أنقرة تطالب واشنطن بوقف دعم «الوحدات» الكردية

TT

أنقرة تطالب واشنطن بوقف دعم «الوحدات» الكردية

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الأميركي دونالد ترمب بأن أنقرة تنتظر من الولايات المتحدة وقف دعمها لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبرها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنف من جانب البلدين كمنظمة إرهابية. وقالت مصادر في الرئاسة التركية، أمس، إن إردوغان بحث مع ترمب، في اتصال هاتفي ليل الجمعة - السبت، أهمية التعاون الوثيق بين تركيا والولايات المتحدة بخصوص مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية.
وأضافت المصادر أن الرئيسين عبرا عن ترحيبهما ببدء تسيير دوريات عسكرية مشتركة، في إطار خريطة الطريق في منبج السورية، وتناولا مسألة استكمال العملية بأقرب وقت.
وسيرت تركيا والولايات المتحدة، الخميس الماضي، الدورية الثالثة المشتركة في منبج، في إطار اتفاق خريطة الطريق الموقع بين البلدين في 4 يونيو (حزيران) الماضي، الذي يقضي بإخراج مسلحي «الوحدات» الكردية من منبج، والإشراف المشترك على تحقيق الأمن والاستقرار فيها، حتى تشكيل مجلس محلي لإدارة شؤونها.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن بلاده لا يمكنها أن تقبل إمداد الولايات المتحدة «وحدات حماية الشعب» الكردية بالسلاح والذخيرة.
وأضاف أكار، خلال لقائه عدداً من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي عقب الجلسة الأولى من «منتدى هاليفاكس للأمن» في كندا مساء أول من أمس: «ننتظر من الولايات المتحدة أن تقطع تعاونها مع (وحدات حماية الشعب) الكردية (الإرهابية) كما وعدت»، وأعاد التأكيد على أن تركيا لن تسمح بتشكيل «ممر إرهابي» على حدودها الجنوبية.
كانت واشنطن قد بدأت تسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهي المكوّن الرئيسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بهدف مكافحة تنظيم داعش، وواصلت ذلك في عهد ترمب.
وانتقد أكار، بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام التركية أمس، انتشار صور لجنود أميركيين مع مقاتلين تابعين لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي)، وقال: «ننتظر من أميركا التوقف عن التنسيق مع حزب الاتحاد الديمقراطي، كما تعهدت لنا»،
وأضاف: «هذه الصور تزعجنا، كما أنها تشوه صورة الجيش الأميركي في أوساط الشعب التركي».
وتابع أنه «رغم تعطيل تحركات (داعش) إلى حد بعيد، فإن الأميركيين مستمرون في تزويد حزب الاتحاد الديمقراطي بالسلاح والعتاد، وهذا مرفوض، ولن نقبل بوجود ممر للإرهاب بالقرب من حدودنا».
كان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، قد نفي، أول من أمس، أن تكون بلاده قد قدمت أسلحة ثقيلة إلى «قسد»، قائلاً إنه يرى أنه يتعين على بلاده العمل فيما يتعلق بالشأن السوري مع تركيا و«قسد» في آن واحد، وأشار إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» شريك محلي لبلاده في سوريا، وأن بلاده لا تعتبره تنظيماً إرهابياً، مشيراً إلى أن هذه القضية تشكل قلقاً كبيراً بالنسبة للأتراك.
ولفت إلى أن «تركيا تشارك الولايات المتحدة في أولويات إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، وإخراج إيران والميليشيات التابعة لها من سوريا، وإطلاق مرحلة السلام في هذا البلد، غير أن الأتراك غير واثقين من أن سبب تواجدنا شمال شرقي سوريا هو هذا الأمر، وكنا قد شرحنا لهم أن هذا التعاون الأميركي مع (قسد) مؤقت، لكننا لم نفلح في إقناعهم، وهذا ما يتسبب في حدوث توتر بالحدود بينهم وبين (قسد)».
واعتبر جيفري أن سحب عناصر «الوحدات» الكردية إلى شرق الفرات في سوريا خطوة ستطمئن تركيا، مشدداً على أن الولايات المتحدة لم تقدم أسلحة ثقيلة لمسلحي «قوات سوريا الديمقراطية»، على خلاف ما قدمته لبقية المجموعات.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.