دبلوماسيون وسياسيون يشنون حملة للبحث عن أموال القذافي المجمدة

طالبوا مجلس الأمن بالتحرك لكشف المتورطين في تبديد فوائدها

ممثل ليبيا السابق في الامم المتحدة ابراهيم الدباشي وقع على تجميد اموال النظام السابق (غيتي)
ممثل ليبيا السابق في الامم المتحدة ابراهيم الدباشي وقع على تجميد اموال النظام السابق (غيتي)
TT

دبلوماسيون وسياسيون يشنون حملة للبحث عن أموال القذافي المجمدة

ممثل ليبيا السابق في الامم المتحدة ابراهيم الدباشي وقع على تجميد اموال النظام السابق (غيتي)
ممثل ليبيا السابق في الامم المتحدة ابراهيم الدباشي وقع على تجميد اموال النظام السابق (غيتي)

دعا دبلوماسيون وسياسيون وأكاديميون ليبيون، مجلس الأمن الدولي، للتحرك لإنقاذ الأموال الليبية المجمدة في الخارج، منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، والبحث في «محاولات تبديد فوائدها في الإنفاق على الميلشيات المسلحة».
ووقّع أكثر من مائتي شخصية ليبية، بينهم السفير إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة، إضافة لعدد كبير من البرلمانيين، على بيان طالبوا فيه مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته في الحفاظ على تلك الأموال، وقالوا «إنهم يتابعون بقلق بالغ التصريحات الرسمية حول اختفاء عدة مليارات من فوائد الأموال الليبية المجمدة في مصارف بلجيكا، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وذلك عبر تحويلها إلى مستلمين مجهولين».
وأضاف الموقعون في بيان أصدروه، مساء أول من أمس: «نتمسك بقرارات مجلس الأمن للحفاظ على تلك الأرصدة، ونهيب بلجنة العقوبات التابعة للمجلس اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحديد المبالغ، التي تم الإفراج عنها، ولمن صرفت؟ وفي ماذا استخدمت؟ ومعرفة ما إذا كانت قد وصلت إلى منظمات وعناصر إرهابية داخل ليبيا أو خارجها؟». كما أبدوا ترحيبهم «بمبادرة أعضاء في البرلمان البلجيكي لمساءلة وزير المالية في الحكومة البلجيكية يوهان فان أوفرفيلت، قصد معرفة حقيقة ما جرى للأموال، ومسؤولية الوزراء المعنيين، ووجهة الأموال الفعلية».
وقال عضو مجلس النواب علي السعيدي القايدي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنهم سيناقشون هذا الموضوع غداً في البرلمان، موضحاً أنه سيطالب بتشكيل لجنة للتحقيق في مصير هذه الأموال. كما أشار إلى أن التقارير والمعلومات تكشف أن هذه الأموال «ذهبت لتمويل الحرب التي شنتها ميلشيات (فجر ليبيا) المتطرفة، التي ظهر اسمها في 13 من يوليو (تموز) 2014، وهي المسؤولة عن السيطرة على مطار طرابلس».
وكانت صحيفة «لي فيف» البلجيكية الأسبوعية، قد نشرت مؤخراً تقريراً تداولته وسائل إعلام محلية، كشفت فيه أن سلطات بلجيكا تفتح حالياً تحقيقات حول اختفاء ما يصل إلى 10 مليارات يورو من أصول ليبية مجمدة، تابعة للعقيد الراحل. وأوضحت الصحيفة أن الأصول المجمدة يوجد معظمها في بنك «يورو كلير»، وتم تجميدها في الفترة من 2012 إلى 2017.
وتصاعد الحديث داخل الأوساط السياسية والاقتصادية في ليبيا حول اختفاء فوائد من الأموال الليبية المجمدة في بنوك بلجيكا، في تلك الفترة، وهو ما يعد خرقاً لقرارات مجلس الأمن في هذا الشأن. وقد اشتعل فتيل الأزمة في البلاد بشكل أكبر عقب نقل الإذاعة البلجيكية عن مسؤول حكومي بلجيكي أنه جرى تجميد الأصول في أربعة بنوك في سنة 2011، مبرزاً أن «الفوائد والأرباح لم يتم تجميدها، لكن جرى استعمال ما بين 3 و5 مليارات من هذه الحسابات منذ العام 2012».
من جهته، أرجع الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، ضياع هذه الأموال لما سماه بـ«الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية، نتيجة فرض حكومة من قبل مجلس الأمن، دون حصولها على شرعية محلية ودون الخضوع لرقابة البرلمان»، في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني.
وأضاف العباني، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن «السلطة التشريعية في البلاد، وسطوة الميليشيات والعصابات المسلحة، خصوصاً في العاصمة، جعلت الفساد ينخر في جسد مؤسسات مالية كثيرة»، مشدداً على أن الحل الأمثل للحفاظ على أرصدة البلاد المجمدة، يتمثل في «إجراء انتخابات، وحل المجالس (منتهية الصلاحية)، ودعم القوات المسلحة وحل الميليشيات ونزع سلاحها... وبهذه الإجراءات قد ننجح في كبح جماح سطوة الفساد، ووضع حد للجرائم المالية».
ورأت الشخصيات الموقعة على البيان أن «ما جرى للأموال الليبية المجمدة في بلجيكا، الذي أشارت تقارير إلى أنه جرى أيضاً في المملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ولكسمبورغ، لا يمكن فصله عن النهب الممنهج للثروات الليبية في الداخل والخارج»، لافتين إلى أن «عمليات غسيل تلك الأموال المنهوبة تتم في صورة استثمارات وشراء عقارات داخل عدة بلدان، وبمعرفة حكوماتها، وذلك في انتهاك واضح لقرارات مجلس الأمن، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد».
وقالت الشخصيات الليبية الموقعة على البيان إنه «لا يوجد في قرارات مجلس الأمن ما يمكن تفسيره باستثناء فوائد الأموال المجمدة من التجميد»، وطالبت المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بأن يوضح للرأي العام الليبي «كيف تم الإفراج عن الأموال؟ وأين هي الآن؟ وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من خبراء ليبيين، لديهم الإلمام الكافي بعمل وأصول المؤسسة الليبية للاستثمار والتشريعات التي تحكمها، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، للكشف عن الحقيقة، وتحديد المتورطين، واتخاذ الإجراءات القانونية لمعاقبتهم واستعادة أموال الليبيين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».