أربعة أسباب تدفع السعودية للتدرج في التحرر من الدين العام

مختصون: جدولة الاستحقاق وضآلة الحجم والفرص البديلة أبرز المسببات

تقوم السعودية بتسديد دينها العام بشكل تدريجي سنوي ومن دون التعجل للتحرر منه («الشرق الأوسط»)
تقوم السعودية بتسديد دينها العام بشكل تدريجي سنوي ومن دون التعجل للتحرر منه («الشرق الأوسط»)
TT

أربعة أسباب تدفع السعودية للتدرج في التحرر من الدين العام

تقوم السعودية بتسديد دينها العام بشكل تدريجي سنوي ومن دون التعجل للتحرر منه («الشرق الأوسط»)
تقوم السعودية بتسديد دينها العام بشكل تدريجي سنوي ومن دون التعجل للتحرر منه («الشرق الأوسط»)

رغم حجم الفوائض المالية الضخمة التي بلغت أوجها في العام الماضي عندما بلغت 386 مليار ريال خلال 2012 و206 مليار ريال خلال العام الحالي 2013 بجانب الاحتياطات الضخمة التي تخطت 800 مليار دولار، إلا أنه يلفت النظر لجوء السعودية إلى تسديد دينها العام بشكل تدريجي سنوي ودون التعجل للتحرر منه.
وبحسب خبراء ومختصين اقتصاديين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، تتجاهل ميزانية السعودية الانتهاء من الدين العام وتسديده، رغم القدرة العالية على استيفائه بكل سهولة من الفائض أو الاحتياطي، مشيرين إلى توجهات تبرز في سياسة السعودية نحو التعامل مع الدين الحكومي.
وخلصت «الشرق الأوسط» من رؤى المختصين إلى أربعة أسباب رئيسة تأتي في اعتبارات الحكومة ترتكز في استيفاء حق السندات عند استحقاقها بلا تجديد ضمن جدولتها المرسومة لها، إضافة إلى ضآلة حجم الدين الذي لا يوازي سوى 2.7 في إجمالي الناتج المحلي الإسمي، بجانب الاستفادة من الفوائض في فرص بديلة يضاف لها الصورة الانطباعية الخارجية عن قدرة السداد والاستيفاء.
ووفقا لميزانية الدولة فقد انخفض الدين العام للعام العاشر على التوالي، ليبلغ حاليا 75.1 مليار ريال بنهاية 2013، متراجعا بما قوامه 24 في المائة عن مستويات العام الماضي 2012، البالغة 98.9 مليار ريال، أي بمعدل انخفاض قوامه 23.7 مليار ريال. وكانت السعودية ووفقا لحجم استيفائها العام منذ عام 2003 قد سددت 584.7 مليار ريال من الدين العام مسجلة تراجعا قوامه 89 في المائة عن مستوياته قبل عشر سنوات، حينما كان يبلغ حينها 660 مليار ريال.
ويتزامن هذا مع اختراق احتياطيات السعودية حاجز ثلاثة تريليونات ريال بعد أن استطاعت الميزانية تحقيق فائض في الميزانية ليضاف إلى ما هو متوافر 693 مليار دولار، ليصل إلى 3.3 تريليون ريال (899 مليار ريال).
وهنا، يؤكد الدكتور سعيد الشيخ وهو خبير اقتصادي سعودي أن هذه المديونيات عبارة عن إصدارات سندات تقوم السعودية بسدادها حينما يحل عليها الاستحقاق (انتهاء فترة السداد)، مشيرا إلى أنه في السنوات الماضية شهدت الميزانية استيفاء الدين العام عندما تصل المديونية إلى نهاية فترة السداد دون حاجة للتجديد الأميري الذي يفسر السداد التدريجي.
وزاد الشيخ، وهو عضو مجلس الشورى، أن السبب الثاني هو استخدام الدولة للدين العام كأداة لها مهمات أخرى تكمن في الجانب المالي، مضيفا بالقول: «السعودية ليست بحاجة للاقتراض لكن عملية السداد ترفع مستوى النقد في النظام المصرفي عند التسديد وبالتالي ترفع من معدلات السيولة في البلد».
وأضاف أنه في وضع كالسعودية لا بد من التحسس لهذا الأمر حتى لا تؤدي مستويات السيولة العالية إلى رفع التضخم، مدللا على رؤيته بأن مؤسسة النقد حتى تقلل من السيولة في النظام النقدي في 2013 قامت بإصدار ما قيمته 34 مليار ريال أذونات الخزينة (سندات قليلة الأجل) لتشتريها البنوك بهدف سحب السيولة لكي لا يؤدي هذا النمو في زيادة التضخم وانعكاسات سلبية على بعض مؤشرات الاقتصاد الأخرى.
من ناحيته، أكد الدكتور عبد الله باعشن، وهو رئيس مجلس إدارة شركة الفريق الأول للاستشارات المالية - مرخصة من هيئة السوق المالية - بأن هناك عدة عوامل وتوجهات تدعم سياسة الدولة في عملية السداد السنوي بهذه الصورة، لافتا إلى أنها تتجسد في أن حجم الدين يقاس بالإنتاج المحلي وكذلك المقارنة بينهما بالإسمي أو الصافي الحقيقي، مفيدا أن المؤشرات الاقتصادية توضح أن ما يمثله يعد منخفضا جدا بل ولا تقارن بنسب حجم الديون إلى الإجمالي المحلي على مستوى الدول في العالم إلا في الدول الإسكندنافية.
وأضاف باعشن أن بعض الدول تتخطى حاجز نسبة الدين لديها 70 في المائة، موضحا أن السعودية وخلال عشر سنوات أخذت عملية تسديد الدين وقت الاستحقاق وليس وقت توفر الأموال كسياسة منتهجة، الأمر الذي يصب لمصلحتها وذلك لقوة مركزها المالي وإعطاء الأسواق والمطلوبين انطباعا باستيفاء التزاماتها في أوقاتها، إضافة إلى أن تكلفة خدمة الدين ستكون أقل من الفرص البديلة التي يمكن استفادة الفوائض أو الاحتياطيات للاستثمار فيها بعوائد أعلى.
ولفت باعشن إلى أن بعض الدول تقترض للتأثير على التضخم عبر سحب كمية النقد ليقل في السوق المالية وبالتالي لا ترتفع الأسعار، وهو أمر ربما لا يناسب الوضع في السعودية في ظل وجود الوفورات والفوائض المالية الضخمة، مبينا أن الدول تلجأ إلى الدين في حال الحاجة إلى الأموال كالوضع في أميركا (التحفيز) أو بلدان الربيع العربي، فيما الاقتصاد السعودي ليس في هذه المرحلة.
من جهته، يرى عبد العزيز البركات الحموه، وهو خبير استثماري أن الدين الحكومي الحالي يعد ضمن حالة صحية للاقتصاد المحلي، مشيرا إلى أن ميزانية الدولة تعتبر جهة لها موجودات وديون، لذا يعد الدين ردة فعل طبيعية لعدة اعتبارات وظروف اقتصادية.
وأوضح الحموه في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الدين الحكومي الحالي البالغ 75.1 مليار ريال من أصل موجودات تخطت 800 مليار دولار، مما لا يصنف السعودية معه على أنها دولة مديونية، مشيرا إلى أن سياسة السعودية في سداد الدين تتأتى من كونها تسير ضمن برنامج زمني منذ ما كان يربو على 600 مليار ريال تسجل حاليا انخفاضا تدريجيا وصولا إلى قيمة الدين الحالية. وأفاد الحموه بأن الدولة ترى بأنه لا داعي لإعادة جدولة السداد أو ترى بأن لديها التزامات أكثر أهمية من التحرر من المديونية في ظل الوفاء والقدرة الكاملة على الاستيفاء في وقتها أو في أي وقت.



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.