«نادي قضاة لبنان» يمأسس نفسه... و«القضاء الأعلى» يعترض

تلقى دعوة رسمية للانضمام إلى الاتحاد الدولي للقضاة

مبنى قصر العدل في بيروت
مبنى قصر العدل في بيروت
TT

«نادي قضاة لبنان» يمأسس نفسه... و«القضاء الأعلى» يعترض

مبنى قصر العدل في بيروت
مبنى قصر العدل في بيروت

يشق «نادي قضاة لبنان» بصعوبة مسيرة تثبيت نفسه كهيئة قانونية ومعنوية تتولى طرح القضايا التي تهم الجسم القضائي وتعزز استقلاليته، في مقابل تحفظ «مجلس القضاء الأعلى»، الذي يعد رأس السلطة القضائية ومرجعتيها، رغم أن حاملي لواء هذا المشروع يؤكدون أنهم يحيون «نادي القضاة» الذي تأسس في عام 1969، وكان يحمل اسم «حلقة الدراسات القانونية» لكنه انتهى مع بدايات الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 1975.
وتقدم أعضاء النادي بكتاب «علم وخبر» إلى وزارة الداخلية والبلديات في 28 أبريل (نيسان) 2018، (أي طلب رخصة إنشاء جمعية)، لكن الداخلية أحالت الكتاب إلى وزارة العدل لإبداء الرأي، وقد أحالته الأخيرة بدورها على مجلس القضاء الأعلى، الذي سارع إلى الاعتراض عليه، باعتبار أن «تشكيل بعض القضاة هيئة أو كيانا أو جمعية، أياً كانت المهمة التي تتولاها، يعد خرقاً لموجب التحفظ الذي يتحلى به القاضي».
ويضع «نادي القضاة» نصب عينيه مجموعة أهداف، أبرزها: «إعلاء شأن السلطة القضائية، وتعزيزها وتطويرها وحماية مكتسباتها المادية والمعنوية، وحماية حق القضاة في إبداء الرأي والتعبير بما لا يتعارض مع القوانين، ولا يخرق مبدأ التحفظ». ويضم النادي عشرات القضاة العدليين والإداريين والماليين، وقد دخل طور التأسيس في شهر مارس (آذار) 2017، على أثر حركة الاحتجاج والإضرابات التي لجأ إليها القضاة آنذاك، رفضاً لقرار الحكومة اللبنانية بإلغاء «صندوق تعاضد القضاة»، والتعامل مع القضاة كموظفين، لا سلطة دستورية مستقلة، وقد نجحت مساعيهم يومها بتراجع الحكومة عن قرار إلغاء صندوق التعاضد وبعض الامتيازات التي تشكل أماناً اجتماعياً للقاضي وعائلته.
وتقابل خطوة أعضاء نادي القضاة، بتحرك معاكس لمجلس القضاء الأعلى، الذي وجّه رسالة إلى وزارة الداخلية، تتضمن شرحاً مفصلاً للأسباب الموجبة التي حمله على رفض إنشاء كيان مثل هذا، وأمل بـ«عدم إعطاء هذا النادي (علم وخبر) كي لا تسبغ عليه الصفة القانونية أو المؤسساتية». وأكد مصدر مجلس القضاء الأعلى لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاعتراض على مأسسة نادي القضاة، يأتي انطلاقاً من تخطي (مبدأ التحفظ) الذي لا يعطي القضاة حق التصريح ولا حق تأليف جمعية، أو خلق جسم يختبئون خلفه، للالتفاف على مبدأ التحفظ، وهذا أمر غير مقبول». ودعا المصدر كل القضاة إلى «الالتزام بالقواعد والأخلاقيات القضائية». وأضاف: «صحيح أن القضاء سلطة مستقلة، لكن هناك مادة في قانون القضاء العدلي، تحظّر على الموظفين إنشاء جمعيات، وبالتالي فالقضاة يخضعون لقانون الموظفين ويجب الالتزام بهذا القانون».
ورغم إدراك المنضوين في «نادي القضاة» لصعوبة مهمتهم ومشقتها، لكنهم لن يستسلموا لمشيئة إلغاء كيانهم، المهني البحت، الذي لا يرتبط بحزب أو أي تكتل طائفي أو سياسي. ويحاول أعضاء النادي تبديد هواجس مجلس القضاء، من خلال رسائل تشدد على أن نادي القضاة «ليس كياناً موازياً لمجلس القضاء الأعلى، بل يخضع لسلطته وللقرارات التي تصدر عنه». وعلمت «الشرق الأوسط»، أن «أعضاء نادي القضاة يتحفظون على كشف أسمائهم في هذه المرحلة حتى لا يكونوا عرضة للمساءلة والمحاسبة أمام هيئة التفتيش القضائية، لكن الهيئة الإدارية للنادي لا تتردد في إصدار بيانات تحدد موقفها من أي حالة تشكل انتقاصاً من دور القاضي ومن استقلاليته». ودائماً ما تركز البيانات على أن النادي «ليس ضد مجلس القضاء الأعلى ولا يشكل أي انتقاص من دوره، بل هدفه تعزيز استقلالية السلطة القضائية، والتماهي مع مجلس القضاء، والعمل على مكافحة الفساد والإثراء غير المشروع». ويركز البيان التأسيسي للنادي على أن «مجلس القضاء لديه سلطات واسعة، تبدأ بتمثيل الجسم القضائي وإجراء التشكيلات القضائية، ولا تنتهي بالسهر على عمل المحاكم وحسن سير العدالة».
وبقيت تحركات النادي سرية لنحو سنة كاملة، ثم تطوّرت من مجرد حركة اعتراضية إلى هيئة قانونية مرخصة، وقد وصل صدى هذا التحرك إلى الخارج. وكشفت معلومات لـ«الشرق الأوسط»، أن نادي القضاة «تلقى رسالة دعم من الاتحاد العربي للقضاة»، ورسائل تهنئة من نوادي القضاة في عدد من الدول العربية، كما تلقى دعوة للانضمام إلى الاتحاد الدولي للقضاة. ورغم امتناع أي من أعضاء نادي القضاة عن التصريح رداً على محاولة وأد تحركهم ومنع اتساع عدد المنتمين إليه، أكد مرجع قانوني أن «احترام القاضي لواجب التحفظ أمر ضروري»، لكنه أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «انضواء مجموعة من القضاة ضمن هيئة قانونية أو كيان معين من أجل الدفاع عن حقوق زملائهم، وتحقيق المكاسب المادية والمعنوية والاجتماعية للقضاة وعائلاتهم، لا يخرق واجب التحفظ». وأشار المرجع القانوني إلى أن «التحفظ يعني عدم إعطاء رأي مسبق في معرض القضية التي ينظر فيها القاضي، أو عدم إظهار انتمائه السياسي أو الديني أو الطائفي»، مذكراً بأن «الدستور اللبناني ينص على مبادئ حقوق الإنسان، والحق بالتجمع وإبداء الرأي، مع أهمية ألا ينسى المنضوون في النادي أنهم قضاة». يذكر أن «مجلس القضاء الأعلى» هو ممثل السلطة القضائية الخاضعة لوصاية وزارة العدل، وتكون كل قراراته والتشكيلات والمناقلات القضائية التي يجريها، بالتشاور والتنسيق مع وزير العدل.
أما «نادي القضاة»، فهو عبارة عن جمعية ترأسها هيئة إدارية لديها هامش من حرية التحرك لجهة إصدار الخطابات والبيانات التي تدافع عن القضاة، من دون أن تكون مقيدة بوصاية السلطة السياسية.
لذا، فإن لا تعارض أو تضارب بين عمل المؤسستين، لأن مجلس القضاء هو رأس السلطة القضائية وصاحب القرار فيها، وهو الذي يسهر على حسن سير العدالة، ويعين القضاة ويوزعهم على المحاكم والدوائر القضائية.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.