شاشة الناقد: Dragged Across Concretehttps://aawsat.com/home/article/1474686/%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%AF-dragged-across-concrete
• إخراج: أس. كريغ زولر. • تمثيل: مل غيبسون، وڤينس ڤون، ومايكل جاي وايت. • تشويق بوليسي | الولايات المتحدة (2018). • تقييم: (2*) وسط
استحوذ فيلم أس. كريغ زولر السابق، «Bone Tomahawk» قبل ثلاثة أعوام، على انتباه النقاد لإعجابهم بالفكرة التي قام عليها ذلك الفيلم (من نوع الوسترن) ومعالجة المخرج الخشنة لحكاية لا تقل خشونة وعنفاً. لم يكن الفيلم فتحاً ولا هو اقترب من جماليات العنف لدى سام بكنباه مثلاً، لكنه بدا كخطوة أولى لا بأس بها. «مسحول على الخرسانة» هو خطوة أخرى لكن إلى الخلف. كان سبق له أن شهد عرضه العالمي الأول في عداد مهرجان «كان» السينمائي وووجه بصدٍّ نقدي واضح. لكن هذا الصدّ لا يمنعه، وقد اقترب موعد الأوسكارات، من رمي نرده على طاولة التنافس في هذه الأيام، حيث يشهد عروضه التجارية هذا الشهر. زولر في مسعاه لتقديم موضوع الجريمة التي تؤدي إلى جريمة أكبر في رداء يشبه سينما الأفلام البوليسية الداكنة كيفما نظرتَ إليها، يحقق فيلماً أطول بكثير مما ينبغي، والكثير مما يمر لا يوفر إضافات للموضوع بل مجرد استطراد له. خلال هذا الاستطراد يصير واضحاً أن الوقت الذي يرفض الانتهاء يأكل من التشويق الذي كان من الممكن جداً له أن يثري الفيلم لو أن المخرج استغنى عن التطويل المتمثل في نحو 50 دقيقة من مدة عرضه. الحبكة جيدة في حد ذاتها: بطلا الفيلم هما برت (مل غيبسون) وتوني (ڤينس ڤون)، والأول يقنع الثاني بالاستيلاء على غنيمة استولت عليها إحدى العصابات من أحد المصارف. يتولى الفيلم سرد موضوعه من خلال هذين المتحريين ومن خلال متابعة أفراد العصابة قبل أن يصرف الساعة التالية (أو أقل منها بقليل) في ملاحقة سيارة العصابة إلى موقع خارج المدينة، ومتابعة ما يحدث من خلاف بين أفرادها قبل تدخُّل المتحريين واشتباكهما مع أفراد العصابة أو من بقي منها وهو شاب أفرو - أميركي (يؤديه جيداً مايكل جاي وايت) الذي تؤول الغنيمة إليه. ليس هناك الكثير مما يُستخلص من هذا الفيلم كمفادات. الجميع، باستثناء الشاب، يموت في النهاية لكنّ هذه النهاية المظلمة لا تمد الفيلم بأي أبعاد (لا على غرار أفلام روبرت ألدريتش أو، مرة أخرى، بكنباه). الجمع بين غيبسون وڤون جيد لأن كليهما جيد في ما يؤديه وهما ينقذان الفيلم، لجانب جاي وايت، من العبث الناتج عن عثرات كتابته. كل منهما مقيّد للسيناريو الذي وضعه المخرج بحدة ومن دون بال للإيقاع البطيء المفتقر إلى مشاهد تستحقّ الإمعان. الحوار بدوره نقطة منخفضة في العملية بأسرها. يبدو موجهاً إلى من يحب حوارات أفلام الأمس لكنه سخيف الاستعارات ومتفذلك ما بين الحين والآخر.
(1*) لا يستحق (2*) وسط (3*) جيد (4*) ممتاز (5*) تحفة
يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.
لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.
الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.
في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟
هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.
* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».
THE WRESTLER ★★
* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).
يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.
هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.
يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.
* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».
ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★
* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).
قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).
نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.
اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.
* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»
★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز