المعارضة السورية تتخوف من ترجيح الغرب خيار «محاربة الإرهاب» على تنحية الأسد

المعارضة السورية تتخوف من ترجيح الغرب خيار «محاربة الإرهاب» على تنحية الأسد
TT

المعارضة السورية تتخوف من ترجيح الغرب خيار «محاربة الإرهاب» على تنحية الأسد

المعارضة السورية تتخوف من ترجيح الغرب خيار «محاربة الإرهاب» على تنحية الأسد

تتخوف المعارضة السورية من اعتماد الدول الغربية لخيار محاربة الإرهاب في سوريا ومنحه الأولوية على إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وذلك إثر إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أمس - للمرة الثانية في أسبوع - أن «الغرب بات يدرك أن إسقاط النظام السوري قد يؤدي إلى سيطرة المتطرفين على السلطة»، مشيرا إلى أن «تحقيق الاستقرار في سوريا مهمة ذات أولوية. والحديث عن الشخصيات ونظام الانتخابات بات ثانويا».
وأوضح لافروف في تصريح لقناة «روسيا اليوم»: «أن شركاء روسيا الغربيين باتوا يدركون أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد لا يمثل سبيلا لتسوية الأزمة السورية، بل قد يؤدي إلى استيلاء المتطرفين على السلطة خلال فترة وجيزة».
وعبر عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار، عن خشيته أن «تكون أولوية الدول الغربية الدفع باتجاه تكاتف الجميع لمحاربة الإرهاب في سوريا، بحيث يتحالف النظام والمعارضة لمواجهة (القاعدة)». وقال نشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه «يغيب عن ذهن الغرب أن تخليه عن السوريين هم ما دفعهم نحو التطرف، لا سيما وأن الولايات المتحدة الأميركية قد أوقفت مساعداتها غير الفتاكة للمعارضة ما أجبر القوى المعتدلة على التراجع».
واتهم نشار «نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنه كان قناة رئيسة لنقل الإرهابيين إلى العراق في عام 2003»، مضيفا أن «هذا النظام يتمتع بخبرة كبيرة لجعل سوريا بيئة حاضنة للإرهابيين القادمين من جميع أنحاء العالم بهدف تشويه صورة الثورة السورية وإيهام الغرب أنه يحارب الإرهاب نيابة عنه».
واعترف عضو الائتلاف الوطني المعارض بوجود تقصير لدى المعارضة بتسويق وجهة نظرها في الإعلام الغربي، موضحا في الوقت عينه أن «سبب ذلك يعود إلى ضعف الموارد التي تصل من الدول الصديقة في حين يتمتع نظام الأسد بدعم إعلامي ومالي غير محدود من إيران وروسيا». وشدد نشار على أن «الهدف الأساسي لدى المعارضة السورية هو إسقاط النظام ليصبح من السهولة بعدها مواجهة الجماعات الأصولية، إذ يسقط مبرر وجودها في سوريا».
وفي السياق ذاته، وضع المحلل وأستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الجنوب، خطار بو دياب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» كلام لافروف في إطار الهرب من استحقاق «جنيف 2» الذي ينص على تطبيق مقررات مؤتمر «جنيف 1» التي تقضي بتشكيل هيئة انتقالية للحكم كاملة الصلاحيات.
وأشار بو دياب إلى أن الجهد الروسي ينصب حاليا على حرف مؤتمر «جنيف 2» عن أهدافه وإلهاء العالم بمعركة كبرى ضد الإرهاب في حين أن الجميع يعلم أنه من دون إزالة النواة الصلبة للنظام السوري لا يمكن محاربة الإرهاب، مشددا على أن «أبناء الطائفة السنية في سوريا يناصرون إسلاما معتدلا، ولم يكونوا يوما حاضنة للتطرف، لكنهم دفعوا إلى هذا الخيار نتيجة انسداد جميع المنافذ وبروز تطرف مضاد لا يكف عن قتلهم».
وأكد وزير الخارجية الروسي أن تحقيق الاستقرار في سوريا مهمة ذات أولوية، مشددا على أن الحديث عن الشخصيات ونظام الانتخابات في سوريا جديدة له أهمية ثانوية. وقال لقناة «روسيا اليوم» إن «شركاء روسيا الغربيين باتوا يدركون أن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد لا يمثل سبيلا لتسوية الأزمة السورية، بل قد يؤدي إلى استيلاء المتطرفين على السلطة خلال فترة وجيزة».
وشدد لافروف على أن الحكومة والمعارضة في سوريا يجب أن يتفقا قبل كل شيء على ملامح مستقبل سوريا، وعد أن تحقيق الاستقرار في البلاد هو السبيل الوحيد الذي يوفر ظروفا لبناء نظام ديمقراطي وضمان حقوق جميع شرائح المجتمع والأقليات. ورأى أن التصريحات السابقة لبعض الزعماء الغربيين عن أن الأسد لم يعد يمثل سوريا كانت سابقة لأوانها، علما بأن الأخير ما زال يمثل شريحة كبيرة من الشعب السوري. وعد موقف الدول الغربية من سوريا أصبح أكثر واقعية بعد إدراكها لخطر الإرهاب هناك، وبعد أن رأت انتهاكات حقوق الأقليات على يد المجموعات المسلحة.
وذكر أن موسكو ما زالت قلقة بسبب الموقف الذي قد تتخذه المعارضة السورية في مؤتمر «جنيف 2»، وقال إن «ما يثير الشك، هو بوادر تدل على الانعدام التام للوحدة في صفوف الائتلاف (الوطني المعارض)، وإصراره على القول إن تغيير النظام يجب أن يكون النتيجة الوحيدة للمؤتمر أو حتى شرطا مسبقا لانعقاده. كما أن تأثير الائتلاف مثير للشكوك، وحسب تقييماتنا، لا يتمتع الائتلاف بتأثير يذكر على المقاتلين الذين يحاربون النظام في الميدان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم