الجزائر: قياديو حزب الأغلبية يعارضون اختيار رئيس البرلمان الجديد

TT

الجزائر: قياديو حزب الأغلبية يعارضون اختيار رئيس البرلمان الجديد

في حين يجري التحضير لترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بوتيرة سريعة، من طرف نشطاء سياسيين موالين له، أبدى قياديون في حزب الأغلبية (جبهة التحرير الوطني) معارضة لاختيار رئيس البرلمان معاذ بوشارب أميناً عاماً للحزب، خلفاً لجمال ولد عباس الذي تم عزله بطريقة فاجأت المتتبعين.
كان حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم قد أعلن أول من أمس، في بيان، تشكيل «هيئة مسيرة» لقيادة الحزب، برئاسة رئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) معاذ بو شارب، مؤكداً بذلك استقالة الأمين العام السابق قبل أسبوعين. وجاء في بيان للحزب الحاكم، الذي يترأسه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أنه «تطبيقاً لتعليمات فخامة رئيس الجمهورية رئيس حزب جبهة التحرير الوطني السيد عبد العزيز بوتفليقة... فقد تقرر إنشاء هيئة لتسيير (الحزب)، برئاسة المنسق معاذ بوشارب» رئيس مجلس النواب، وهو من وقع البيان.
وكان إعلان استقالة الأمين العام السابق جمال ولد عباس «لأسباب صحية» عبر وكالة الأنباء الرسمية في 14 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، ثم نفيه في اليوم نفسه من أحد قياديي الحزب، قد أحدث لغطاً لدى وسائل الإعلام.
وضمت الهيئة الجديدة، إضافة إلى المنسق، ستة أعضاء، خمسة منهم كانوا في المكتب السياسي السابق للحزب، يشكلون «أمانة هيئة التسيير»، على أن يتم تشكيل هيئة تنفيذية «في وقت لاحق»، بحسب البيان.
وأضاف البيان أن القيادة الجديدة ستقوم بتحضير مؤتمر استثنائي، لم يتم تحديد موعده، ينتظر أن ينبثق منه أمين عام جديد ولجنة مركزية ومكتب سياسي.
وندد القيادي في «جبهة التحرير» أحمد بومهدي، في تصريحات للصحافة أمس، بتعيين رئيس «المجلس الشعبي الوطني» معاذ بوشارب أميناً عاماً للحزب، وحل هياكله، المتمثلة في «المكتب السياسي» (19 عضواً) و«اللجنة المركزية» (400 عضو)، واستخلافهما بـ«هيئة مسيَرة» بها 6 أعضاء، من بينهم 3 برلمانيين، يقودهم بوشارب.
وقال بومهدي إن التغيير الذي أعلن عنه أول من أمس «مخالف لقوانين الحزب، ولا نعرف من اتخذ القرار»، في حين أن بوشارب كان قد صرح بأنه وصل إلى قيادة حزب الأغلبية «بأمر من رئيس الجمهورية، الذي هو رئيس الحزب، ولا تناقش أوامره»، وأضاف بومهدي أن بوتفليقة «هنأنا بعد المؤتمر العادي الذي عقد في 2015، خصوصاً لما انتخبنا لجنة مركزية جديدة انبثق عنها المكتب السياسي».
وتذكر قوانين الحزب أنه في حال شغور منصب الأمين، يتولى القيادة أكبر أعضاء «المكتب السياسي» سناً. وينطبق ذلك على أحمد بومهدي. وفي هذا السياق، قال رئيس البرلمان قيادي الحزب سابقاً عبد العزيز زياري إن الاختيار وقع أولاً على وزير الإعلام سابقاً الهاشمي جيار، لخلافة ولد عباس (84 سنة) الذي حاول «مقاومة» قرار تنحيته بحديثه عن «خلوده إلى الراحة بسبب المرض»، وبأنه «عائد إلى القيادة بعد أسابيع قليلة».
يشار إلى أنه لأول مرة، يجمع شخص واحد بين رئاسة البرلمان (عادة يكون من الأغلبية) ورئاسة حزب. وقد وصل بوشارب إلى رأس هيئة التشريع في ظروف استثنائية، حيث وضعته رئاسة الجمهورية بعد عزل سعيد بوحجة، بذريعة «سوء تسيير البرلمان».
في غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط»، من ناشطين في حملة الرئيس لانتخابات 2014، أن تنظيماً كبيراً ينتمي لـ«المجتمع المدني» جمع قيادييه أمس بأعالي العاصمة، لبحث الاستعداد لحملة الرئيس لانتخابات 2019، بمجرد أن يعلن صاحب الشأن عن رغبته في تمديد حكمه. ويعتقد على نطاق واسع أن بوتفليقة يريد الاستمرار في الرئاسة، رغم حالته الصحية المتدهورة.
ويلتقي نشطاء التنظيم الجديد داخل إقامة فاخرة بحي بن عكنون، ويقوده مؤقتاً، بحسب نشطائه، محمد قاسمي نجل مسؤول شركة حكومية سابقاً تهتم بتنظيم المعارض والمؤتمرات. ويتوفر التنظيم، الذي تسلم رخصة مزاولة نشاطه من وزارة الداخلية حديثاً، على أموال كبيرة خصصها رجل أعمال كبير اسمه رضا كونيناف، رئيس مجموعة اقتصادية عائلية تعاظم شأنها منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999، نظراً للصداقة القوية التي كانت تجمعه بكونيناف الأب منذ أيام ثورة التحرير (1954 - 1962).
وبدأ التنظيم بتوظيف عدد كبير من الأشخاص للعمل من أجل «الولاية الخامسة»، مقابل أجور شهرية مغرية وامتيازات مادية أخرى. ووضعت تحت تصرفهم سيارات للتنقل بين الولايات، في إطار التنسيق بين مئات الجمعيات والاتحادات المهنية، و«الزوايا» المتخصصة في تعليم القرآن، وهي فضاء ديني شديد الولاء للرئيس.
وكلف أمين عام الجمعية، الذي لم يطلق عليه اسم بعد، برلماني «جبهة التحرير الوطني» سابقاً عبد القادر صالحي بتنظيم أعمال الجمعية وتأطيرها، وتسنده في هذه المهمة صحافية قديمة بالإذاعة الحكومية.
وأقام مسؤولو التنظيم استوديو كبيراً داخل الفيلا لتركيب الأعمال المصورة الخاصة بالتحضير للولاية الخامسة، تمهيداً لبثها خلال حملة الانتخابات المرتقبة التي اختير لها شعاران: «الشباب» و«الاستمرارية». والشعار الأخير يجري ترديده في الأحزاب الموالية للرئيس، على أساس أن «الشعب يناشده استكمال الإنجازات التي تحققت خلال ولاياته الثلاث».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.