مقتل 26 على الأقل بهجوم انتحاري على مسجد شرق أفغانستان

عزوف متزايد عن الالتحاق بالقوات النظامية

قوات أفغانية في مدخل القاعدة العسكرية في خوست بعد تفجير انتحاري داخل مسجد القاعدة  وسقوط قتلى وجرحى بين المصلين (أ.ف.ب)
قوات أفغانية في مدخل القاعدة العسكرية في خوست بعد تفجير انتحاري داخل مسجد القاعدة وسقوط قتلى وجرحى بين المصلين (أ.ف.ب)
TT

مقتل 26 على الأقل بهجوم انتحاري على مسجد شرق أفغانستان

قوات أفغانية في مدخل القاعدة العسكرية في خوست بعد تفجير انتحاري داخل مسجد القاعدة  وسقوط قتلى وجرحى بين المصلين (أ.ف.ب)
قوات أفغانية في مدخل القاعدة العسكرية في خوست بعد تفجير انتحاري داخل مسجد القاعدة وسقوط قتلى وجرحى بين المصلين (أ.ف.ب)

في ظل التدهور الأمني الذي تعاني منه مناطق كثيرة في أفغانستان، وزيادة ضراوة المعارك مع قوات حركة طالبان، أعلنت الحكومة الأفغانية وقوع هجوم انتحاري في مسجد بقاعدة عسكرية تابعة للجيش في ولاية خوست، شرق أفغانستان، مما أدى حسب نتائج أولية إلى مقتل 26 شخصا، على الأقل، وإصابة 50 آخرين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث حتى الآن. وقال مسؤول أمن إن الضحايا تجمعوا لأداء صلاة الجمعة في المسجد الموجود في منطقة إسماعيل خيل في إقليم خوست. وأوضح الكابتن عبد الله، المتحدث باسم الجيش في خوست، إن جميع القتلى في التفجير الانتحاري يعملون لصالح قوات الأمن الأفغانية.
ونفذت حركة طالبان، التي تشن حملة مسلحة للإطاحة بالحكومة الأفغانية التي يدعمها الغرب وطرد القوات الأجنبية من البلاد، سلسلة هجمات كبيرة ضد قوات الأمن في الأسابيع الماضية. وقتل المتشددون مئات من أفراد الأمن الأفغان، ودمروا نقاط التفتيش الخاصة بهم، واستولوا على أسلحتهم. ويأتي هجوم اليوم بعد ثلاثة أيام من تفجير انتحاري نفسه في اجتماع لرجال دين في كابل. وقال مسؤولون إن 55 من رجال الدين الذين كانوا يشاركون في احتفال بمناسبة المولد النبوي الشريف قتلوا، وأصيب نحو 90 آخرين. وتعتبر ولاية خوست أحد المراكز القوية لحركة طالبان وشبكة حقاني، حسب اعتراف الحكومة الأفغانية، غير أن طالبان نأت بنفسها منذ فترة عن جميع الهجمات التي تتعرض لدور العبادة أو ما شابه، لكنها زادت من حدة مواجهاتها وهجماتها على القوات الحكومية الأفغانية في مختلف المناطق.
ومن جانبها، أعلنت الحكومة الأفغانية مقتل العشرات من المسلحين المعادين للحكومة في ولاية فارياب الشمالية، بعد عمليات قام بها الجيش الأفغاني، حيث ذكر بيان لفيلق شاهين الشمالي أن عشرين من مسلحي طالبان قتلوا في مديرية غارزيوان، في ولاية فارياب الشمالية، إثر عمليات قام بها الجيش الأفغاني هناك. وأضاف بيان الجيش أن 3 من قادة مسلحي طالبان كانوا ضمن القتلى، كما جرح 15 آخرون في عمليات الجيش.
وفي تطور آخر، لمح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إمكانية قيامه بزيارته الأولى للقوات الأميركية في أفغانستان، وقال ترمب للصحافيين في بالم بيش إنه تباحث عبر مكالمة تلفزيونية مغلقة مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، وإن محادثات تجري بقوة مع طالبان للسلام في أفغانستان، ولكنه لا يعتقد بإمكانية نجاحها في هذه المرحلة، مضيفاً: «إن حدث شيء، فإنه قد يكون أمراً عظيماً، وسأكون فرحاً بتحقيق السلام في أفغانستان بعد المفاوضات القوية التي نقوم بها مع طالبان».
وألقى التفجير في مسجد القاعدة العسكرية في خوست الضوء على نفور الشبان الأفغان من الالتحاق بالجيش الأفغاني بعد فقدانهم كثيراً من رفاقهم في المواجهات مع طالبان. وقال مجندون أفغان إنهم فروا من الجيش الأفغاني بعد سنوات من الخدمة بسبب سوء الأوضاع الأمنية في البلاد، وسرقة الضباط رواتب المجندين في الجيش الأفغاني، وزيادة عدد القتلى في صفوف القوات الأفغانية والشرطة. ويحذر خبراء أمنيون من انعكاس مثل هذه الظاهرة على قدرة الجيش الأفغاني على البقاء في وجه قوات طالبان التي زادت من حدة هجماتها على القوات الأفغانية في غالبية الولايات الأفغانية. واعترف الرئيس الأفغاني أشرف غني مؤخراً بمقتل ما يقرب من 30 ألف شرطي وجندي من قواته خلال 3 أعوام، فيما يرى المفتش العام لبرنامج إعادة تعمير أفغانستان أن عدد القتلى من القوات الأفغانية هذا العام ازداد بشكل كبير، خصوصاً منذ يونيو (حزيران) الماضي، وأن الأرقام المعلن عنها من الحكومة الأفغانية لا تعكس الحقيقة، حيث يزيد العدد الحقيقي لقتلى الجيش والشرطة بكثير عن الأعداد المعلن عنها رسمياً. وحذّر المحلل العسكري عتيق الله أمرخيل من أنّه «إذا استمر معدل الضحايا على هذا الشكل، فسيأتي يوم لا نجد فيه أحداً مستعداً للتجنيد». وأدى ارتفاع معدل الضحايا المروع إلى هز الروح المعنوية المنخفضة بالفعل لمستويات قياسية، إذ يتساءل كثير من الجنود عن الوقت الذي سيأتي فيه دورهم للموت.
وفي الربع الثالث من العام الجاري، انخفض عدد الجنود والشرطة المنتشرين في إرجاء البلاد إلى 312 ألفاً و328 رجلاً، أي أقل بنحو 9 آلاف عن عددهم قبل عام واحد، وهو أدنى مستوى في أي فترة مماثلة منذ عام 2012، حسبما أفاد جهاز رقابي أميركي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأفادت هيئة المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان (سيغار)، نقلاً عن وزارة الدفاع الأميركية، بأن أسباب التناقص تشمل الوفيات والجنود الذين حصلوا على إجازات، وأولئك الذين يرفضون إعادة التجنيد. وتظهر الأرقام التقديرية لعام 2015 مقتل 5 آلاف قتيل، تضاف إلى الحصيلة التي أعلنها الرئيس غني، والتي تبلغ 28 ألفاً و529 قتيلاً. وأبقيت طي الكتمان حصيلة قتلى القوات الأفغانية منذ 2017، بطلب من كابل، لكن بعثة حلف شمال الأطلسي «الدعم الحازم» التي تقودها الولايات المتحدة أبلغت هيئة المفتش العام الأميركي لإعادة إعمار أفغانستان مؤخراً بأن حصيلة قتلى صيف 2018 كانت الأسوأ على الإطلاق. ولا يشكل هذا الإعلان مفاجأة لضابط الشرطة عشيق الله الذي يخدم في ننغرهار، بشرق البلاد، التي تعد معقلاً لتنظيم داعش، وتشهد أيضاً وجوداً كبيراً لطالبان. وقال عشيق الله، البالغ 24 عاماً: «كل يوم نشاهد رفاقنا يقتلون»، وأضاف: «ليس بحوزتنا معدات مناسبة، ومعظم أصدقائنا يقتلون، أو يغادرون الخدمة». وقال مسؤول، طلب عدم كشف هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ مركزاً لتجنيد عناصر الشرطة في مقاطعة بلخ، في شمال البلاد، شهد انخفاضاً بنسبة 80 في المائة في عدد المجندين هذا العام، لكن مركزا في جلال آباد، عاصمة ولاية ننغرهار، قال إنّ عدد الأشخاص الذين يوّدون الالتحاق بقوات الأمن لا يزال مرتفعاً.
وقال الشاب فضل الله، البالغ 24 عاماً، إن حلمه دوماً كان «حماية بلدنا، والدفاع عنها»، فيما كان يسجل اسمه في قائمة الملتحقين الجدد في ننغرهار. وقال الشاب المتحمس: «لا أنضم إلى قوة الشرطة للحصول على حياة مسالمة»، وتابع: «أفعل ذلك للتضحية بنفسي من أجل بلدي». ويقول آخرون إنه في بلد يعاني من تفشي البطالة، ليس لدى الشباب خيارات أخرى غير الالتحاق بالجيش، إذا كانوا يريدون إعالة أسرهم. وتقول القوات الأفغانية والأميركية إنّ المسلحين أيضاً يتكبدون خسائر فادحة، لكن الخسائر لا يبدو أنها قضت على رغبة مقاتليها في مواصلة القتال، حتى مع تضافر الجهود الدولية لإشراكهم في محادثات السلام. وفي ولاية غزني، جنوب شرقي البلاد، قال عناية الله، وهو ضابط شرطة يبلغ 29 عاماً، أصيب مرتين نتيجة الألغام الأرضية، إنّ المسلحين «يهاجموننا كل ليلة»، وتابع: «خدمتي في الشرطة ستنتهي في غضون أيام قليلة، ولن أعاود الانضمام (للشرطة) مرة أخرى».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».