أميل إلى الاشتراكية، ونتيجة لذلك انتمى للحزب الشيوعي. يدعي أنه مصري حقيقي، فأن تكون مصرياً «لا يعني انتماء للغة وتاريخ وثقافة بل لروح النكتة لدى المصريين»، كما كان يقول لحبيبته اليهودية: «أتعرفين يا إدنا أنت لست مصرية... أنت فقط لست مصرية وسأقول لك لماذا. هل تذكرين عندما قلت لي مرة إنني لست مصريا لأنني أنتمي إلى النخبة... إلخ... ولكنني مصري، أنا مصري حقيقي عندي حس الفكاهة المصرية». ومع أنه عاطل عن العمل، أو بالأحرى يرفض العمل الذي يعرض عليه من قبل خالته ذات الصلات القوية، يفضل العيش عالة على عطاءات والدته وخالته والدين من زملائه في النادي كي يقامر ويعاقر الخمر ويخسر كل ما لديه ثم يعيد الكرة. يذهب لمقابلة حبيبته اليهودية إدنا سيلفا ليشكو حاله وحال صديقه فونت وضجره في مصر فتهديه مع صديقه كل تكاليف الرحلة وتأشيرة دخول ومصروف الإقامة في بريطانيا حيث يحاول جاهدا الحصول على إقامة دائمة دون جدوى. وهناك يتعرف على عائلة بريطانية ويغازل إحدى بناتها ويرتكب خيانة بحق حبيبته اليهودية التي أهدته الرحلة. «سافرت أنا وفونت إلى لندن، إلى أوروبا الحلم، إلى الحضارة، لحرية التعبير، للثقافة، للحياة، غادرنا في ذلك اليوم ولن نرجع أبدا، رغم أننا هنا في القاهرة مرة أخرى».
يعود رام إلى القاهرة حاملا أفكارا جديدة حول الحرية والديمقراطية، داحضاً أفكار ابن خالته منير العائد من أميركا المعجب بديمقراطيتها وحريتها، ليس دفاعا عن أفكاره أو نقدا لديمقراطية أميركية «تهضم حقوق السود ومهاجري بورتوريكو»، ولكن فقط ليبهر حبيبته اليهودية بثقافته «ثقافتي جعلتني جديرا بكِ بعض الشيء». وعلى نقيض أبناء طبقته الإقطاعية، يدافع عن الثورة ويؤيد جمال عبد الناصر في تأميم قناة السويس، لكنه ينتقده فيما بعد: «أنا أنتمي لمنظمة سرية... يرأسها دكتور حمزة وهو يجمع وثائق وصورا وشهادات عن الفظائع التي ترتكب في سجوننا السياسية والمعتقلات... الغريب في أمر هذه السجون والمعتقلات أن ملاك الأراضي الأثرياء والرجعيين الذين ما زالوا يفضلون نظاما كنظام فاروق يعاملون معاملة جيدة... أما الآخرون من شيوعيين ودعاة سلام مع إسرائيل فيعذبون ويعاملون بفظاعة». ثم نراه، في تغيراته السريعة غير المدروسة، يعدو للتطبيع مع إسرائيل، فيخاطب حبيبته التي طلب منها الزواج وكأنه يخاطب عواطفها المرتبطة بإسرائيل: «تصوري ثلث دخلنا يُضخ في جيش لمحاربة مليونين بائسين من اليهود الذين ذُبحوا بوحشيّة في الحرب الأخيرة». (كانت الرواية قد ترجمت إلى العبرية وصدرت في إسرائيل بعد أقل من عام لأول صدور لها في 1964. وقد قبل وجيه غالي السفر إلى إسرائيل كمراسل لجريدة الصنداي تايمز بعد حرب حزيران مباشرة وهذا ما اعتبره أكثر من ناقد خيانة وتطبيعا مع دولة عدوة تحتل أراضي مصر).
تقع الرواية في 240 صفحة اعتمد الكاتب على الأسلوب السردي والحوارات التي تحتل الجزء الأكبر منها ويفاجئنا الكاتب في نهاية الرواية بذهابه إلى منزل الفتاة المصرية ديدي نخلة وهي أخت أحد أصدقائه ويعبر لها عن حبه ورغبته بالزواج منها متناسيا حبه الأول لليهودية إدنا التي بالأمس فقط طلب الزواج منها، وكأنه يوحي لنا بأنه عاد لمصريته كما يفهمها. ربما لم يكن صادقا في مشاعره لكنه كان صادقا في آخر جملة كتبها قبل انتحاره: «أظن أن الانتحار هو الشيء الأصيل الوحيد الذي فعلته في حياتي».
انتحر وجيه غالي في شقة الكاتبة الإنجليزية ديانا أثيل سنة 1969. التي كتبت فيما بعد رواية التي تتحدث فيها عن الكاتب وعلاقاتها معه وانتحاره في منزلها تحت عنوان: «بعد الجنازة».



فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.