فرنسا واليابان تسعيان لإنقاذ تحالف «رينو ـ نيسان»

تمديد الحجز الاحتياطي لغصن وأزمة صانعي السيارات تتفاقم

تسعى فرنسا واليابان لبذل جهود كثيفة من أجل إنقاذ تحالف «رينو ـــ نيسان» من الانهيار
تسعى فرنسا واليابان لبذل جهود كثيفة من أجل إنقاذ تحالف «رينو ـــ نيسان» من الانهيار
TT

فرنسا واليابان تسعيان لإنقاذ تحالف «رينو ـ نيسان»

تسعى فرنسا واليابان لبذل جهود كثيفة من أجل إنقاذ تحالف «رينو ـــ نيسان» من الانهيار
تسعى فرنسا واليابان لبذل جهود كثيفة من أجل إنقاذ تحالف «رينو ـــ نيسان» من الانهيار

ذكر وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، أنه سيجتمع مع نظيره الياباني، هيروشيجي سيكو في باريس، بعد ظهر اليوم الخميس، لإجراء محادثات حول مستقبل التحالف بين شركتي «رينو» و«نيسان»، وذلك في وقت مددت فيه السلطات اليابانية أمس الحجز الاحتياطي لرئيس مجلس إدارة «نيسان» كارلوس غصن، عشرة أيام، بينما أفادت تقارير بأن مجموعة السيارات العملاقة يمكن أن تتعرض لملاحقات قضائية، متعلقة بالمخالفات المالية التي تسببت في سقوط رجلها القوي.
وأضاف لومير، في مؤتمر صحافي مقتضب في باريس مع القيادة المؤقتة لشركة «رينو»، التي وافق عليها مجلس إدارة الشركة الفرنسية، بعد اعتقال رئيس الشركة كارلوس غصن يوم الاثنين في اليابان، أن الوزيرين «يريدان مواصلة التحالف وتعزيزه». وأكد لومير وفيليب لاجايت، كبير المديرين المستقلين لشركة «رينو»، الذي يرأس مجلس الإدارة في غياب غصن، مجدداً أنهما لم يجدا حتى الآن دليلاً يسمح لهما باستخلاص أي نتائج بشأن اتهامات موجهة ضد غصن في اليابان. وذكرا أن شركة «نيسان» يتعين أن تقدم لشركة «رينو» أي دليل في حوزتها ضد غصن.
وكان لتوقيف غصن المفاجئ أثر الصدمة في قطاع صناعة السيارات في اليابان وخارجها؛ حيث ينسب إلى غصن النجاح في تغيير مصير تحالف «نيسان - رينو – ميتسوبيشي».
والأربعاء، ذكر كثير من وسائل الإعلام أن محكمة منطقة طوكيو أمرت بتمديد الحجز الاحتياطي لرجل الأعمال، البالغ من العمر 64 عاماً والمولود في البرازيل، لمدة عشرة أيام إضافية، في وقت كثف فيه المدعون تحقيقاتهم في مسألة خفض البيانات المالية المتصلة بعقد غصن بنحو 5 مليارات ين (44.5 مليون دولار). وكان أمام المدعين مهلة 48 ساعة لكي يقرروا إما توجيه التهم أو الإفراج عنه، أو طلب تمديد فترة حجزه عشرة أيام لمواصلة التحقيق.
ويحتجز غصن في مركز توقيف في شمال طوكيو، في ظروف بعيدة جداً عن أسلوب حياته المترف. وقال المحامي أيانو كانيزوكا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «من حيث المبدأ، سيكون في زنزانة وحده»، بينما أوضح المحامي ليونيل فنسنت أن لديه كل ما هو ضروري من «تدفئة وسرير؛ لكنها ظروف متقشفة»، مضيفاً أن هناك باحة داخلية مسورة وسط المبنى. ويبدو أن الأزمة تسير من سيئ إلى أسوأ بالنسبة لـ«نيسان»، إذ ذكرت صحيفة «أساهي شيمبون»، إن المدعين يعتقدون أن المجموعة نفسها قد تتعرض لملاحقات قضائية. ورفضت كل من «نيسان» والسلطات التعليق.
وسوف يقرر مجلس إدارة «نيسان» اليوم الخميس، ما إذا كان سيقيل غصن من رئاسة المجلس، في تحول مؤسف لمسار هذا المدير الذي كان يحظى باحترام كبير، وأسس تحالف السيارات الثلاثي الذي يبيع مجتمعاً أكبر عدد من السيارات في العالم بين جميع المصنعين.
ويبدو أن مصير غصن بات محتماً، بعد أن شن المدير التنفيذي الذي اختاره غصن بنفسه، هيروتو سايكاوا هجوماً عليه، قائلاً إنه جمع في يده «كثيراً من السلطة»، مندداً «بالجانب المظلم من حقبة غصن». ورفض سايكاوا بشدة أن يقدم «انحناءة الاعتذار» الشديد التي عادة ما ترافق فضائح الشركات في اليابان، وقلل من أهمية الدور الذي لعبه غصن في مكاسب المجموعة.
لكن في فرنسا، قالت «رينو» إنها تقف إلى جنب مديرها التنفيذي، رغم إعلانها عن تعيين مدير العمليات تييري بولوريه نائباً للمدير التنفيذي، ومنحه «صلاحيات غصن نفسها». وبعد اجتماع طارئ لمجلس الإدارة، حضت «رينو» الشركة الشقيقة «نيسان» على تقاسم «المعلومات الموجودة بحوزتها، في إطار التحقيقات الداخلية التي أجرتها حول غصن».
وتبذل باريس وطوكيو مساعي حثيثة لاحتواء تداعيات توقيف غصن، مع تأكيد وزيري المالية في البلدين الدعم القوي للتحالف، الذي يمثل «أحد أكبر رموز التعاون الصناعي الفرنسي - الياباني».
والفضيحة - وهي الأخيرة في سلسلة من الفضائح التي لحقت بالشركة اليابانية - مسحت الملايين من قيمة أسهم الشركات الثلاث؛ لكن أسهم «نيسان» تحسنت قليلاً في افتتاح تعاملات طوكيو أمس، مسجلة ارتفاعاً بنحو نصف نقطة مئوية في سوق متهاو. وحصل غصن على بعض الدعم في شوارع طوكيو، فقال أحد المارة ويدعى يوشياكي واتانامي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أعتقد أنه شخص تمكن من القيام بما لم نتمكن نحن اليابانيون المتمسكون بأساليبنا، من القيام به».
وكان غصن محبوب الشركات؛ بل حتى اليابانيين، وهناك رسوم مصورة مستوحاة منه، وينسب له إبقاء تحالف السيارات متماسكاً منذ 1999، وعرف بإدمانه على العمل وبسياسة خفض التكاليف. وخلال قيادته أصبحت «نيسان» و«رينو» مترابطتين بشكل كبير.
وتمتلك «رينو» 43 في المائة من «نيسان» اليابانية، التي تمتلك بدورها 15 في المائة من أسهم «رينو». وبحسب «فايننشيال تايمز»، كان غصن يعمل على دمج الشركتين، وهو ما عارضته «نيسان»، خشية أن يصبح دورها ثانوياً.
وقال جيف كينغستون، مدير الدراسات الآسيوية بجامعة «تيمبل» باليابان، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن غصن وقع «ضحية غطرسته ونجاحه». وأضاف: «داس على الأعراف الثقافية اليابانية بطرقه المترفة، ومرتباته الضخمة أثارت الحسد والرغبة في الانتقام».
وذكرت وسائل إعلام يابانية، أن المدير التمثيلي لـ«نيسان» غريغ كيلي، الذي تم توقيفه مع غصن، أمر مديرين آخرين «بإخفاء رواتبهم». وبعض المرتبات المستحقة لمديرين آخرين، انتهت في حساب غصن، دون أن تتضح تفاصيل ذلك. وأفاد التلفزيون الياباني الرسمي «إن إتش كي» بأن «نيسان» دفعت «أموالاً هائلة» لتزويد غصن بمنازل فخمة، في ريو دي جانيرو، وبيروت، وباريس، وأمستردام، من دون «وجود أي مبرر مشروع يتعلق بالأعمال». وحتى عندما كانت شهرته في أوجها، تعرض غصن لانتقادات لأسلوب حياته الباذخ، الذي يعارض ثقافة الشركات اليابانية، وإجمالي راتبه المقدر بنحو 13 مليون يورو العام الماضي. وتحدثت تقارير إعلامية أيضاً عن حفل زفافه الثاني المترف عام 2016 في قصر فيرساي.



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.