5 أسباب تبقي آمال دي ميستورا بتشكيل اللجنة الدستورية

TT

5 أسباب تبقي آمال دي ميستورا بتشكيل اللجنة الدستورية

يراهن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، على خمسة أسباب في محاولاته الأخيرة لتشكيل اللجنة الدستورية السورية قبل تركه منصبه نهاية العام الحالي. لكنه أرسل خلال إيجازه في مجلس الأمن مساء أول من أمس، أول إشارة تدل إلى حجم الضغوط التي يتعرض لها من كتلتين إزاء اللجنة الدستورية السورية، عندما قال إنه سيكون في منتصف الشهر المقبل جاهزاً لدعوة اللجنة للانعقاد وبدء أعمالها.
خلال الفترة الماضية، برز توجهان لتشكيل اللجنة بموجب القرار الدولي 2254 وبيان مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي الروسية: الأول، تقوده واشنطن، حيث حض مسؤولون أميركيون، بما فيهم وزير الخارجية مايك بومبيو، دي ميستورا، مرات عدة، على دعوة اللجنة إلى الانعقاد وعدم انتظار موافقة دمشق على أعضائها. الثاني، تقوده موسكو ويعبر عن موقف دمشق بضرورة «تجنب فرض مواعيد وبرنامج زمني» واعتماد مبدأ «التريث».
الخلاف الحالي يتعلق بالقائمة الثالثة في اللجنة الدستورية. الدول «الضامنة» الثلاث لعملية آستانة، روسيا وإيران وتركيا، وافقت على قائمتي الحكومة والمعارضة اللتين تضمان 50 مرشحاً لكل قائمة. لكن «الضامنين» رفضوا الموافقة على القائمة الثالثة التي شكلها المبعوث الدولي من ممثلي المجتمع المدني والنساء والمستقلين وتضم 50 اسماً. كما ترفض دمشق بشكل خاص اللائحة الثالثة.
وكان مقرراً أن يترك دي ميستورا منصبه في نهاية الشهر الحالي، وتسليم الملف إلى خلفه السفير النروجي غير بيدرسون، لكنه قرر البقاء في منصبه ويجرب إلى آخر لحظة تحقيق إنجاز ملموس واحد بعد أربع سنوات في مهمته، وتشكيل اللجنة الدستورية ودعوتها إلى الانعقاد قبل نهاية العام.
على ماذا يراهن دي ميستورا؟
الأول، قمة إسطنبول الرباعية التي جمعت رؤساء تركيا رجب طيب إردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وفرنسا إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتبنت بياناً يدعو إلى تشكيل اللجنة الدستورية وعقدها «قبل نهاية العام إذا سمحت الظروف». أهمية هذه القمة أنها جمعت دولتين من «الدول الضامنة» الثلاث ودولتين من «المجموعة الصغيرة» التي تضم إلى فرنسا وألمانيا كلاً من أميركا وبريطانيا والسعودية ومصر والأردن.
الثاني، المحادثات الثنائية التي أجراها دي ميستورا وفريقه مع الدول المعنية، بما فيها أميركا وبريطانيا وروسيا وتركيا، ومشاركته في اجتماع «المجموعة الصغيرة» في لندن، إضافة إلى لقائه في جنيف قبل يومين مسؤولين إيرانيين كانوا التقوا الرئيس بشار الأسد في دمشق وناقشوا اللجنة الدستورية.
الثالث، قمة بوتين - إردوغان في إسطنبول أول من أمس، واستمرار الاتصالات الثنائية للبحث عن حل للجنة الدستورية، مع أن الدولتين تعطيان الأولية للواقع الميداني في إدلب، وتنفيذ اتفاق سوتشي، خصوصاً ما يتعلق بتشكيل «المنطقة الآمنة» وعزل الإرهابيين.
الرابع، اجتماع آستانة بين الدول «الضامنة» يومي 28 و29 من الشهر الحالي بمشاركة «مراقبين» من الأردن ودي ميستورا نفسه.
كانت دمشق رفضت أي دور للمبعوث الدولي في تشكيل اللجنة الدستورية، ووافقت على لعبه «دور الميسر» للمشاورات التي تجري بين الدول «الضامنة»، لكن الأمم المتحدة تقول إنها لن تعطي شرعية لهذه اللجنة ما لم تكن شفافية وحيادية وفق معايير القرار 2254 وبيان سوتشي.
الخامس، قمة الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث سيجري بحث للملف السوري في شكل معمق استكمالاً لقمة سابقة عقدت في هلسنكي في يوليو (تموز) الماضي، ضمن سلة أكبر من الملفات الدولية والثنائية المعقدة.
وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك مساء الاثنين، قال دي ميستورا: «نحن في الأيام الأخيرة من المحاولات الرامية إلى تشكيل لجنة دستورية». وأكّد أن الأمم المتحدة ما زالت تأمل أن تتمكّن من إرسال الدعوات إلى أعضاء اللجنة الدستورية بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول)، وأن تعقد أول اجتماع لهذه اللجنة قبل 31 ديسمبر.
لكنه قال: «قد نضطر لأن نخلص إلى أنّه من غير الممكن في الوقت الراهن تشكيل لجنة دستورية موثوق بها وشاملة. في هذه الحالة المؤسفة سأكون على أتمّ الاستعداد لأن أشرح لمجلس الأمن السبب».
وقاد دي ميستورا منذ العام 2016 تسع جولات من المحادثات غير المباشرة بين دمشق والمعارضة من دون إحراز أي تقدّم يذكر لتسوية النزاع. وسيكون بيدرسون المبعوث الرابع بعد دي ميستورا والدبلوماسي المخضرم الأخضر الإبراهيمي والأمين العام السابق للأمم المتحدة الراحل كوفي أنان.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.