صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن

صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن
TT

صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن

صراع النفوذ.. داخل مجلس الأمن

فرح العالم العربي بفوز الأردن بمقعد عضو غير دائم بمجلس الأمن، بعد حصوله على موافقة ثلثي الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتعهد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بأن يعمل الأردن للدفاع عن المصالح العربية داخل المنظمة الدولية، ووعد بالعمل على الوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية بما يضمن وحدة الأراضي السورية ووقف معاناة اللاجئين السوريين في دول الجوار.
في الوقت نفسه، وقف العالم احتراما للمملكة العربية السعودية بعد اعتذارها عن عدم شغل هذا المقعد بمجلس الأمن لازدواجية المعايير التي تحول دون قيام المجلس بواجباته. وقد أبلغ السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ببيان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل وأسباب رفض السعودية للمقعد، والذي أشار فيه إلى إخفاق المجلس في معالجة الوضع في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وهي القضية التي يناقشها مجلس الأمن منذ أكثر من 60 عاما، وإخفاق المجلس في التعامل مع الأزمة السورية، واستمرار الرئيس السوري بشار الأسد في قمع إرادة شعبه وقتل وتعذيب وتشريد الملايين «تحت بصر مجلس أصابه سوء استخدام نظام الفيتو بالشلل».
وطوال تاريخ مجلس الأمن لم يشهد خطوات إصلاحية سوى مرات قليلة، كانت الخطوة الأولي في الإصلاح عام 1965 بعد تصديق ثلثي أعضاء الأمم المتحدة بما في ذلك الدول دائمة العضوية على زيادة عضوية الدول غير الدائمة من ستة أعضاء إلى عشرة أعضاء. وكان إصلاح مجلس الأمن قضية مدرجة بشكل دائم على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1979، لكنها لم تحظ باهتمام كبير. ومنذ انتخاب بطرس بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة عام 1992 انطلقت مناقشات موسعة حول إصلاح مجلس الأمن وتوسعة أعضائه، وطالبت كل من اليابان وألمانيا بمقاعد دائمة بمجلس الأمن باعتبارهما ثاني وثالث أكبر مساهمين في الأمم المتحدة، كما طلبت البرازيل مقعدا دائما باعتبارها خامس أكبر بلد من حيث المساحة.
وطالبت الهند بمقعد دائم باعتبارها ثاني أكبر بلد من حيث السكان، وتسهم بشكل ثابت ومنتظم في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وطالبت الدول الأفريقية بمقعدين دائمين لدول القارة الأفريقية على أساس الظلم التاريخي للقارة. كما طلبت مجموعة تدعى «نادي القهوة»، ثم جماعة «متحدون من أجل التوافق» التي تضم إيطاليا وإسبانيا والأرجنتين وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية وباكستان، بتوسعة عضوية مجلس الأمن وانتخاب أعضائه على أساس إقليمي، بما يحقق التوازن. واقترحت سويسرا مع 19 دولة تعرف بمجوعة «أكت» (ACT) بتقديم اقتراحات تتعلق بالمساءلة والشفافية في عمل مجلس الأمن. وتعددت المؤتمرات المطالبة بالإصلاح، لكن بقيت كل الأفكار والخطط ومحاولات الإصلاح محل التجميد رغم الاعتراف بأهمية وضرورة إصلاح مجلس الأمن.
وخلال الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، أقر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأن «جميع الدول تقريبا متفقة على أن مجلس الأمن يجب إصلاحه، لكن كيفية الإصلاح وأسلوبه فإن الدول الأعضاء غير قادرة على الاتفاق حولها»، معترفا بأن المنظمة الدولية تواجه تحديات جسيمة في إثبات مصداقيتها والعمل لمعالجة القضايا الدولية الملحة وتحقيق الأمن والسلم في العالم. وقد برهن مجلس الأمن بنفسه على عدم مصداقيته وفشله في تحقيق السلام والأمن الدوليين، ووقف المجتمع الدولي عاجزا عن التحرك لإنقاذ الشعب السوري من براثن ووحشية نظام الأسد بعد قيام الروس والصينيين باستخدام الفيتو عدة مرات لمنع إدانة النظام السوري، رغم تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بارتكاب الأسد لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ورغم التحركات الأميركية التي قادتها مندوبة الولايات المتحدة السابقة سوزان رايس لاستصدار قرار من مجلس الأمن ضد النظام السوري.
يقول المحللون إن الأسباب الرئيسة لإخفاقات مجلس الأمن تعود إلى أمرين، الأول هو نظام العضوية، والثاني هو نظام حق الاعتراض أو الفيتو. فمنذ بداية إنشاء مجلس الأمن عام 1945 أسس قواعد بتخصيص خمسة مقاعد دائمة العضوية لخمس دول هي «الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين» بعد انتصارها على ألمانيا واليابان في الحرب العالمية الثانية. ولم تتغير تلك القواعد رغم التغييرات الجيوسياسية الكبيرة التي حدثت منذ ذلك التاريخ، وتغير موازين القوى اقتصاديا وعسكريا. فالاقتصادان الألماني والياباني أصبحا أكثر قوة من الاقتصاد البريطاني أو الفرنسي، ودخلت دول مثل الهند وباكستان نادي الدول النووية ولم تحظ بمقعد دائم في مجلس الأمن. وقد أثار هذا الجمود في هيكل وتشكيل المجلس جدلا كبيرا في المجتمع الدولي حول فاعلية وشرعية المجلس في قضايا الأمن الدولي مثلما حدث في تعامله مع الأزمة السورية. لذا فإن مطالبة المملكة العربية السعودية بتخصيص مقعد دائم للدول العربية في مجلس الأمن لها وجاهتها السياسية، فلا يعقل أن يستمر احتكار تلك الدول الخمس للمقاعد دائمة العضوية وتستمر في التحكم في مصير بقية دول العالم بينما تتغير موازين القوى العالمية.
يقول المحلل المخضرم جيفري لورنتي بمؤسسة «سنشري» بواشنطن - والذي عمل بمنظمة الأمم المتحدة في عهد الأمين العام كوفي أنان وكتب عدة مقالات حول إصلاح الأمم المتحدة والنظام العالمي «هناك انتقادات عديدة لهيكل مجلس الأمن الدولي، فقد تم توسيع عضوية المجلس من ستة أعضاء منتخبين إلى عشرة عام 1965، ومنذ ذلك الحين ظلت تركيبة مجلس الأمن على حالها من دون تغيير، وقد سعت قوى من الدول المتقدمة والدول النامية مثل اليابان وألمانيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا ونيجيريا للتصويت لصالح توسيع عضوية المجلس والحصول على مقعد دائم لها، ودعا آخرون للحصول على مقعد أوروبي مشترك واستبدال المقاعد الدائمة لبريطانيا وفرنسا، لكن النقاشات حول توسيع عضوية المجلس تظل دائما محكومة بالجدل حول المفاضلة بين الشرعية والفاعلية».
ويوضح لورنتي «ظهر مصطلح مسؤولية الحماية (R2P) في بداية الألفية لتبرير استخدام القوة خارج تفويض المجلس اعتمادا على مبدأ اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2005 ينص على أن الدول تتحمل مسؤولية حماية سكانها من الجرائم ضد الإنسانية، وأنه على المجتمع الدولي مسؤولية استخدام الوسائل السلمية لحماية حياة السكان المهددة إذا فشلت الدولة بشكل واضح في تحمل مسؤوليتها.. لذا ينبغي اتخاذ تدابير بموجب الفصل السابع».
ويقول «دعاة هذا المبدأ ينتقدون المجلس ويقولون إن الفيتو يعطي حقا لا مبرر له لخدمة المصالح السياسية للدول الخمس دائمة العضوية، مما يؤدي إلى التراخي في مواجهة الفظائع الجماعية، كما أن الدول الساعية لعضوية دائمة في المجلس (مثل البرازيل والهند وألمانيا) لديها وجهات نظر مختلفة حول التدخل وتسعى لخدمة مصالحها الخاصة». ويشير لورنتي إلى تجارب لفشل مجلس الأمن في اتخاذ قرارات في الأزمات مثل رواندا عام 1994، حيث كانت الولايات المتحدة من بين القوى التي حالت دون أن تقوم الأمم المتحدة باستجابة فورية في رواندا، مما أدى إلى مقتل 800 ألف شخص في الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد قبائل التوتسي، كما لحقت بالأمم المتحدة هزائم «مذلة» في منطقة البلقان حيث استخدمت قوات حفظ السلام كدروع بشرية في حصار سراييفو، وفشل مجلس الأمن في حماية المدنيين. لكن لورنتي يؤكد رغم تلك الإخفاقات أن سجل الأمم المتحدة في مجال بعثات حفظ السلام لا يزال قويا نسبيا.
ويشدد المحللون على أن السبب الثاني وراء إخفاق مجلس الأمن الدولي هو نظام حق النقض أو ما يعرف بحق الفيتو باعتباره أمرا يتعارض تماما مع مبدأ الديمقراطية، حيث تستطيع أي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية الاعتراض على أي قرار دون إبداء أسباب، حتى لو كانت جميع دول العالم تؤيد هذا القرار. أما الدول العشر غير دائمة العضوية فواقع الأمر أنها «لا حول لها ولا قوة»، أي أنها لا تستطيع أن تفرض قرارا ولا تستطيع منع أي قرار.
يقول ريتشارد بتلر، المتخصص في الشؤون الدولية بجامعة ولاية بنسلفانيا، إنه منذ بداية عمل مجلس الأمن تم استخدام حق الفيتو 269 مرة، حيث استخدمه الاتحاد السوفياتي - روسيا الاتحادية 128 مرة، واستخدمته الولايات المتحدة 89 مرة، واستخدمته المملكة المتحدة 32 مرة، وفرنسا 18 مرة، والصين 9 مرات. ويضيف بتلر أن استخدام حق الفيتو من قبل روسيا والولايات المتحدة كان كبيرا خلال فترة الحرب الباردة. فالمادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بتكوين مجلس الأمن، والتي تم تعديلها في 23 أغسطس (آب) 1965، هذا التعديل فيها وسع العضوية إلى 15 عضوا وأعطى صلاحيات فريدة من نوعها للدول دائمة العضوية، حيث يعطي ميثاق الأمم المتحدة سلطة قانونية لمجلس الأمن على حكومات الدول الأعضاء، وتعتبر قراراته ملزمة للدول الأعضاء (المادة الرابعة من الميثاق).
ويواصل «ينص الميثاق على مجموعة متناقضة من المعايير، فهو من ناحية يشير إلى فكرة المساواة بين الدول الأعضاء، والالتزام بالغرض المشترك وهو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، وضمان حقوق الإنسان. ومن ناحية أخرى، أعطى الميثاق امتيازات مثيرة للدهشة للأعضاء الدائمين بما يمكنهم من لعب دور المهمين».
ولفظ «فيتو» لم يرد في ميثاق الأمم المتحدة، بل ورد لفظ «حق الاعتراض»، وهو في واقع الأمر «حق إجهاض لأي قرار يجتمع عليه معظم الأعضاء في المجلس، إذ يكفي اعتراض أي دولة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ليتم رفض القرار وعدم تمريره نهائيا حتى وإن كان مقبولا للدول الأربع عشرة الأخرى. ووفقا للمحللين السياسيين، يمثل حق النقض نقطة خلافية حساسة للكثير، لأنه يضع الكثير من السلطة في أيدي عدد قليل من الدول. وقد أعطت الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف العام مثالا حيا لقدرة «حق النقض» على منع التحرك الدولي لمعالجة مشكلة باتت تشكل جريمة إنسانية.
وتشدد مندوبة أستراليا لدى الأمم المتحدة فيليبا كينغ على أنها تؤيد اقتراح فرنسا لإصلاح حق النقض. وتقول «بالنظر إلى تعامل مجلس الأمن مع الأزمة السورية فإننا نؤيد اقتراح فرنسا بأن يتنازل الأعضاء الدائمون عن حق النقض طواعية في حالات الجرائم والفظائع الجماعية، وهو اقتراح له ما يبرره ويستحق مزيدا من الدراسة». وقد أيدت نيوزيلندا وآيرلندا والمكسيك هذا الاقتراح، لكن البعض دعا إلى إلغاء حق النقض بشكل كامل. ويقول نائب مندوب جنوب أفريقيا لدى الأمم المتحدة الدكتور ماشاباني إن النظام الحالي غير ديمقراطي، ويمثل نوعا من النفاق، لأن المفارقة أن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم قادة العالم الحر، وحصون الديمقراطية، هم أنفسهم يجلسون مرتاحين في بيئة غير ديمقراطية داخل مجلس الأمن. والنظام الحالي لا يخدم سوى الأجندات السياسية الخاصة لتلك الدول، ويبقي مواطني العالم رهينة للمصالح السياسية للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن».
ويطرح المنادون بالإصلاح في ما يتعلق بحق الفيتو ثلاثة اتجاهات، الأول يطالب بإلغاء حق الفيتو كلية، والثاني يرى ضرورة الإبقاء عليه للأعضاء الدائمين وعدم منحه للأعضاء الجدد إذا جرت توسعة نطاق العضوية ودخول أعضاء جدد لمجلس الأمن. أما الاتجاه الثالث فيرى ضرورة الإبقاء على حق الفيتو، لكن مع تقييد حق استخدامه وتعديل المعايير ووضع ضوابط وشروط تقنن قدرة أي دولة على استخدامه لتلافي ظاهرة سوء استخدامه أو الإسراف فيه.
في المقابل، كتب ألكسندر ياكوفينكو، السفير الروسي لدى بريطانيا ونائب وزير الخارجية الروسية (من 2005 إلى 2011)، مقالا بموقع «روسيا اليوم» الشهر الماضي، هاجم فيه أي محاولات لتغيير نظام الفيتو داخل مجلس الأمن مطالبا بأفكار تهدف لتعزيز قدرة المجلس على الاستجابة السريعة، وليس أفكارا تؤثر على امتيازات وصلاحيات الأعضاء الدائمين الحاليين في المجلس. وقال ياكوفينكو «أي أفكار تؤثر على امتيازات الدول دائمة العضوية هي أفكار غير مقبولة، لأن هذه الامتيازات هي انعكاس للمساهمة التاريخية التي قدمتها الدول الخمس لتجعل من الأمم المتحدة حقيقة ملموسة. والي جانب ذلك فإن الفيتو هو أحد العوامل المهمة التي تحفز أعضاء مجلس الأمن للسعي لاتخاذ قرارات متوازنة. وسيكون من الخطأ تاريخيا وسياسيا التعدي على هذا الحق الذي تم اعتماده للتغلب على صدور قرارات من جانب واحد، وسيكون ذلك تخريبا للأمم المتحدة». وأضاف ياكوفينكو «مسألة إصلاح مجلس الأمن لا يمكن معالجتها ببساطة عن طريق الرياضيات، وإجراء تصويت على مشروع إصلاح والحصول على أصوات ثلثي الجمعية العامة (عدد الدول الأعضاء بها يبلغ 192 عضوا)، ونحن نؤيد إصلاحا يحظى بأوسع دعم ممكن من الدول بأغلبية أكبر بكثير من الثلثين، أي أننا بحاجة لاتفاق عام، ونحن على استعداد للنظر في كل الخيارات شرط أن تكون أفكارا معقولة تقوم على التوافق ودعم جماعي داخل الأمم المتحدة».
وتقول الباحثة سونيا روثويل إنه رغم الضغوط لإصلاح الطريقة التي يعمل بها مجلس الأمن فإنه من غير المرجح أن يحدث تغيير، فالانتقادات الأساسية كما تقول الباحثة ترتكز في الافتقار لتمثيل من أفريقيا وأميركيا اللاتينية بين مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهو ما لا يعطي بذلك مجالا لقوى صاعدة وقوية اقتصاديا مثل الهند وألمانيا، وهو ما يعني أن تكوين مجلس الأمن يعكس النظام الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية والذي عفا عليه الزمن لكنه لا يزال قويا.
* خطط كثيرة للإصلاح
* في عام 2004 وبناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة وقتها كوفي أنان، قدم فريق من 16 عضوا خطة لإصلاح مجلس الأمن، وقدم خيارين الأول هو إضافة ستة أعضاء دائمين جدد من دون أن يكون لهم حق الفيتو، مع إضافة ثلاثة مقاعد غير دائمة أخرى. والخيار الثاني هو إضافة ثمانية مقاعد قابلة للتجديد مرة كل أربع سنوات، وأيضا ليس لها حق النقض، وإضافة مقعد واحد غير دائم العضوية. خطة أخرى قدمتها مجموعة «متحدون من أجل التوافق»، والتي تشمل إيطاليا وإسبانيا وتركيا وكوريا الجنوبية والمكسيك والأرجنتين، عام 2005، واقترحت التوسع في العضوية غير الدائمة مع الإبقاء على الدول دائمة العضوية بوضعها الحالي، ويتم انتخاب الأعضاء الإضافيين من قبل الجمعية العامة، ـخذا في الاعتبار معيار مدى مساهمتهم في ميزانية مهمات حفظ الأمن والسلم وأيضا التوزيع الجغرافي العادل.
وتهدف الخطة إلى إتاحة مقاعد لست دول من أفريقيا وخمس من آسيا وأربع من أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وثلاث من أوروبا الغربية واثنتين من أوروبا الشرقية، وانتخاب الدول غير الدائمة لمدة سنتين من قبل مناطقها بما يوفر إمكانية فورية لإعادة انتخابها وبناء الثقة وتوفير توازن عادل إقليميا وعالميا.
ورغم ما قدمته تلك الوثيقة من إصلاح معقول فإن الاتحاد الأفريقي اعترض على مبدأ عدم الحصول على حق النقض، وطالب بمنحه لجمع الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن.
ويستلزم إجراء أي تغيير وجود إرادة سياسية من القوى الكبرى في مجلس الأمن، وهي أكبر عقبة تحول دون تحقيق أي أفكار أو خطط لها علاقة بإصلاح الأمم المتحدة.
وخلال العقود الماضية طرحت عدة سيناريوهات وأفكار لإصلاح مجلس الأمن، تركز معظمها على تغيير تركيبة العضوية وطريقة التصويت، وطرحت أفكار تتعلق بالتمثيل القاري بحيث يكون لكل قارة صوت داخل مجلس الأمن، وأن يتم اتخاذ القرارات بالأغلبية، وأن يتم إلغاء حق النقض أو الفيتو نهائيا.
وخرجت أصوات أخرى تبحث عن حلول أخرى، وتنادي بإنشاء منظمة دولية جديدة تشترك فيها قارات أفريقيا وأستراليا، ودول أميركا اللاتينية والدول الآسيوية والعربية والأوروبية الناقمة على الأوضاع الحالية في منظمة الأمم المتحدة، وأن تكون لتلك المنظمة الجديدة ميزانيتها الخاصة وقوة عسكرية خاصة قادرة على تنفيذ القرارات التي تصدرها بشكل حاسم.
وتنادي أصوات إصلاحية أخرى بتقوية منظمات مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية لتصبح كيانات قوية بما يمكنها من القيام بدور أكبر في مهام حفظ السلام والأمن الذي تقوم به الأمم المتحدة، فإذا رأت دولة أنها لم يتم تناول مظالمها في نيويورك أو جنيف فيمكنها التفكير في الحصول على العدالة من منظمات إقليمية بما يشكل ضغطا على مجلس الأمن.
* إحصاءات وحقائق
* وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة لعام 2013 فإن أكبر 15 دولة من المساهمين في ميزانية الأمم المتحدة هي بالترتيب: الولايات المتحدة التي تسهم بنسبة 22 في المائة من ميزانية المنظمة الدولية، تليها اليابان بنسبة 10.9 في المائة، ثم ألمانيا بنسبة 7.1 في المائة، ثم فرنسا بنسبة 5.5 في المائة، ثم المملكة المتحدة بنسبة 5.2 في المائة، ثم الصين بنسبة 5.1 في المائة، ثم إيطاليا 4.4 في المائة، ثم إسبانيا 2.9 في المائة، ثم البرازيل 2.9 في المائة، ثم روسيا 2.4 في المائة، ثم أستراليا 2.07 في المائة، ثم كوريا الجنوبية 1.9 في المائة، ثم المكسيك بنسبة 1.8 في المائة، وأخيرا هولندا بنسبة 1.6 في المائة. أما بقية الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة فيبلغ إجمالي مساهمتها 20.7 في المائة. وبلغت ميزانية الأمم المتحدة لعام 2013/2012 مبلغ 5.512 مليار دولار.



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».