مصر: اكتشاف مقبرة فرعونية عائلية لكاتب التحنيط وزوجته «منشدة آمون»

العثور على تابوتين من الخشب الملون

مرممة آثار تنظف حائط المقبرة «تي تي 28» التي ترجع إلى الدولة المتوسطة لكن أعيد استخدامها في عهد الدولة الحديثة (أ.ف.ب)
مرممة آثار تنظف حائط المقبرة «تي تي 28» التي ترجع إلى الدولة المتوسطة لكن أعيد استخدامها في عهد الدولة الحديثة (أ.ف.ب)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة فرعونية عائلية لكاتب التحنيط وزوجته «منشدة آمون»

مرممة آثار تنظف حائط المقبرة «تي تي 28» التي ترجع إلى الدولة المتوسطة لكن أعيد استخدامها في عهد الدولة الحديثة (أ.ف.ب)
مرممة آثار تنظف حائط المقبرة «تي تي 28» التي ترجع إلى الدولة المتوسطة لكن أعيد استخدامها في عهد الدولة الحديثة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الآثار المصرية، أمس، عن اكتشاف مقبرة أثرية غير مرقمة (لم تكتشف من قبل ولم يتم منحها رقماً) لكاتب مقصورة التحنيط، وزوجته منشدة آمون، في منطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر جنوب مصر، كما فتحت وزارة الآثار غطاء تابوت أثري اكتشفته البعثة الفرنسية العاملة بالمنطقة للمرة الأولى أمام عدسات الإعلام.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصرية، في مؤتمر صحافي أمس، إن «البعثة الأثرية المصرية العاملة بمنطقة العساسيف بالبر الغربي بالأقصر، عثرت على مقبرة جديدة غير مرقمة لشخص يدعى «ثاو آر خت إف»، إضافة إلى المدخل الأصلي للمقبرة، وأوضح أن «هذا الكشف جاء بعد عمل دام لمدة خمسة شهور لبعثة أثرية مصرية خالصة وتابعة للمجلس الأعلى للآثار».
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ورئيس البعثة، أن البعثة بدأت أعمال الحفر الأثري في 11 مارس (آذار) الماضي، وتوقفت لمرة واحدة، ثم استأنفت العمل المستمر حتى الآن.
ومنطقة العساسيف هي منطقة أثرية تضم مقابر الأشراف والنبلاء، من الأسرة المتوسطة والحديثة، أي القرن الـ11 و13 قبل الميلاد، وتقع بجوار معبد حتشبسوت بالدير البحري في الأقصر.
وقال وزيري إنه «البعثة أزالت 300 متر من الرديم، الذي أسفر عن الكشف عن مقبرة جديدة للمرة الأولى، وهي مقبرة غير مرقمة لشخص يدعى «ثاو آر خت إف» وكان يحمل ألقاباً عدة، منها مساعد في معبد موت، والمشرف على المجندين، وكاتب المقصورة المقدسة (مقصورة التحنيط) في معبد موت، ومعنى اسمه هو (الريح في ظهره)».
وعلى جدران المقبرة عثر على نقوش لبعض أفراد العائلة، ومنها زوجة صاحب المقبرة وتدعى «تا - خارو» أو «سخمت - نفرت»، وكانت «منشدة لآمون».
وأضاف وزيري أنه «تم العثور داخل المقبرة على تابوتين مصنوعين من الخشب، في منتهى الروعة، نثر عليهما مجموعة من الزهور، أحدهما لشخص يدعى «با - دي - إيست» ابن «نس - با - روتى»، وكان كاهن معبد آمون، والثاني لسيدة تدعى «نس - موت - عنخي»، وهي منشدة لآمون أيضاً، ومن المحتمل أن تكون بنت «با - دي - إيست».
وعثرت البعثة بحوار التابوتين على تمثالين مصنوعين من الخشب أحدهما لبتاح سوكر أوزير، والآخر من المحتمل أنه يخص صاحب المقبرة.
وقالت حنان حسان، مفتش آثار بمنطقة العساسيف لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقبرة تضم دفنة عائلية كاملة رجالا ونساءً وأطفالاً من مختلف الأعمار، وتعود لفترة الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين»، ومضيفة أن «هذه المقبرة أعيد استخدامها في عهد الأسرتين 25 و26 ويظهر هذا من خلال التابوتين اللذين تم اكتشافهما في المقبرة».
وأوضحت أن النقوش على الجدران «تُظهر رجالاً في الصفا العلوي ونساء في الصف السفلي، وعازف ناي وهو مشهد متكرر في المقابر الأثرية».
وقال وزيري إن «أعمال الحفائر أسفرت عن الكشف عن ألف تمثال من الأوشابتي مصنوعة من الفيانس والخشب والطين المحروق، و5 أقنعة خشبية ملونة، وغطاءين كانوبين مصنوعين من الحجر الجيري، وإناء من الألباستر، وبقايا عظام آدمي، وجزء من بردية عليها الفصل 125 من كتاب الموتى، صاحبها يدعى (با - حبو) ووالدته تدعى سخمت نفرت».
وعدّ وزيري أن هذا الكشف يأتي استكمالا لمسلسل اكتشافات البعثات المصرية الأثرية، خلال العام الحالي، وعددها 25 بعثة تعمل في مختلف أنحاء مصر.
وإلى جانب الكشف الجديد واصلت البعثة المشتركة بين المعهد الفرنسي للآثار الشرقية وجامعة ستراسبورغ عملها في البر الغربي حول مقبرة «بيتا مينوب» في المنطقة الشمالية بجبانة العساسيف، وعثرت قبل 10 أيام على لوحة من الحجر الرملي، وتابوتين خشبيين يعودان لعصر الأسرتين الـ17 و18 وفِي حالة جيدة من الحفظ، وتم فتح أحد التابوتين أمام الصحافيين لمشاهدة المومياء الموجودة بداخله.
وقال فريدريك كولان، رئيس البعثة الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن «البعثة عثرت خلال عملها على أشياء، لوحة حجرية وتابوتين، تم فتح واحد منهم ووجدنا داخله مومياء، بحالة جيدة من الحفظ، وفتحنا الثاني أمس أمام الصحافيين لمشاهدة المومياء الموجودة بداخله، التي تبين أنها بحالة جيدة أيضاً».
وعثر على اللوحة الحجرية فاقدة جزءاً من جزئها الشمالي، ونقش عليها ثلاثة نصوص لتقديم القرابين وأسماء لاثنين من كبار رجال الدولة هما تيتي عنخ وأنيني صاحب مقبرة TT81، وأضاف كولان أن «التابوتين يرجعان لعصر الأسرتين الـ17 و18، الأول لمومياء مجهولة، حيث لا توجد نقوش واضحة عليه لكن يتوقع أنه لرجل، والثاني لسيدة يبدو أنها من عائلة مهمة وتدعى بويا».
وأوضح كولان أن «البعثة وجدت التابوتين خلف حائط بني لحمياتهما، خلال الأسرة الـ25»، وقال: «يبدو أن أصحاب المقبرة عند بنائها في القرن السابع أو الثامن قبل الميلاد قد وجدوا التابوتين، وقاموا بإعادة دفنهم مرة أخرى، بعد 100عام من وفاتهم»، مما يعطي إشارة على مدى احترام المصري القديم للأموات.
وهذه هي البعثة الكشفية الأثرية الأولى لكولان، وبعد 3 أسابيع من بدء عمله تمكن من العثور على التابوتين واللوحة الحجرية، وقال: «أتوقع أن أجد الكثير من الكنوز في الفترة المقبلة، لكننا نعمل بتأنٍ، ونحرص على توثيق كل ما نعثر عليه قبل استكمال الحفائر والعثور على كنوز أخرى».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.