رفض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قراراً أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الإفراج عن الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض (مؤيد للأكراد) صلاح الدين دميرطاش، قائلاً إن قرارات المحكمة «غير ملزِمة بالنسبة إلى تركيا». وفي الوقت نفسه تواصلت حملات الاعتقالات في صفوف الجيش والشرطة التركيين في إطار التحقيقات التي لا تزال جارية في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) عام 2016.
وقال إردوغان إن «قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لا تلزمنا، وحتى اليوم اتخذتْ العديد من القرارات المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية، جميعها ضد تركيا. سنتخذ خطوة مضادة للقرار، وسنكمل المهمة».
وفي وقت سابق أمس، قالت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إن تمديد حبس دميرطاش لا يستند إلى ركائز قانونية كافية، وإن على السلطات التركية إطلاق سراحه.
وذكّرت المحكمة الأوروبية بأن دميرطاش، الذي كان نائباً بالبرلمان التركي، اعتُقل بناءً على مبدأ «الاشتباه المعقول» في ارتكابه جريمة، لكنها قالت إن مبررات استمرار اعتقاله غير كافية، وتشكل «تدخلاً غير مبرر، في حرية الأشخاص في التعبير عن آرائهم». وطالبت المحكمة، بالإجماع، الدولة المدَّعَى عليها (تركيا) باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية، لوضع نهاية للحبس الاحتياطي للمدعي (دميرطاش). وأمرت المحكمة تركيا بدفع 10 آلاف يورو، تعويضاً لدميرطاش عن الأضرار التي لحقت به، وكذلك 15 ألف يورو مصاريف التقاضي.
وقال وزير العدل التركي عبد الحميد غُل، تعليقاً على ذلك: «لنرَ حيثيات قرار المحكمة الأوروبية، فالسلطة التي تقاضي دميرطاش هي التي ستقرر ما يجب فعله». وأضاف غُل أنّه من غير الصحيح، الإدلاء بتصريحات في هذا الشأن قبل الاطلاع على حيثيات قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وأُوقف دميرطاش في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، على ذمة التحقيق في تهم من بينها «الترويج لحزب العمال الكردستاني (المحظور)»، و«تحريض الشعب على الكراهية»، و«الانتساب إلى منظمة إرهابية مسلحة (في إشارة إلى العمال الكردستاني)»، و«محاولة زعزعة وحدة الدولة».
وصدر مؤخراً حكم بحبس دميرطاش لمدة 4 سنوات و8 أشهر بتهمة إهانة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. ويفترض أن قرار المحكمة الأوروبية ملزِم من الناحية القانونية لتركيا، لكن إردوغان رفضه، قائلاً إنه غير ملزم لبلاده.
وينفي دميرطاش (45 عاماً)، كل التهم التي يوجهها إليه الادعاء التركي، ويقول إنها «ذات دوافع سياسية». وفي يونيو (حزيران) الماضي، خاض انتخابات الرئاسة التركية من السجن، وحل في المركز الثالث، بحصيلة أصوات بلغت نسبتها 8.4 في المائة من عدد الناخبين الذي تجاوز 57 مليون ناخب.
على صعيد آخر، أطلقت الشرطة التركية، أمس، عمليتين أمنيتين، الأولى لاعتقال 142 عسكرياً وشرطياً، للاشتباه في تورطهم بمحاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، وصِلتهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي تتهمها السلطات بتدبير محاولة الانقلاب. وأمرت نيابة أنقرة باعتقال 92 عنصراً بالقوات البحرية وقوات الدرك التابعة لوزارة الداخلية، إضافة إلى 50 آخرين تم وقفهم عن العمل بموجب مراسيم حالة الطوارئ التي فُرضت لعامين عقب محاولة الانقلاب، للتحقيق في صلتهم بها.
في الوقت ذاته، أصدرت نيابة كونيا (وسط تركيا) مذكرات اعتقال بحق 59 جندياً، منهم 40 في الخدمة، وأطلقت الشرطة عمليات مداهمة متزامنة في 21 ولاية تركية للقبض عليهم.
في سياق متصل قال ألب أصلان دوغان، المدير التنفيذي لمنظمة «تحالف القيم المشتركة»، التي تشكّل جوهر حركة الخدمة التابعة لغولن، إن تركيا لم تقدم للولايات المتحدة خلال العامين الماضيين أدلة كافية لتسليمه لها. ورداً على سؤال حول إمكانية تسليم غولن لتركيا من جانب الولايات المتحدة التي يقيم فيها منذ عام 1999 كمنفى اختياري، قال أصلان دوغان في تصريحات، أمس: «إنه لا يمكنه أن يعرف شيئاً بهذا الخصوص».
ونقلت قناة «إن بي سي» الأميركية، الأسبوع الماضي، عن مسؤولين أميركيين (لم تحددهم) أن البيت الأبيض يدرس صيغاً لتسليم غولن لتركيا، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال إن الأمر غير مطروح للنقاش وإنه لا يدرس إمكانية طرد غولن من الولايات المتحدة.
وطلبت أنقرة من 83 دولة تسليمها 452 شخصاً تقول إنهم مرتبطون بحركة غولن. وسبق أن أدان غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية، محاولة الانقلاب ورفض كل الاتهامات الموجهة إليه بالوقوف وراءها.
في غضون ذلك، قال زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو، إن الرئيس رجب طيب إردوغان أفقد البلاد استقلالها السياسي والاقتصادي بشكل كبير بعد تنازلاته المتتالية في عدد من الملفات. وأضاف كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، في مقابلة صحافية أمس، أن «سعي إردوغان لحكم البلاد من خلال سياسة الاستقطاب والتكتلات أفقد تركيا الكثير من استقلالها السياسي والاقتصادي خلال السنوات العشر الأخيرة»، لافتاً إلى أن إردوغان سلّم تركيا للمحتكرين في لندن، ويفعل ما يطلبونه.
على صعيد آخر، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إنها تعمل في الوقت الحالي مع الكونغرس للمساعدة في إيجاد بدائل لمنظومة الدفاع الصاورخي الروسية (إس 400) من أجل تزويد تركيا بها.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، إريك باهون، لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أمس، إن وزارة الدفاع تُجري مناقشات مستمرة حول هذه القضية مع الكونغرس، وقد سلمت الوزارة تقريرها عن العلاقات مع تركيا إلى الكونغرس يوم الجمعة الماضي.
وأبدت الولايات المتحدة قلقها من اعتزام تركيا، عضو الناتو، نشر الصواريخ روسية الصنع، واعتبرت أنها تشكل خطراً على عدد من الأسلحة أميركية الصنع المستخدمة في تركيا بما فيها طائرات (إف - 35). وحذر مسؤولون أميركيون من أنه إذا مضت أنقرة قدماً في خططها لشراء النظام الروسي، فإن الولايات المتحدة قد تمنع تسليم طائرات «إف - 35» لتركيا.
تركيا ترفض قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية الإفراج عن زعيم كردي
اعتقالات في صفوف الجيش والشرطة... وغولن مطمئن إلى عدم تسليمه
تركيا ترفض قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية الإفراج عن زعيم كردي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة