مرمر حليم: ظهور سيدة مصر الأولى بتصاميمي كانت نقطة تحول بالنسبة لي

المصممة مرمر حليم  -  من أعمالها الأخيرة
المصممة مرمر حليم - من أعمالها الأخيرة
TT

مرمر حليم: ظهور سيدة مصر الأولى بتصاميمي كانت نقطة تحول بالنسبة لي

المصممة مرمر حليم  -  من أعمالها الأخيرة
المصممة مرمر حليم - من أعمالها الأخيرة

النعومة والقوة، الحرية والمحافظة، الكلاسيكية والعصرية، كلها تناقضات جمعتها المصممة المصرية مرمر حليم داخل لوحة فنية تخرج على شكل فستان تهديه لامرأة تبحث عن التميز. رحلة من النجاح والإحباط والدأب ترويها لـ«الشرق الأوسط» لتكشف أن بداخل كل شخص طاقة إذا وجهت للطريق الصحيح، فإن النجاح يكون حليفه.
«لم تكن علاقتي بالموضة تقوم على هدف واضح من البداية، ولم أكن أتصور امتهانها. كانت شغفا أمارسه من خلال اختيار ملابسي وإطلالات صديقاتي، ورغم تشجيع المحيطين، ظلت مجرد حلم». هكذا بدأت مرمر حليم حديثها مضيفة: «لا سيما بعد أن تزوجت وعملت في وظيفة الموارد البشرية ببعض المدارس، ثم أنجبت أبنائي الثلاثة. ومع ذلك ظل شيء بداخلي يحركني كلما لمست الأقمشة ورأيت ألوانها».
اقتنعت بعد وقت بأن شغفها بفن التصميم موهبة تحتاج إلى صقل، فانخرطت في معهد التصميم والموضة بالقاهرة مدة عامين، وأول مجموعة لها وُلدت كمشروع تخرج. تقول مرمر: «لم تكن البداية سهلة على الإطلاق، فأتذكر جيداً كيف قوبلت تصاميمي بالرفض من قِبل بعض المحال الكبرى ولكن لم أنس أيضاً شعوري بالنجاح عندما عرضت المجموعة في محل بمنطقة الزمالك بالقاهرة، وبيع أول فستان. ما زادني سعادة أن من اشترته كانت فتاة لا أعرفها اختارته لحفل خطوبتها، ربما تكون هذه التفاصيل التي تبدو للبعض بسيطة إلا أنها مهمة جعلتني أتأكد من موهبتي».
بعد أن بدأت مرمر تتذوق طعم النجاح، اضطرت للانتقال إلى دبي بسبب عمل زوجها. شعرت أن حلمها قد يُجهض «إذ كيف لمصممة مبتدئة أن تنافس كبار المصممين في سوق ضخم مثل دبي؟» حسب قولها.
لكن خوفها لم يكن في محله، إذ أن تصاميمها عُرضت في معرض للأزياء وكان الإقبال عليها ملحوظا ومشجعا، من قبل سيدات راقيات وشهيرات مثل جويل مردينيان وغيرهن.
ومن هنا اتجهت إلى الاحتراف، وما بدأ كحلم صغير تحول إلى دار للأزياء الراقية. ولا تخفي أنها سعدت للغاية بالعمل مع الفنانة المصرية منى زكي والفنانة التونسية درة، ثم توّج النجاح بظهور السيدة الأولى لمصر، انتصار السيسي، لتصاميمها في كثير من المناسبات. كان هذا بمثابة نقطة تحول بالنسبة لها، وعن هذا تقول: «أعتبر اختيار السيدة الأولى لمصر لتصاميمي قمة النجاح، خصوصا أنني أحبها على الصعيد الشخصي، فهي أم مصرية حقيقية، تتميز بالبساطة والتواضع».
ولا تخفي أن المرأة الناجحة تُلهمها: «فهذه المرأة تكون مزيجا من التناقضات، فهي امرأة جميلة وجذابة ورقيقة، وفي الوقت نفسه قوية وعملية، تعرف ما تريد وإلى أين تسير، هذه التوليفة هي سر النجاح الحقيقي لتصاميمي»، وبالفعل إذا دققت في اختيارات مرمر حليم ستكتشف هذه الخلطة، فهي عادة ما تقدم تصاميم بسيطة ومنسدلة بنعومة على جسد المرأة، تشعر في اختياراتها من خامات الحرير والشيفون أنها تعبر عن المرأة الحالمة والحرة التي تطير بأفكارها وسط صخب الحياة. «فلا داعي لأن تتقيد بطيّات ثقيلة من القماش حتى تبدو أنيقة، لذا، أمزج بين الكلاسيكية والعصرية دائما».
لا تخلو تصميمات مرمر حليم من النكهة الشرقية، ويمكن أن نصفها بالمحافظة أحياناً، فهي مصممة مصرية تعيش وسط مجتمع عربي له أصول وعادات، وربما يكون المزيج المتميز بين الأناقة والمحافظة هو سر اختيار السيدة الأولى لمصر أن ترتدي من تصاميمها، وتُفسره هي قائلة بأن «مصر بلد عريق، له تاريخ في الفنون، ولا شك أني تأثرت بذلك. كما أن استقراري في دبي جعل لمستي الشرقية تكتمل، لأجمع في النهاية بين بساطة الغرب وإتقانهم حرفة فن التصميم وحرفة الأزياء مع اللمسات الشرقية التي تحافظ على الأصول العربية».


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.