«الفن ينقذ الأرواح» مزاد علني لإنقاذ مصابي الحوادث

الدّراجة النّارية التي أدخل عليها العالمي إيلي صعب لمساته الإبداعية
الدّراجة النّارية التي أدخل عليها العالمي إيلي صعب لمساته الإبداعية
TT

«الفن ينقذ الأرواح» مزاد علني لإنقاذ مصابي الحوادث

الدّراجة النّارية التي أدخل عليها العالمي إيلي صعب لمساته الإبداعية
الدّراجة النّارية التي أدخل عليها العالمي إيلي صعب لمساته الإبداعية

يبلغ معدل حوادث السير السنوي في لبنان نحو 400 قتيل و5000 جريح. وفي ظلّ هذه النسبة المرتفعة التي يشهدها بلد بالكاد يصل عدد سكانه إلى أربعة ملايين نسمة كان لا بدّ من قيام بعض الجمعيات بحملات توعوية للمساهمة في الحد من تفاقم الوضع.
وانطلاقا من هذا الموضوع أقامت جمعية «رودز فور لايف» (الطريق للحياة) مزاداً علنياً في نادي اليخوت في بيروت على دراجة نارية من نوع هارلي ديفيدسون وعلى 15 خوذة وقائية يستخدمها سائقو هذا النوع من المركبات تحت عنوان «الفن ينقذ الأرواح».
وشارك في هذه المظاهرة الفنية ذات الصبغة الإنسانية 16 فنانا ومصمما يتقدمهم العالمي إيلي صعب. فأدخل لمساته الإبداعية على شكلها، مسلّطاً الضوء على مخاطر الطرق للسائقين والمشاة على السواء بعد أن أطلق عليها اسم «تحية إلى الحياة».
ورسم خريطة شوارع وطرقات بيروت على القسم الأكبر من الدراجة بعد أن طلاها بالذهبي رمزا لما يعرف بـ«الفترة الذهبية». وهو الوقت الواقع بعد حادث السير مباشرة الذي يمكن خلاله إنقاذ المصابين. وطعم هذه المساحة بـ10 ورود ذهبية ترمز إلى الحياة والشّباب. كما خطّط الأقسام الرئيسة للدراجة بالأحمر العنابي تيمنا بشعار جمعية «رودز فور لايف».
وبلغ ثمن بيع هذه الدراجة في المزاد الذي أداره خبير المزادات في دار سوثبيز البريطانية سابقا أدريان بيدل 80 ألف دولار، شمل الخوذة الواقية المتناسقة معها التي وقع تصميمها أيضا إيلي صعب.
«هي مبادرة لنكفكف بها دموعنا وننطلق نحو العمل الإنقاذي للحفاظ على حياة من هم بيننا اليوم». تقول زينة قصار قاسم صاحبة جمعية «رودز فور لايف» التي أسستها إثر فقدانها لابنها طلال عندما اجتاحته سيارة مسرعة في عام 2010 عن عمر 17 ربيعا.
وتضيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نتطلع اليوم من خلال هذا المزاد لتوفير إمكانات التدريب لأكبر عدد من المسعفين وأطباء الطوارئ والجسم التمريضي ورجال الأمن على تقنيات تتيح إنقاذ المصابين بحوادث السير في الفترة الذهبية التي تلي إصابتهم وهو الشعار الرئيس في جمعيتنا».
أمّا الفنانون الآخرون المشاركون في هذه المبادرة الذين نفذوا تصاميمهم على خوذات واقية لسائقي الدراجات النارية بعد أن حوّلوها إلى تحف فنية، فوصلت أسعار بيع بعضها إلى 15 ألف دولار.
وبين هؤلاء تشكيليون ومهندسون معماريون ونحاتون ومصممو مجوهرات ومصورون وفنانو غرافيتي.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.