مجلس الأمن في طريقه إلى مضاعفة قوات حفظ السلام في جنوب السودان

مجلس الأمن في طريقه إلى مضاعفة قوات حفظ السلام في جنوب السودان
TT

مجلس الأمن في طريقه إلى مضاعفة قوات حفظ السلام في جنوب السودان

مجلس الأمن في طريقه إلى مضاعفة قوات حفظ السلام في جنوب السودان

من المتوقع أن يرسل مجلس الأمن الدولي قوات حفظ سلام إضافية قوامها 5500 جندي إلى جنوب السودان، وقال المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو إن المجلس «سينظر في مشروع قرار»، قبيل جسته التي عقدت مساء أمس.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى عقد جلسة خاصة للمجلس المؤلف من 15 عضوا للنظر في القرار، الذي من شأنه أن يضاعف تقريبا من حجم بعثة حفظ السلام الحالية في الدولة الأفريقية المضطربة.
وكان كي مون أوصى في وقت سابق بإرسال 5500 جندي و423 شرطيا إلى جنوب السودان يضافون إلى نحو سبعة آلاف جندي دولي و700 شرطي في إطار هذه القوة.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنتا باور إن جميع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر أبدوا تأييدهم لتلك الخطوة. وأفاد دبلوماسيون أن المجلس سيوافق مشروع القرار واقترحت الولايات المتحدة قرارا في هذا المعنى يصوت عليه أعضاء مجلس الأمن الـ15 الثلاثاء في الساعة 15,00 (20,00 ت غ)، وفق ما أعلن السفير الفرنسي جيرار ارو الذي يترأس المجلس معتبرا أن «رد جميع أعضاء المجلس كان إيجابيا».
ووصف نظيره الروسي فيتالي تشوركين مشروع القرار الأميركي بأنه «متين»، مضيفا «الجميع موافقون على التحرك تجاوبا مع طلبات الأمين العام». وقالت السفيرة الأميركية سامانتا باور «هناك تفاهم واسع جدا وعزم على التحرك سريعا»، لكنها تداركت بأن إرسال التعزيزات «سيستغرق بضعة أيام على الأقل».
وحدد ارو أربع أولويات للأمم المتحدة في جنوب السودان: «تسهيل الحوار السياسي وحماية المدنيين في القواعد (...) والمساعدة الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان». وإثر المواجهات العنيفة في ولايات عدة بجنوب السودان، بات نحو 45 ألف مدني تحت حماية البعثة الأممية في مخيمات وقواعد للمنظمة الدولية في هذا البلد. وأكد أرو أن الجنود الدوليين يستطيعون الرد لحماية أنفسهم أو حماية المدنيين كون التفويض المعطى لهم يلحظ استخدام القوة. وقتل جنديان دوليان من الهند في هجوم على إحدى هذه القواعد الخميس في اكوبو بولاية جونقلي.
وسيجري تأمين تعزيزات قوة مينوس من بعثات أخرى للأمم المتحدة في أفريقيا (جمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج ودارفور وأبيي وليبيريا).
وأوصى بان كي مون بنقل خمس كتائب مشاة من هذه البعثات إضافة إلى ثلاث مروحيات قتالية وثلاث مروحيات نقل وطائرة لنقل القوات من طراز سي - 130، أي ما مجموعه 5500 عنصر. كما طلب تعزيز البعثة في جنوب السودان بثلاث وحدات من الشرطة (423 عنصرا) وخبراء في حقوق الإنسان. وأكدت السفيرة الأميركية أن الأمم المتحدة يمكنها بذلك جمع معلومات عن التجاوزات التي يجري ارتكابها، مشددة على «وجوب محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان».
وكان بان أعلن في مؤتمر صحافي في وقت سابق الاثنين أن «الأمم المتحدة ستحقق حول الاتهامات (بارتكاب) انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية» في جنوب السودان. وقال بان في رسالة وجهها إلى مجلس الأمن الاثنين «بسبب تدهور الوضع الأمني في جنوب السودان، اتخذت تدابير لتعزيز عاجل لقدرات الحماية لدى بعثة الأمم المتحدة».
وطلب من أعضاء المجلس الـ15 «الموافقة على نقل الطواقم والإمكانات الملائمة إلى قوة مينوس في شكل عاجل للمساعدة في ضمان حماية المدنيين وطواقم الأمم المتحدة ومنشآتها» على الأرض.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.