مواقف لبنانية تؤكد أهمية «الاستقلال الحقيقي» في ذكراه الـ75

إزاحة الستار عن نصب تذكاري يجسّد المناسبة

الرئاسات الثلاث في لبنان... الحريري وعون وبري بعد رفع الستار عن النصب التذكاري بمناسبة «الاستقلال» بحضور وزير الدفاع (يسار) وقائد الجيش (يمين) (دالاتي ونهرا)
الرئاسات الثلاث في لبنان... الحريري وعون وبري بعد رفع الستار عن النصب التذكاري بمناسبة «الاستقلال» بحضور وزير الدفاع (يسار) وقائد الجيش (يمين) (دالاتي ونهرا)
TT

مواقف لبنانية تؤكد أهمية «الاستقلال الحقيقي» في ذكراه الـ75

الرئاسات الثلاث في لبنان... الحريري وعون وبري بعد رفع الستار عن النصب التذكاري بمناسبة «الاستقلال» بحضور وزير الدفاع (يسار) وقائد الجيش (يمين) (دالاتي ونهرا)
الرئاسات الثلاث في لبنان... الحريري وعون وبري بعد رفع الستار عن النصب التذكاري بمناسبة «الاستقلال» بحضور وزير الدفاع (يسار) وقائد الجيش (يمين) (دالاتي ونهرا)

أجمعت المواقف اللبنانية على أهمية الاستقلال ومعناه الحقيقي، في الذكرى الـ75 لهذه المناسبة التي أزيح الستار عن نصب تذكاري يجسدها في وزارة الدفاع، بحضور رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي حين وضعت أكاليل من الزهر على أضرحة عدد من رجالات الاستقلال، وضع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق إكليلاً على ضريح رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ممثلا رئيس الجمهورية، في حضور النائبين هادي حبيش وسامي فتفت ممثلاً كتلة «المستقبل».
وقال المشنوق: «في عيد الاستقلال، نشعر أكثر وأكثر بالحاجة إلى نظرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري نحو لبنان، التي يؤمن بها لبنانيون أكثر بكثير من المعلن، ويرغبون في الاستمرار فيها». وأضاف: «الشهيد الحريري كان بوابة الاستقلال الثاني للبنان، بحداثته واعتداله وتفكيره ورغبته في استرجاع لبنان، لفترة طويلة... ودوره الفاعل والمؤثر على الخريطة الدولية والعربية».
وأكد: «هذا الجهد لم ينته، ويجب أن يستمر، لأن هناك لبنانيين كثيرين لديهم النظرة نفسها، والرأي نفسه، والرغبة نفسها»، داعيا إلى «استمرار العمل والنضال من أجل تثبيت هذا الاستقلال الذي اهتز، وكل اللبنانيين شعروا بوجود خطأ يستوجب العلاج، لكنه خطأ لا يعالجه إلا اللبنانيون أنفسهم».
وختم: «لو قرأوا مسيرة رفيق الحريري بطريقة صحيحة، سواء في لبنان أو في سوريا أو حتى في إيران، كان يمكن أن تتغير أشياء كثيرة، ولكانت المنطقة أكثر حداثة، وكنا وفرنا الحروب والدمار والخراب والخلافات والصراعات التي لا تنتهي، والتي تشهدونها كل يوم».
وفي هذه المناسبة وجّه قائد الجيش العماد جوزيف عون أمر اليوم إلى العسكريين، داعيا إياهم إلى أعلى درجات اليقظة والاستعداد لمواجهة تحديات هذه المرحلة بمختلف أشكالها ووجوهها. وقال إن «التاريخ محطات، وبعض المحطات تاريخ بحد ذاتها، واليوم تسطرون بحبر الدم والتضحية صفحات مشرقة في تاريخ لبنان المعاصر. ففي زمن التحولات والصراعات الدولية الكبرى، تثابرون على جهوزيتكم عند الحدود الجنوبية، لإحباط مخططات العدو الإسرائيلي وتهديداته، ومحاولاته وضع اليد على جزء من أرضنا وثرواتنا النفطية»، متوجها إلى العسكريين قائلا: «استمروا على ما دأبتم عليه، متسلحين بحقكم المقدس في الذود عن ترابكم وشعبكم، بالتنسيق والتعاون مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة إلى جانبكم تطبيقا للقرار (1701) ومندرجاته، ما يزيد من صمودكم وقدرتكم على مواجهة هذا العدو. وأعلم أنكم تواقون لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا واستكمال انتشاركم فيها كما في الجزء الشمالي من بلدة الغجر المحتلة».
ولفت إلى أن «الوجه الآخر لتضحياتكم هو محاربة الإرهاب الذي طردتموه من أرضنا وأبعدتم خطره. واليوم تنتشرون على الحدود الشمالية والشرقية لتأمينها من تسلل أي مجموعات إرهابية، وضبط عمليات التهريب والانتقال غير الشرعي»، مؤكدا: «لا مكان للمخلين بالأمن ولا ملاذ لهم، والجيش عازم على مطاردتهم وحماية المواطنين من شرورهم، ومن آفة المخدرات التي تهدد مجتمعنا». ورأى أن «الحالة الضبابية التي تلف المنطقة بأسرها في ظلال تحولات كبرى مرتقبة، سيكون لها من دون شك انعكاسات على بلدنا، فضلا عن الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، ما يحتم على العسكريين البقاء في أعلى درجات اليقظة والاستعداد لمواجهة تحديات هذه المرحلة بمختلف أشكالها ووجوهها».
كذلك، وجّه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أمر اليوم لعسكريي المديرية العامة للأمن العام، في ذكرى الاستقلال. ورأى في كلمته أن «احتفالنا بالعيد الماسي للاستقلال هذه السنة، مناسبة تعكس بامتياز معاني الاستقلال الذي يتجسد في شتى ميادين الدولة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، نتيجة لممارسة يومية تحكمها القوانين والأنظمة على كل المستويات التي تعني شؤون إدارة الدولة ومؤسساتها».
وعدّد إبراهيم «إنجازات الأمن العام منذ عام 2012 في ميادين الأمن الاستباقي، ومكافحة الإرهاب والتجسس، وكذلك في المجالات الخدماتية والإدارية»، مؤكدا أن «هاجس الأمن العام الأساس للمرحلة المقبلة دحر الإرهاب وضرب مفاعيله وأدواته، ومكافحة خلايا العدو الإسرائيلي في كل أشكالها ومنعه من استهداف لبنان أو اعتماده حقل تجارب على حساب البشر والحجر».
وفي هذه الذكرى، سأل رئيس الحزب الاشتراكي، النائب السابق وليد جنبلاط؛ عن أي استقلال يعيشه لبنان؟ وكتب في حسابه على «تويتر» قائلا: «في هذه اللحظة في الخارج أغاني فيروز وزكي ناصيف عن الاستقلال. لكن أتساءل: أي استقلال؟ لبنان فيروز وزكي ناصيف انتهى. هناك لبنان آخر».
من جهته، عدّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن عيد الاستقلال لم يترجم حتى اللحظة كما يجب. وقال في بيان له: «يبقى الاستقلال ناقصا غير ناجز طالما بقي القرار الاستراتيجي العسكري الأمني خارج الدولة، وطالما بقي سلاح خارج الدولة. ويبقى الاستقلال من دون معنى إذا كان المواطن اللبناني يرزح كل يوم تحت ثقل أزمة من الأزمات المعيشية التي تلاحقه».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.