غموض يلفّ تراجع «التمييز العسكرية» عن نقض قضية شاكر البرجاوي

التفتيش القضائي يطلب ملفّ متهم «المدينة الرياضية»... ووزير الدفاع يرفض

TT

غموض يلفّ تراجع «التمييز العسكرية» عن نقض قضية شاكر البرجاوي

لم تنته بعد مفاعيل الحكم الذي أصدره القضاء العسكري، بحق رئيس «التيار العربي» شاكر البرجاوي، غيابياً، في شهر فبراير (شباط) الماضي، لمدة سنة، على خلفية الاشتباكات المسلّحة التي حصلت في محيط المدينة الرياضية في بيروت في 23 مارس (آذار) 2014، وتبرئته من تهمٍ جنائية أسندت إليه، إذ حاولت هيئة التفتيش القضائي، وضع يدها على الملف وتحديد الجهة المسؤولة عن قطع الطريق عن نقض الحكم بحقه، إلا أن وزير الدفاع اللبناني يعقوب الصراف، رفض إحالة الملف إلى هيئة التفتيش، بحجّة أن القضاء العسكري لا يخضع لسلطة التفتيش القضائي.
ويعتبر المحتجون على الحكم أنه صدر بخلفية سياسية، لكون البرجاوي محسوبا على «حزب الله» ويحظى بحمايته السياسية والأمنية. ولم يرق هذا الحكم للنيابة العامة، التي سارعت عبر مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضية منى حنقير، إلى الطعن بالحكم، والطلب من محكمة التمييز العسكرية التي يرأسها القاضي طوني لطوف إبطاله وإعادة المحاكمة من جديد، وإدانة البرجاوي بالجرائم الجنائية، لا سيما القتل ومحاولة القتل وترويع المدنيين وتخريب ممتلكات عامة وخاصة.
وكانت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبد الله، أصدرت حكماً غيابياً في شهر فبراير (شباط) الماضي، قضى بحبس البرجاوي مدة سنة على خلفية الاشتباكات المسلّحة التي حصلت في محيط المدينة الرياضية في بيروت في 23 مارس (آذار) 2014، سقط ضحيتها قتيل وعدد من الجرحى. لكنّ وكيله القانوني المحامي معن الأسعد قدّم اعتراضا على الحكم، وحددت جلسة لإعادة محاكمته في 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقضت في ختامها بتغريمه مبلغ ستة ملايين ليرة.
وإذا كان الحكم المخفف مفهوماً في بعده القانوني، لأنه يبقى مرهوناً بالقناعة التي توصّلت إليها هيئة المحكمة العسكرية، إلا أن الخطوات التي استتبعت الحكم لم تكن مفهومة، وفق تعبير مرجع قانوني مواكب لمجريات القضية. وكشف المرجع المذكور لـ«الشرق الأوسط»، أن محكمة التمييز العسكرية «قبلت الطعن المقدّم من النيابة العامة العسكرية، وحددت موعداً لإعادة محاكمة البرجاوي، لكن وكيل الأخير قدّم مذكرة اعتراضية على النقض طالبا ردّه، وقبلت محكمة التمييز العسكرية الاعتراض وقررت التراجع عن قبول التمييز، في سابقة غير معهودة في تاريخ القضاء». ووصف المرجع القانوني ما حصل بـ«الإرباك الإجرائي». وقال: «إنها المرّة الأولى التي تقبل محكمة تمييز النقض بقرار معلل، ثم تتراجع عنه». وأضاف: «لا نعرف الأسباب التي أدت إلى تطيير المواد الجنائية في المحاكمة السابقة، ليأتي قرار محكمة التمييز الذي قطع الطريق على أي إمكانية للنقض، وجعل الحكم المخفف، مبرماً».
ويؤكد المرجع القانوني المتابع للملف، أن شاكر البرجاوي «أخرج من هذه القضية بقرار سياسي، وبضغط مباشر من حزب الله، الذي سلّمه إلى المحكمة العسكرية بعد صدور حكم غيابي بسجنه مدّة سنة، ومارس ضغوطاً لتحديد جلسة محاكمة سريعة وإخراجه من القضية في غضون 48 ساعة».
والإرباك الإجرائي في هذا الملفّ استدعى تحركاً من هيئة التفتيش القضائي، التي طلبت ملفّ شاكر البرجاوي للنظر، لمعرفة الأسباب التي أوقفت إجراءات نقض الحكم. وأفاد مصدر مواكب لمجريات هذه القضية، بأن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس «أحال قرار هيئة التفتيش على هيئة المحكمة العسكرية لإيداعها الملف، وقد أحالت المحكمة الملفّ إلى وزارة الدفاع لكون الأخيرة وصيّة على المحكمة العسكرية، لكن المفارقة أن وزير الدفاع (يعقوب الصراف)، اعتبر أن المحاكم العسكرية لا تخضع لسلطة التفتيش القضائي، وقرر عدم تسليم الملف إلى التفتيش». وذكّر المصدر نفسه أن «رئيس محاكمة التمييز العسكرية والقضاة المستشارين لدى المحكمة العسكرية الدائمة، وقضاة التحقيق العسكريين والمدعين العامين لدى لمحكمة العسكرية، كلّهم قضاة عدليون، وبالتالي هم من ضمن الهيئات القضائية التابعة لوزارة العدل، وحكماً يخضعون لسلطة التفتيش القضائي».
ولاقى حكم البرجاوي المخفف، اعتراضاً من تيّار «المستقبل» بقيادة رئيس الحكومة سعد الحريري، ورأى أن «الحكم ببراءة المدعو شاكر برجاوي، المتهم بجرم إرهاب ومحاولة القتل وزعزعة السلم الأهلي، جراء الأحداث الدموية التي تسبب بها في العاصمة بيروت، ناجم عن ضغوط سياسية»، مبدياً استغرابه لما سماه «ضلوع جهات قضائية بالمحكمة العسكرية في إعداد سيناريو استعادة المتهم شاكر برجاوي ومثوله أمام المحكمة، وذلك بهدف ترتيب وتلفيق إجراءات قانونية لإعلان براءته». وقال إن «تيار المستقبل لن يسكت على جريمة تحريف العدالة، ويدعو الجهات المختصة في القضاء اللبناني والمحكمة العسكرية، لاعتماد الأصول في حماية الأحكام وإصدارها، وعدم الإذعان للضغوط والطلبات الحزبية التي تتلقاها من جهة حزبية (غامزاً من قناة حزب الله) لم تعد خافية على أحد».



الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.