أحزاب التحالف الحكومي المغربي تتعهد بضمان نزاهة الانتخابات المقبلة

بعد تهديد المعارضة بمقاطعتها وشكها في شفافيتها

أحزاب التحالف الحكومي المغربي  تتعهد بضمان نزاهة الانتخابات المقبلة
TT

أحزاب التحالف الحكومي المغربي تتعهد بضمان نزاهة الانتخابات المقبلة

أحزاب التحالف الحكومي المغربي  تتعهد بضمان نزاهة الانتخابات المقبلة

عقد قادة أحزاب الأغلبية الحكومية في المغرب، بمقر رئاسة الحكومة في الرباط مساء أول من أمس، اجتماعهم الثاني خلال الشهر الجاري، وخصص للتنسيق في المواقف بصدد الانتخابات المحلية المنتظر إجراؤها أواسط السنة المقبلة وفق الأجندة التي سبق وأعلن عنها رئيس الحكومة.
وذكرت مصادر «الشرق الأوسط» أن الاجتماع الذي حضره عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية متزعم التحالف، وصلاح الدين مزوار، الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، ومحند لعنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، ونبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فشل في التوصل لتبني مذكرة مشتركة توحد موقفهم من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لكن الأطراف المجتمعة قررت مواصلة مشاوراتها بشأن الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، لا سيما المتعلقة بتعزيز ضمانات النزاهة والشفافية لهذه الانتخابات التي ستجري منتصف العام المقبل، وسط تجاذب كبير بين مكونات الغالبية والمعارضة بشأن القوانين التي ستؤطر الانتخابات، خاصة أنها ستجرى للمرة الأولى تحت الإشراف السياسي لرئاسة الحكومة، فيما ستتولى وزارة الداخلية عمليات الإشراف التقني.
وأعلن بنعبد الله أن أطراف التحالف ستتقدم إلى وزير الداخلية بمذكرات منفردة، وقال إن ذلك «لا يمس بالتجانس الحكومي ما دام أن المشاورات تجري ضمن مرحلة المفاوضات»، مؤكدا أن التحالف سينسق مواقفه من القوانين الانتخابية خلال مرحلة الحسم التي ستجري أطوارها في البرلمان خلال السنة التشريعية المقبلة.
في غضون ذلك، أكد مصدر مطلع أن الفترة الدستورية المتبقية للحكومة ستعرف هيمنة الإعداد القانوني واللوجيستيكي للانتخابات المقبلة، فضلا عن استحواذ قانون الموازنة على دورتين تشريعيتين من الدورات الأربع المتبقية. وهذا التحدي التشريعي هو ما دفع قادة تحالف الغالبية إلى إعادة تحيين ترتيب البرنامج الحكومي، خصوصا فيما يتعلق بالإصلاحات الاجتماعية، التي يتربع على رأسها إصلاح نظام المعاشات، وكذلك الترسانة القانونية المرتبطة بتنزيل الدستور، الذي يضع على عاتق الحكومة والبرلمان مسؤولية وضع كل القوانين التنظيمية قبل انتهاء الولاية التشريعية الحالية.
وتقدمت أحزاب الغالبية، وهي العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، بمقترحات بشأن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وتعهدت خلال اجتماعها «بتعزيز ضمانات النزاهة والشفافية والعدالة في الانتخابات لترسيخ الممارسة السليمة للديمقراطية، والرفع من فعالية المؤسسات المنتخبة، وتعزيز مصداقية مسار الإصلاح الذي انخرطت فيه البلاد».
وسيعرف المغرب، بدءا من يونيو (حزيران) المقبل، تنظيم انتخابات ممثلي المأجورين (العمال)، تليها الانتخابات الجماعية (البلدية)، فانتخابات الغرف المهنية، وانتخابات مجالس العمالات والأقاليم (المحافظات)، وصولا إلى انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).
وكانت الحكومة المغربية قد بدأت مشاوراتها مع الأحزاب السياسية بشأن القوانين المؤطرة لهذه الانتخابات في 19 يونيو الماضي، وهي مشاورات لن تكون يسيرة، لا سيما أن أحزاب المعارضة (الاستقلال، الأصالة والمعاصرة، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري) قررت توحيد مواقفها بخصوص كل القوانين المتعلقة بالانتخابات، وأعلنت رفضها القانون التنظيمي للجهوية، الذي أعدته الحكومة وطالبتها بإعادة صياغته. كما هددت بمقاطعة الانتخابات إذا لم تتوفر الشروط لنزاهتها وشفافيتها، منتقدة ما وصفته بالتدبير الحكومي المرتجل لها، والتأخير في الإعلان عن موعدها، رغم أن الإعلان عن الجدولة الزمنية لإجراء هذه الانتخابات جرى قبل عام من موعدها.
يذكر أن حزب العدالة والتنمية تخلى عن مطلبه إحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات، وأيد إشراف رئاسة الحكومة عليها من أجل إجراء انتخابات «غير مطعون في نزاهتها». ومن المرتقب عرض مشاريع القوانين الانتخابية على مجلس الحكومة ومجلس الوزراء في سبتمبر (أيلول) المقبل، قبل أن تحال على البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، ليجري بعد ذلك اعتماد القوانين التنظيمية، بعد المصادقة عليها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.