تقرير إسرائيلي يكشف انزعاج الجيش من فشل الحكومة في مصالحة روسيا

استمرار الأزمة يضيق على إسرائيل مكافحة الوجود الإيراني في سوريا

TT

تقرير إسرائيلي يكشف انزعاج الجيش من فشل الحكومة في مصالحة روسيا

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن القيادة العسكرية الإسرائيلية تبدي قلقاً من فشل القيادة السياسية في تسوية الأزمة القائمة مع روسيا في الشهرين الفائتين، منذ سقوط طائرة التجسس «إيل - 20» في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي. وتقول إن استمرار هذه الأزمة يتسبب في تناقض مصالح مع روسيا، وبات يضيق على إسرائيل في خياراتها القتالية ضد الوجود الإيراني في سوريا، وحتى ضد نشاط «حزب الله» في لبنان.
وأضافت المصادر أن هذه الأزمة باتت تؤثر حتى على الوضع في الجبهة الجنوبية مع «حماس» و«الجهاد»، مؤكدة أن أحد أهم أسباب التحمس الإسرائيلي للتنازل في التعاطي مع تطورات الأحداث في قطاع غزة، والسعي إلى إبرام اتفاق تهدئة مع «حماس»، يعود إلى المخاوف بشأن الوضع عند الحدود الشمالية.
وقال مسؤول مطلع، أمس (الأحد)، إن «المشكلة الأساسية التي تواجهها إسرائيل في سوريا تكمن في تضييق مساحة الخيارات في العمليات المتاحة لديها اليوم، بعدما كانت خلال السنوات السبع الماضية تتصرف بمنتهى الحرية، وتنفذ هجمات سرية وعلنية فيها. فقد نفذ الجيش وأذرعه، وكذلك الموساد (المخابرات الخارجية)، مئات الغارات والعمليات الخاصة لمنع طهران من إمداد (حزب الله) بالأسلحة، ومن بناء مصانع لتطوير وتحديث الصواريخ في سوريا ولبنان، ومجابهة التموضع الإيراني المباشر في سوريا، خصوصاً في المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، لكن قواعد اللعبة تغيرت بشكل واضح جداً مع استعادة قوات نظام الأسد نفوذها في البلاد، بمساعدة روسيا وإيران، ومع التشدد الروسي في التعامل مع إسرائيل، لا سيما بعد مقتل 15 من ضباط استخباراتها جراء إسقاط الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ طائرة (إيل - 20) الروسية في أثناء غارات إسرائيلية على محافظة اللاذقية قبل شهرين».
وأكدت المصادر أن إسرائيل نفذت فقط غارتين جويتين على سوريا بعد تلك الحادثة، بتنسيق مع القوات الروسية. وفي كل مرة، كان الروس يبدون تبرمهم من هذا النوع من العمليات.
والمعروف أن حكومة بنيامين نتنياهو فشلت حتى الآن في تسوية الخلافات مع موسكو. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين صد مطالب نتنياهو للقائه على الأراضي الروسية طيلة الشهرين الفائتين. وعندما وافق على لقاء نتنياهو في باريس، الأسبوع الماضي، خلال حفل عشاء ضمن الاحتفالات بذكرى مائة سنة على الحرب العالمية الأولى، أصر على أن يكون اللقاء قصيراً (ربع ساعة) ومقتضباً، وذلك بعد جهود إسرائيلية وأميركية كثيرة مع موسكو. ومع أن نتنياهو اعتبره لقاءً مهماً ومفيداً، فإن بوتين اعتبره لقاءً عابراً، مؤكداً أنه من غير المرجح أن يلتقي معه مرة أخرى في المستقبل المنظور.
وتبين من تقرير داخلي في المؤسسة الأمنية في تل أبيب أن «روسيا أوضحت لإسرائيل بطرق مختلفة أن الوضع الذي كان قائماً في السابق قد انتهى، لأن عمليات تل أبيب في سوريا تضر بمشروع موسكو الأساسي في المنطقة، أي استعادة الحكومة السورية سيطرتها على معظم أراضي البلاد، لضمان مصالح روسيا الاقتصادية والأمنية في سوريا. وهي تستغل حادثة الطائرة بكل قسوة لتحقيق أهدافها». وأكد التقرير أن الجانب الروسي بدأ يستخدم لهجة صارمة، تتسم بعض الأحيان بفظاظة، في اتصالات التنسيق مع العسكريين الإسرائيليين عبر ما يسمى «الخط الساخن»، الخاص بمنع وقوع الحوادث في سوريا، بين الطرفين. ليس هذا فحسب، بل إن الطيران الروسي يقوم بطلعات في الأجواء السورية بشكل نشط ومكثف أكثر من ذي قبل،



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.