رياح الانتخابات المبكرة تهبّ على إسرائيل رغم جهود نتنياهو

TT

رياح الانتخابات المبكرة تهبّ على إسرائيل رغم جهود نتنياهو

هبت رياح الانتخابات المبكرة على إسرائيل أمس، رغم محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تأجيل هذه الانتخابات أو في أسوأ احتمال تأجيل حل الحكومة الحالية.
ومع إصرار حزب «البيت اليهودي» على الانسحاب من الائتلاف الحكومي بسبب رفض نتنياهو تسليم زعيمه نفتالي بينيت منصب وزير الدفاع خلفا للوزير المستقيل أفيغدور ليبرمان، ورفض أحزاب أخرى الاستمرار في الحكومة الحالية، يبدو تقويض الحكومة مسألة وقت فقط.
وكان بينيت أصر على تسلم حقيبة الدفاع، لكن نتنياهو أبلغه عزمه على الاحتفاظ بهذه الحقيبة «في ضوء التحديات الحاسمة التي تواجه دولة إسرائيل حاليًا». وعقد نتنياهو خلال اليومين الماضيين سلسلة لقاءات عسكرية وأمنية بصفته وزيرا للدفاع.
ووفقا للقناة العبرية العاشرة، فإن نتنياهو عقد اجتماعين مع رئيس الأركان غادي آيزنكوت الذي يتوقع أن يمدد فترة ولايته، كما عقد اجتماعا مع قائد المنطقة الجنوبية هرتسي هيلفي لبحث التطورات على جبهة غزة بعد التصعيد الأخير.
وإضافة إلى موقف بينيت وحزبه، تصر أحزاب أخرى على الانتخابات المبكرة بسبب استحالة الاستمرار في الحكومة الحالية.
لكن نتنياهو يبذل جهودا كبيرة ويستخدم كل الوسائل الممكنة من أجل تجنب هذا الخيار. وقال إنه سيواصل محاولة الحفاظ على الائتلاف اليميني. مشددا على «أهمية بذل كل جهد للحفاظ على الحكومة اليمينية وعدم تكرار الخطأ التاريخي عام 1992 عندما تم إسقاط الحكومة اليمينية، وجاء اليسار إلى السلطة وجلب كارثة أوسلو على دولة إسرائيل».
ومع استخدام نتنياهو شعارات يمينية في محاولة لإقناع المتشددين البقاء، أجرى كذلك محادثات مع قادة الائتلاف، مشدداً أنه «ليس هناك ما يستدعي التوجه للانتخابات».
وحاول نتنياهو عقد صفقة مع بينيت، لمتابعة عمل الحكومة في ظل الوضع السياسي الحالي الذي يتضمن أغلبية ضعيفة، لكنه قوبل برفض حازم من بينيت إذا لم يتسلم حقيبة الدفاع، وهو موقف عززه وزراء آخرون.
ورفض وزير المالية، موشيه كحلون ووزير الداخلية، أريه درعي استمرار الحكومة في العمل في ظل الظروف الحالية.
وقال كحلون بأنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في ظل الأوضاع الراهنة ويجب تشكيل حكومة جديدة.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية بأن كل الاقتراحات تشير إلى أنه لا مفر من إجراء الانتخابات. وأحد التواريخ التي يجري البحث فيها هو 26 مارس (آذار) 2019 وهو موعد يوافق عليه معظم أعضاء الائتلاف.
وقال مصدر في «البيت اليهودي» بأنه «أصبح من الواضح أنه في ضوء الموقف الحازم لرئيس حزب كولانو، الوزير كحلون (الذي دعا إلى إجراء انتخابات مبكرة)، كانت هناك حاجة للذهاب إلى الانتخابات في أقرب وقت ممكن دون أي إمكانية لاستمرار الحكومة الحالية. يوم الأحد، سيتم تنسيق موعد الانتخابات بين رؤساء أحزاب الائتلاف» وأضاف: «في الحقيقة أن طلب بينيت من نتنياهو الاحتفاظ بملف الأمن بعد استقالة أفيغدور ليبرمان من منصبه كان إنذارا نهائيا للبقاء في الحكومة».
وأكدت الوزيرة أييلت شاكيد من «البيت اليهودي» في سياق كلمة ألقتها أمام الغرفة التجارية والصناعية في تل أبيب ضرورة إجراء الانتخابات المبكرة في غضون ثلاثة أشهر لا أكثر لتجنب المساس بالاقتصاد والأمن والتلاسن الناري قدر الإمكان.
ولن تحتمل حكومة نتنياهو الآن أي انسحاب آخر بعد ليبرمان. وكان ليبرمان الذي استقال من منصبه، سحب كذلك حزبه «إسرائيل بيتنا» من الائتلاف، مبقيا الحكومة الحالية بأغلبية ضئيلة، مع 61 مقعدا فقط من أصل 120 مقعدا في الكنيست.
ومع عدم وجود «البيت اليهودي»، فإن الائتلاف الحاكم سوف ينخفض من 61 مقعدًا إلى 53 مقعدا فقط.
ونظريا يمكن لنتنياهو أن يجلب حزبا آخر إلى الائتلاف بدلا من البيت اليهودي، لكن جميع أحزاب المعارضة أعلنت عن عزمها خوض الانتخابات ضده، وإمكانية انضمامها هو أمر مستبعد إلى حد كبير.
وأقر رئيس الائتلاف الحكومي ديفيد أمسالم أنه سيكون من الصعب جدا إدارة ائتلاف يضم 61 نائبا، ولكنه لا يجب الذهاب إلى انتخابات طالما هناك مهام تنتظر التطبيق.
وأعرب أمسالم في حديث إذاعي عن معارضته لإسناد حقيبة الدفاع إلى رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، متهما إياه بأنه أحدث الأزمة مع ليبرمان. وقال أمسالم عن بينيت بأن «تصرفه لم يكن إنسانيا وأن الأصدقاء لا يتعاملون مع بعضهم البعض بهذه الطريقة».
ويبدو أن نتنياهو يحاول على الأقل الآن الحفاظ على الحكومة الحالية وإرجاء حل الكنيست لمدة شهر ونصف على الأقل، حتى لو تم تبكير موعد الانتخابات إلى نهاية مارس المقبل أو أوائل أبريل (نيسان) 2019.
ويريد نتنياهو تعيين الرئيس الجديد لهيئة أركان الجيش وكذلك المفتش العام للشرطة، لكن ذلك لن يتحقق إذا تم حل الكنيست، لأن الحكومة سوف تصبح حكومة انتقالية ولن تكون قادرة على الموافقة على التعيينات.
ويسعى نتنياهو إلى تعيين اللواء أفيف كوخافي رئيسا للأركان وتعيين ضابط الشرطة المتقاعد موشيه إدري مفتشا عاما للشرطة.
وتنتهي ولاية المفتش العام الحالي للشرطة في 3 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويريد نتنياهو الحصول على ما يكفي من الوقت في حالة استبعاد تعيين إدري واضطراره إلى طرح مرشح آخر.
إضافة إلى ذلك، يسود في الائتلاف اعتقاد بأن نتنياهو يريد خوض محاولة أخرى لخفض نسبة الحسم لتخطي التمثيل البرلماني في الكنيست قبل الانتخابات القادمة. ومع ذلك، لم يطرح نتنياهو مثل هذا المطلب في حواراته مع قادة الائتلاف.
ويعارض وزير الداخلية أرييه درعي الذي يرأس حزب «شاس»، خفض نسبة الحسم، خشية أن يحاول سلفه ايلي يشاي، أن ينافسه بطرح قائمة انتخابية مستقلة، رغم أنه وفقا لعدد الأصوات التي حظي بها يشاي في الانتخابات السابقة، فإن نسبة النصف في المائة المتوقع خفضها من نسبة الحسم، لن تساعده على اجتياز أعتاب الكنيست. كما يعارض نائب الوزير يعقوب ليتسمان تخفيض نسبة الحسم خشية أن ينسحب حزب «ديغل هتوراه» من «يهدوت هتوراه»، ويشكل قائمة مستقلة.
وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو سيبقى مهيمنا على الأرجح بعد أي انتخابات برلمانية.
لكن نتنياهو يخضع للتحقيق بتهم فساد، وهو يتولى حاليا رئاسة الوزراء لفترة رابعة. ويقول معلقون إنه قد يوافق على إجراء انتخابات مبكرة لنيل تفويض جديد قبل أن يقرر النائب العام ما إذا كان سيوجه إليه اتهامات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.