مخاوف اجتماعية وسياسية في مصر إزاء بحث مبدأ «مجانية التعليم»

قلق كبير في الأوساط الشعبية والمتدنية الدخل

مخاوف اجتماعية وسياسية في مصر إزاء بحث مبدأ «مجانية التعليم»
TT

مخاوف اجتماعية وسياسية في مصر إزاء بحث مبدأ «مجانية التعليم»

مخاوف اجتماعية وسياسية في مصر إزاء بحث مبدأ «مجانية التعليم»

بحسب ما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل نحو أربعة أشهر، فإن العام المقبل سيكون عاماً للتعليم في البلاد، غير أن العام الجاري الذي بدأ يُلملِم أسابيعه تحضيراً للرحيل، شهد خلال أيامه القليلة الماضية، تفاعلات وسجالات حكومية وبرلمانية وشعبية. السبب كان الدعوة لمراجعة مبدأ «مجانية التعليم»؛ إذ سرعان ما أطلقت هذه الدعوة في قطاع واسع من المواطنين، وكذلك نواب البرلمان وغيرهم من السياسيين، مخاوف سياسية واجتماعية. وعلى الرغم من أن انتقاد «مجانية التعليم» ليس مسألة جديدة في مصر؛ لأنها كانت دائماً مساحة رحبة للمناقشات والمنازلات بين أصحاب الآيديولوجيات اليمينية واليسارية في قطاعات المثقفين والسياسيين والحزبيين، فإن ما أجّجها هذه المرة، أن الانتقاد صدر عن مسؤول حكومي رسمي رفيع، هو وزير التربية والتعليم الحالي، طارق شوقي، وكان ذلك تحت قبة مجلس النواب (البرلمان).

مع أن تصريحات طارق شوقي، وزير التربية والتعليم المصري، الداعية إلى «مراجعة قضية المجانية»، أطلقت قبل نحو عشرة أيام، فإن أصداءها لا تزال تتردد في مساحات مختلفة اجتماعياً وسياسياً، على امتداد البلاد، ومعها تزداد باطّراد حالة الاشتباك بشكل تصاعدي ملحوظ.
حقيقة الأمر، أن انتقاد الوزير «المجانية» في قطاع التربية والتعليم، التي اعتبر أنها تحقّق «ظلماً وليس عدلاً اجتماعياً»، جاء صادماً لقطاعات شعبية ونخبوية، على حد سواء. ولقد رأى هؤلاء في موقف الوزير «تناقضاً» مع الدستور القائم في البلاد، وهو الذي ينص في مادته التاسعة عشرة على أن «التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية (...) وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية».

خلفية بالأرقام
وفي مصر التي يوجد فيها أكثر من 52 ألف مدرسة، بحسب الإحصائيات الرسمية لوزارة التربية والتعليم للعام الدراسي 2016 – 2017، تبدو مسألة الاقتراب من موضوع «مجانية التعليم» مُقلقة في الأوساط الاجتماعية الأقل دخلاً، وتحت المتوسطة كذلك، خاصة أن هناك - بحسب الإحصاء نفسه - أكثر من 45 ألف مدرسة حكومية يقصدها 18.5 مليون طالب، وهو ما يمثل 90 في المائة من إجمالي عدد الطلاب في مصر عموماً.
ما يُذكر أن الأسر ذات الدخل شبه المتوسط أو المرتفع في مصر، تتجه عادة إلى إلحاق أولادها بمدارس خاصة ودولية (غير حكومية) مقابل مصاريف تتصاعد تدريجياً وفق جودة التعليم ومستوى الخدمات المقدمة للطلاب. وتتركز معظم هذه المدارس في العاصمة القاهرة، ونطاقها المعروف باسم «القاهرة الكبرى»، الذي يضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية. وقُدر التعداد الرسمي لتلك المدارس في المحافظات كافة خلال العام الماضي، بأكثر من 7 آلاف مدرسة تضم نحو مليوني طالب.
وبالتالي، الآثار الاجتماعية إذن لمراجعة «التعليم المجاني» المتردّي المستوى (بحسب تقييمات محلية ودولية) الذي تقدّمه المدارس الحكومية بطبيعة الحال، تبدو ممتدة النطاق بشكل كبير، لكونها تمسّ نحو 18 مليون طالب، فضلاً عن أسرهم. وهو ما يفسّر، بالتبعية، المخاوف البالغة التي عبّر عنها البعض بصور عدة في مواجهة دعوات «إعادة النظر» في المجانية.

تلميحات السيسي... وتوضيحات عبد العال
من ناحية ثانية، إذا ما وضُعت مخاوف الاقتراب من «المجانية»، إلى جانب ترقّب «إجراءات تقشفية جديدة» لمح إليها الرئيس المصري، خلال الشهر الجاري، في سياق الحديث عن دعم المنظومة التعليمية، يمكن تفسير حالة الاهتمام المجتمعي من قطاعات معنية، بشكل مباشر أو غير مباشر، بقضية التعليم ومجانيته. وجميعها وجدت نفسها على تماسٍ وتأثر بالسياسات والمشروعات والخطط الحكومية المعتزم تنفيذها.
ولبيان التحديات المحيطة بعملية «إصلاح التعليم»، يُمكن مراجعة تصريحات للرئيس المصري، في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أكد فيها أن مصر بحاجة إلى «توفير 250 ألف فصل دراسي بتكلفة 130 مليار جنيه (7.3 مليار دولار تقريباً) لمواكبة الزيادة السنوية في أعداد الطلاب». وعدّ السيسي أن «تحدي إصلاح التعليم كبير؛ لكن الأكبر منه عملية التشغيل». وأضاف متعهداً: «التحدي لا بد أن يكتمل حتى نهايته، والقضية (توفير الفصول الدراسية) يلزم حلها وتوفير تكلفتها... وهذا كلام صعب لكل الوزارات، وأقول لكم الأصعب، إننا لن نوفر علاوة سنوية للموظفين هذا العام (في سبيل تجاوز التحدي)».
الأثر السياسي كان أيضاً حاضراً في بؤرة المعالجة وردود الفعل، على الدعوة لمراجعة «المجانية». وهذا ما تنبّهت إليه السلطة التشريعية ممثلة في رئيس البرلمان علي عبد العال، الذي تحدث أمام الجلسة العامة لمجلس النواب، بعد يوم واحد من تصريحات وزير التعليم وبحضوره، عن محاذير الاقتراب من «المجانية». وفي محاولة لوقف عاصفة الانتقادات من بعض النواب للوزير، قال عبد العال، مخاطباً الأعضاء، إنه «لا يمكن المساس بمجانية التعليم من قريب أو بعيد»، واستطرد: «ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منها (مبدأ المجانية) وفقاً للدستور». ومع ذلك واصل عبد العال: «تصريحات وزير التربية والتعليم حول مجانية التعليم، جرى اجتزاؤها من سياقها، من جانب أصحاب المصالح الذين يسعون لتعطيل مسيرة إصلاح منظومة التعليم في مصر»، وتابع: «لا أحد تطرّق إلى مجانية التعليم التي كفلها الدستور... المقدّسات معروفة... وأصحاب المصالح أرادوا أن يشوهوه (وزير التربية والتعليم) من أجل تعطيل مسيرة إصلاح منظومة التعليم».
في الواقع، ثمة من يشير إلى أن وزير التعليم كان منتبهاً لخطورة وحساسية الملف الذي أثاره لدى تصريحاته بشأن المجانية، فالرجل قال بالنصّ، إن الحكومة «لا تجد تمويلاً لتطوير التعليم، وإذا تحدثنا عن مجانية التعليم وضرورة إعادة النظر فيها، فالناس يمكن أن تُلقي بالطوب علينا». ولكن وعلى الرغم من إدراك شوقي مدى حساسية الملف، فإنه دعا إلى مواجهة ما وصفه بـ«الأفكار التقليدية القديمة التي أضرّت بالتعليم، مثل المجانية»، ورأى أنها أصبحت تُكرس «ظلماً اجتماعياً».

البعد الوطني
ولا تقتصر قضية «مجانية التعليم» في مصر على الجانب التربوي والاقتصادي والاجتماعي، وحسب؛ إذ إنها «قضية ترتبط بالنضال الوطني في تاريخ مصر الحديث»، على ما يرى كمال مغيث، الخبير التربوي والمتخصّص في شؤون التعليم. مغيث قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه، إن «تلك القضية ظلت لصيقة بمراحل مختلفة من الجهود الوطنية في عصور مختلفة، منذ عرفت البلاد التعليم الحديث المقدّم من الحكومة في عهد محمد علي، مؤسس الدولة الحديثة، الذي نظّم البعثات الخارجية للطلاب إلى الخارج بغرض بناء نهضة البلاد».
ويرصد مغيث ثلاث مراحل أخرى بعد انطلاقة عصر محمد علي، مرت بها مجانية التعليم في مصر، فيشرح قائلاً: إنها «جاءت التزاماً دستورياً بالنسبة للتعليم الأولي في أول دستور عرفته البلاد عام 1923. ثم كسب المصريون مساحة جديدة بالنص على مجانية التعليم في المدن، في أربعينات القرن الماضي. ثم زاد عميد الأدب العربي طه حسين، إبان توليه مهام وزارة التعليم، المزايا، فتمكن من تحقيق المجانية في التعليم الثانوي. ثُم توجت تجربة المجانية بإعلانها للجامعات وحتى درجة الدكتوراه، في الستينات، إبان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر».
النتائج الإيجابية التي أثمرها «التعليم المجاني» في مصر؛ خاصة في عقدي الخمسينات والستينات، أقرّ بها وزير التعليم المصري طارق شوقي نفسه، خلال كلمات له في لقاءات عامة، منها تصريحه في فبراير (شباط) 2017، خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر وزارته، بأنه «تلقى تعليماً حكومياً راقياً في الستينات، في وقت كان الالتحاق بالمدارس الخاصة عيباً (...)». وفي موضع آخر، عدّ أنه «إذا استطعنا الرجوع بالتعليم لما كان عليه فترة الخمسينات، فسيكون إنجازاً كبيراً»، على حد وصفه.
في المقابل، صحيح أن وزير التعليم أشاد بما أحرزه التعليم المجاني في منتصف القرن الماضي؛ لكنه كان يستدرك بأن «الزيادة في كثافة الطلاب» أصبحت عائقاً. لكن هذا الكلام لا يبدو مُقنعاً كحجة يقبلها الخبير التربوي مغيث، إذ شبه الأخير الوضع «بشخص جائع يطلب الطعام، فيضجر منه آخر، فيقدّم له طعاماً فاسداً، وعندما يتألم الأول يلومه الجميع لأنه هو من طلب الطعام بأي صورة». وتابع مغيث: «ببساطة الطلاب ليسوا مسؤولين عن فساد المنظومة التعليمية المجانية، على مستويات الجودة والكفاءة والملائمة لسوق العمل... إذ تردت هذه المنظومة منذ خمسة عقود. وهي ليست كذلك مسؤولية فردية لهذه الحكومة؛ لكن الحل لا يمكن أبداً أن يكون إلغاء الأمر بدلاً من إصلاح المنظومة، وكيف يستقيم ذلك مع إطلاق مشروع يقدمه لنا المسؤولون الحكوميون باعتباره خطة قومية لإصلاح التعليم، ومن المفترض أنها بنيت على أساس معلومات وحقائق، عن كثافة الفصول ومشكلات الأجور للمعلمين وقلة الفصول».
الجدير بالإشارة هنا، أن رئيس مجلس النواب، في سياق انتقاده أنماط الاستهلاك، أشار إلى أن «أولياء الأمور ينفقون نحو 120 مليار جنيه على تلقين أبنائهم دروساً خصوصية، في حين تنفق الدولة نحو 90 مليار جنيه أخرى». وعودة إلى وزير التعليم، فإنه سبق له، في سياق أزمة التصريح بضرورة مراجعة «مجانية التعليم» أن علّق ساخراً ومنتقداً في الوقت نفسه: «البعض لديهم استعداد لدفع أموال لأي مركز تعليم نصّاب... لكنهم لا يدفعون للحكومة، وحفلة (المطرب) عمرو دياب وصلت إلى 20 ألف جنيه للتذكرة، ونحن (الحكومة) لا نجد أموالاً لتطوير التعليم».

«اقتصاديات» السياسة التعليمية
وتُطل مشكلة تأزم اقتصاديات التعليم في مصر بشكل واضح خلال الحديث عن «المجانية». وفي حين ينص الدستور على أن «تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم، لا تقل عن 4 في المائة من الناتج القومي الإجمالي»، تجد أن «وزارة التربية والتعليم لا تعمل بما يكفي للحصول على تلك المخصصات كاملة من الموازنة؛ بل إنها تفضل الاقتراض الخارجي لصالح مشروعاتها»، وفق ما يُقيم عضو لجنة التعليم بمجلس النواب المصري سمير غطاس.
غطاس الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، قال موضحاً: «نحن في البرلمان وبعد مراجعة لمشروعات الموازنة العامة وقوانين ربطها الختامي، اكتشفنا أن المخصّصات الدستورية لوزارة التربية والتعليم كانت تقدّر في آخر موازنة بنحو 136 مليار جنيه؛ لكن المفاجأة أن ما تسلمته الوزارة واقعياً تراوح بين 80 و81 مليار جنيه». لا يعفي غطاس الوزير شوقي من المسؤولية عن «إحجامه عن الدفاع عن تحصيل مخصّصات وزارته الدستورية»؛ بل يشير إلى ما يصفه بـ«ممارسات تتّسم بالإهدار في سياق اقتراض نحو 150 مليون دولار لصالح دعم حضانات الأطفال، فضلاً عن شراء منهج تعليمي بقيمة ملياري جنيه (111 مليون دولار)».
ثم يلفت غطاس إلى أنه «ومع التشديد على عدم دستورية مناقشة الدعوة لمراجعة مجانية التعليم، فإن مواجهة الأمر لا تقتصر على دعاوى قضائية مضمونة يمكن أن تُرفَع حال أقدمت الحكومة على الخطوة؛ بل إنه يجب التحذير من تبعات في غاية الخطورة تتعلق بإلقاء مزيد من الأعباء على كاهل طبقات اجتماعية تعاني بطبعها، وترى في التعليم فرصة واحدة وأخيرة للترقي الاجتماعي، وتستثمر في أبنائها وفق هذا الاعتقاد الراسخ... وسيكون من شأن المساس بالمجانية حدوث هزة اجتماعية شديدة في المجتمع المصري»، بحسب قول غطاس.

مشكلة الأمية
بُعد آخر لطرح قضية «مجانية التعليم» للمناقشة، يرتبط بأثرها على نسبة الأمية في مصر، إذ يُقدر تعداد الأميين بنحو 18.4 مليون شخص، من إجمالي 104 ملايين مصري، وفق بيانات أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2017. وينبّه سمير غطاس إلى أن «دعوة وزير التعليم، أو من يناصره في الفكرة، للتخفيف من عبء المجانية، سيكون انعكاسها الفوري والمباشر هو زيادة معدّلات من لا يقرأون أو يكتبون... وهكذا سنجد أننا، تحت شعار تطوير التعليم، ساهمنا في استمرار المشكلة الأزلية الخطيرة، التي يسعى المجتمع المصري للتخلص منها منذ سنوات».
ويؤكد غطاس أنه وبصرف النظر عن المدن والمحافظات الكبرى، التي يقصد عدد غير قليل من طلابها مدارس خاصة ولغات ودولية، فإن السواد الأعظم ممن يقصدون المدارس الحكومية سيتأثرون بلا شك بأي محاولة للمساس بالمجانية، وبما يضطر بعضهم لإخراج أطفالهم من المنظومة التعليمية للعجز على الوفاء بالتزاماتها المادية.
واستطرد قائلاً: «هذه أزمة أخرى بلا شك تخصم من أي مساعٍ للتنمية وتطوير التعليم، ومحاولة الاستثمار الواعي في أجيال جديدة».

التعليم المصري في أرقام

- 20.6 مليون طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي، يتلقون التعليم في المدارس الحكومية والخاصة في مصر.
- 10.6 مليون طالب ذكر، يتلقى التعليم في المدارس المصرية مقابل 10 ملايين أنثى.
- أكثر من 52 ألف مدرسة في مصر، منها 45 ألف مدرسة حكومية و7 آلاف خاصة.
- 482 ألف فصل دراسي في المدارس الحكومية والخاصة، وتقول الحكومة إنها بحاجة لبناء 250 ألف فصل دراسي لمواكبة الزيادة.
- 50 طالباً في الفصل الدراسي الواحد، بحسب الكثافة التي تعتمدها وزارة التربية والتعليم.
- 992 ألف معلم يعملون في المدارس المصرية بمختلف أنواعها.
- 918 ألف معلم في القطاع الحكومي، و74 ألفاً في المدارس الخاصة.
* بحسب أحدث بيانات رسمية متاحة من وزارة التربية والتعليم عن العام الدراسي 2016- 2017


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
TT

أميركا اللاتينية منقسمة إزاء التعايش مع ترمب «العائد»

الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)
الرئيس الأرجنتيني اليميني خافيير ميلي مع ترمب "حليفه الأكبر" في واشنطن خلال فبراير (شباط) الماضي (رويترز والرئاسة الأرجنتينية)

من شائع القول، أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يجب أن تكون مفتوحة لمشاركة جميع سكان العالم، لما لنتائجها من تأثير سياسي واقتصادي وأمني على الصعيد الدولي الواسع. لكن مما لا شك فيه أن أميركا اللاتينية التي تعد «الحديقة الخلفية» لواشنطن، والتي طالما كان ليد الإدارات الأميركية الطولى وأجهزة استخباراتها الدور الحاسم في تحديد خياراتها السياسية والاقتصادية، هي الأشد تأثراً بوجهة الرياح التي تهبّ من البيت الأبيض. «الصوت اللاتيني» كان هذه المرة موضع منافسة محتدمة بين الجمهوريين والديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، وكان راجحاً في كفّة المرشح الفائز، كما دلّ على أهميته قرار الرئيس العائد دونالد ترمب اختيار منافسه في الانتخابات الأولية، السيناتور الكوبي الأصل ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية في الإدارة الجديدة. إلا أن ردود الفعل في بلدان أميركا اللاتينية على فوز دونالد ترمب بولاية رئاسية ثانية، جاءت متفاوتة ومتأرجحة بين القلق الدفين في أوساط الأنظمة اليسارية والتقدمية، والابتهاج الظاهر بين الحكومات والأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة.

أول المحتفلين بفوز الرئيس دونالد ترمب والمُنتشين لعودته إلى البيت الأبيض كان الرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير مَيلي الذي سارع، بعد أسبوع من إعلان الفوز، لملاقاته في مقره بولاية فلوريدا حيث أعرب له عن «استعداد الأرجنتين الكامل لمساعدته على تنفيذ برنامجه».

أيضاَ، المعارضة البرازيلية التي يقودها الرئيس اليميني المتطرف السابق جايير بولسونارو - الذي يخضع حالياً للمحاكمة بتهمة التحريض على قلب نظام الحكم وهو ممنوع من السفر خارج البلاد - لم تكن أقل ابتهاجاً من الرئيس الأرجنتيني أو المعارضة الفنزويلية التي عادت لتعقد الآمال مجدّداً على رفع منسوب الضغط الأميركي على نظام نيكولاس مادورو اليساري في فنزويلا والدفع باتجاه تغيير المعادلة السياسية لصالحها.

حذر في المكسيك

في المقابل، حاولت السلطات المكسيكية من جهتها إبداء موقف حذر على الرغم المخاوف التي تساورها من أن يفي الرئيس الأميركي العائد بالوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية حول الهجرة والتجارة ومكافحة المخدرات، والتي تجعل من المكسيك أكثر بلدان المنطقة تعرّضاً لتداعيات السياسة الشعبوية المتشددة التي ستتبعها إدارته الثانية اعتباراً من العام المقبل. ومعلوم أن ترمب كان قد جعل من بناء «الجدار» على الحدود الفاصلة بين المكسيك والولايات المتحدة عنواناً لحملته الانتخابية الأولى وأحد ركائز حملته الثانية، إلى جانب خطابه العنصري المناهض للمهاجرين المكسيكيين الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المهاجرين اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. كذلك، كان ترمب قد هدد الرئيسة المكسيكية الاشتراكية الجديدة كلاوديا شاينباوم بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك ما لم تمنع تدفق المهاجرين من أميركا الوسطى إلى الولايات المتحدة عبر أراضي المكسيك.

الرئيسة شاينباوم قلّلت من شأن تهديدات ترمب، وقالت إن بلادها - كالعادة - «ستتمكن من تجاوز الأزمة»، لكن لا أحد يشك في أن الدولة المرشحة لأكبر قدر من الضرر جرّاء عودة ترمب إلى البيت الأبيض هي المكسيك، أولاً نظراً لكونها الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، وثانياً لأن العلاقات بين البلدين المتجاورين هي أشبه بزواج لا طلاق فيه.

من جهة ثانية، كان لافتاً أن سوق المال (البورصة) المكسيكية لم تتعرّض لأي اهتزازات تذكر بعد إعلان فوز ترمب، خلافاً لما حصل بعد فوزه بالولاية الأولى عام 2016. وهو ما يدلّ على التأقلم مع أسلوبه والتكيّف معه، وأيضاً على متانة «اتفاقية التجارة الحرة» بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة كإطار يحكم المبادلات التجارية بين البلدان الثلاثة.

المشهد البرازيلي

في البرازيل، كما سبقت الإشارة، كان الرئيس السابق جايير بولسونارو بين أوائل المهنئين بفوز دونالد ترمب. إذ أعرب عن ابتهاجه لهذا «النصر الأسطوري الذي منّ به الله تعالى على الولايات المتحدة والعالم»، في حين اكتفت حكومة الرئيس الحالي اليساري الحالي لويس إيناسيو (لولا) بالطقوس الدبلوماسية المألوفة، بعدما كان «لولا» قد أعلن صراحة دعمه لمرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس المودّعة كمالا هاريس.

أكثر من هذا، تابع إدواردو بولسونارو، نجل الرئيس السابق والعضو في مجلس النواب البرازيلي، عملية فرز نتائج الانتخابات الأميركية في منزل ترمب بفلوريدا، حيث صرّح بعد إعلان الفوز: «ها نحن اليوم نشهد على قيامة مقاتل حقيقي يجسد انتصار الإرادة الشعبية على فلول النخب التي تحتقر قيمنا ومعتقداتنا وتقاليدنا». وبالمناسبة، لا يزال بولسونارو «الأب» عازماً على الترشّح للانتخابات الرئاسية البرازيلية في عام 2026. على الرغم من صدور حكم قضائي مُبرم يجرّده من حقوقه السياسية حتى عام 2030 بتهمة سوء استخدام السلطة والتحريض على الانقلاب.

بالتوازي، كان «لولا» قد تعرّض للانتقاد بسبب تأييده الصريح لهاريس، الذي ضيّق كثيراً هامش المناورة أمامه بعد هزيمتها. لكنه علّق بعد تهنئته ترمب: «الديمقراطية هي صوت الشعب الذي يجب احترامه».

اليوم يعتقد أنصار بولسونارو أن المشهد السياسي الأميركي الجديد، والدور الوازن الذي يلعبه الملياردير إيلون ماسك داخل إدارة ترمب، قد يشكّلان ضغطاً على الكونغرس البرازيلي والمحكمة العليا لإصدار عفو عن الرئيس البرازيلي السابق يتيح له الترشح في انتخابات عام 2026 الرئاسية. أما على الصعيد الاقتصادي، فتخشى البرازيل، في حال قرّر ترمب رفع الرسوم الجمركية وفرض إجراءات حمائية، خفض صادراتها إلى الولايات المتحدة وتراجعاً في قيمة موادها الخام. كذلك، من شأن إغلاق السوق الأميركية أمام السلع الصينية أن يؤدي إلى خفض الطلب على المواد الخام التي تشكّل عماد المبادلات التجارية البرازيلية. أما على الصعيد البيئي، فقد حذرت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا من أن الأسرة الدولية ستكون مضطرة لمضاعفة جهودها للحد من تداعيات أزمة المناخ إذا قرر ترمب المضي في تنفيذ سياساته البيئية السلبية المعلنة.

مَيلي متحمّس ومرتاح

الرئيس الأرجنتيني خافيير مَيلي، من جانبه، احتفى بفوز ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتعهد بالتعاون مع إدارته لتنفيذ برنامجه الانتخابي، معوّلاً على استثمارات أميركية ضخمة في القطاعات الإنتاجية الأرجنتينية. وانضمّ أيضاً إلى «التهاني» من معسكر اليمين الأرجنتيني الرئيس الأسبق ماوريسيو ماكري، الذي يشارك حزبه المحافظ في حكومة مَيلي الائتلافية، والذي سبق أن كان شريكاً لترمب في صفقات عقارية في الولايات المتحدة.

يُذكر أن ترمب كان قد لعب دوراً حاسماً في منح صندوق النقد الدولي قرضاً للأرجنتين بقيمة 44 مليار دولار أميركي عام 2018 ما زالت عاجزة عن سداده. وفي حين يأمل مَيلي بأن تساعده الإدارة الأميركية الجديدة بالحصول على قرض جديد من صندوق النقد يحتاج إليه الاقتصاد الأرجنتيني بشدة للخروج من أزمته الخانقة، فإنه يعرف جيداً أن ترمب سيكون بجانبه في «الحرب الثقافية» التي أعلنها على اليسار الدولي وأجندته التقدمية.

فنزويلا وكوبا

في الدول الأميركية اللاتينية الأخرى، علّق إدموندو غونزاليس أوروتيا، مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية - المنفي حالياً في إسبانيا والذي تدلّ كل المؤشرات على فوزه - علَّق على فوز ترمب بوصفه هو أيضاً الفائز الذي اعترفت به دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقال: «هذه إرادة الشعب الأميركي وأهمية التناوب على الحكم».

أما زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي اضطرت للتنازل عن ترشيحها لصالح غونزاليس بعدما جرّدها القضاء من حقوقها السياسية - فقد هنأت ترمب بقولها: «نعرف أنك كنت عوناً لنا دائماً، والحكومة الديمقراطية التي اختارها الشعب الفنزويلي ستكون حليفاً موثوقاً لإدارتك».

من الجانب الآخر، اختارت الحكومة الفنزويلية اليسارية التزام الحذر في تعليقها الأول على فوز ترمب، وجاء في تهنئتها البروتوكولية: «نوجه التهنئة لشعب الولايات المتحدة على هذه الانتخابات. إن فنزويلا على استعداد دائماً لإقامة علاقات مع الإدارات الأميركية في إطار الحوار والرشد والاحترام». وأضاف البيان الذي صدر عن الرئاسة الفنزويلية مستحضراً خطابه المعهود: «إن الاعتراف بسيادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها هو الأساس لقيام عالم جديد يسوده التوازن بين الدول الحرة»، في إشارة إلى المفاوضات المتعثّرة منذ سنوات بين واشنطن وكاراكاس لإيجاد مخرج من الأزمة الفنزويلية التي تمرّ اليوم بأكثر مراحلها تعقيداً. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ترمب كان قد فرض إبان ولايته الرئاسية الأولى ما يزيد عن مائة عقوبة على فنزويلا، وانتقد بشدة قرارات إدارة بايدن برفع بعضها. غير أنه ليس واضحاً بعد كيف ستكون مقاربته لهذا الملف، خاصة، أن فنزويلا يمكن أن تساعد على تلبية الاحتياجات الأميركية من الطاقة في ظروف دولية معاكسة بسبب الحرب في أوكرانيا والاضطرابات في الشرق الأوسط.

وبما يخصّ كوبا، تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض معها أيضاً «سحباً سوداء» فوق كوبا التي تتوقع تشديد العقوبات والمزيد منها. وكان ترمب قد حطّم جميع الأرقام القياسية في العقوبات التي فرضها على النظام الكوبي، وأدرجها على قائمة «الدول الراعية للإرهاب»، الأمر الذي يضفي صعوبات جمّة على علاقات الدولة الكوبية المالية مع الخارج. ويلفت أن الحكومة الكوبية - حتى كتابة هذه السطور - لم تعلّق بعد على فوز دونالد ترمب بولاية ثانية.

تحمل ولاية ترمب الثانية في البيت الأبيض

معها «سحباً سوداء» فوق كوبا

التي تتوقع تشديد العقوبات

الرئيس المكسيكية الاشتراكية كلاوديا شاينباوم (رويترز)

كولومبيا تثير موضوع غزة

كولومبيا أيضاً يسود فيها الترقّب الحذر لمعرفة الوجهة التي ستسير بها العلاقات بين ترمب والرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بترو اللذين لا يجمع بينهما أي رابط شخصي أو عقائدي. بيد أن هذا لم يمنع بترو من توجيه رسالة تهنئة إلى الرئيس الأميركي العائد لعلها الأكثر صراحة في مضمونها السياسي والمواضيع التي ستتمحور حولها علاقات المعسكر التقدمي في أميركا اللاتينية مع الإدارة الأميركية اليمينية المتشددة الجديدة. وجاء في رسالة بترو: «إن السبيل الوحيد لإغلاق الحدود يمرّ عبر ازدهار بلدان الجنوب وإنهاء الحصار»، في إشارة واضحة إلى العقوبات الأميركية المفروضة على فنزويلا وكوبا. ثم تناولت الرسالة موضوع غزة، الذي يستأثر باهتمام كبير لدى الرئيس الكولومبي، وأوردت: «الخيار التقدمي في الولايات المتحدة لا يمكن أن يقبل بالإبادة التي تتعرّض لها غزة».

باقي اليمين يرحب

في المقابل، اكتفت رئيسة البيرو، دينا بولوارتي، التي منذ سنة لا تتمتع بتأييد سوى 8 في المائة من مواطنيها، بتوجيه رسالة تهنئة «للمرشح دونالد ترمب على فوزه في الانتخابات الديمقراطية التي أجريت في الولايات المتحدة»، بينما غرّد دانيال نوبوا، رئيس الإكوادور اليميني الذي تشهد بلاده أزمة سياسية وأمنية عميقة منذ أشهر، على حسابه مرحباً: «مستقبل زاهر ينتظر قارتنا بفوز دونالد ترمب».

وفي تشيلي - التي يحكمها اليسار - كان أول المهنئين خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف الذي يطمح للفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وفي المقلب الآخر، على الصعيد الرسمي بادر وزير الخارجية التشيلي ألبرتو فان كلافيرين إلى التهنئة المبكرة قائلاً: «نتيجة الانتخابات كانت واضحة وكاشفة على أكثر من صعيد. نقيم علاقة دولة مع الولايات المتحدة، والعلاقات هي بين الدول، ونطمح لأفضلها مع حكومة الرئيس ترمب الجديدة». أما الرئيس التشيلي اليساري غابريل بوريتش، الذي كان آخر المهنئين بين زعماء المنطقة، فجاء في رسالته: «تؤكد تشيلي التزامها توطيد العلاقات مع الولايات المتحدة من أجل تحقيق تنمية شاملة، واحترام حقوق الإنسان والعناية بالديمقراطية».

 

حقائق

واقع العلاقات والمخاوف في أميركا الوسطى

في أميركا الوسطى، وتحديداً السلفادور، وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي تربط رئيسها نجيب أبو كيلة (الفلسطيني الأصل) مع دونالد ترمب، كما تَبيّن خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي المنتخب، فإن ثمة مخاوف ملموسة من التهديدات التي أطلقها ترمب خلال حملته الانتخابية بطرد جماعي للمهاجرين غير الشرعيين. للعلم، فإن ملايين من مواطني السلفادور يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية، ويُشكِّلون مصدر الدعم الاقتصادي الأساسي لعائلاتهم في وطنهم الأم. وحقاً تعدّ تحويلات المهاجرين الواردة من الولايات المتحدة المحرّك الرئيسي لاقتصاد السلفادور، إذ بلغت في العام الماضي ما يزيد على 5 مليارات دولار.وراهناً، يسود الاعتقاد بين المراقبين الأميركيين اللاتينيين - على امتداد القارة - بأن دونالد ترمب، الذي استطاع خلال 8 سنوات أن يهدم المجتمع الأميركي ويعيد تشكيله على مزاجه وهواه، يشكّل اليوم - في أحسن الأحوال - مصدر قلق عميق بالنسبة لبلدان المنطقة. ويتوقع هؤلاء أن تكون التداعيات المحتملة لولايته مرهونةً بأمرين: الأول، مدى اعتماد هذه البلدان سياسياً واقتصادياً على الولايات المتحدة. والثاني، أين سيكون موقع أميركا اللاتينية بين أولويات السياسة عند الإدارة الجديدة في واشنطن.