عشرات القتلى شرق سوريا في غارات للتحالف

TT

عشرات القتلى شرق سوريا في غارات للتحالف

قُتل 43 شخصاً غالبيتهم مدنيون من أفراد عائلات مقاتلي تنظيم داعش، جراء غارات نفّذها التحالف الدولي بقيادة أميركية، أمس (السبت)، على آخر جيب تحت سيطرة المتطرفين في محافظة دير الزور في شرق سوريا.
ومنذ أسابيع، يتعرّض هذا الجيب المؤلَّف من بلدات وقرى عدة لغارات مستمرّة ينفذها التحالف دعماً لهجوم تقوده قوات سوريا الديمقراطية المؤلَّفة من فصائل كردية وعربية ضد التنظيم في المنطقة.
وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، بمقتل «36 مدنياً بينهم 17 طفلاً و12 امرأة من عائلات التنظيم في غارات للتحالف استهدفت، فجر السبت، قرية أبو الحسن» الواقعة قرب بلدة هجين في دير الزور. كما قُتل سبعة آخرون جراء هذه الضربات، ولم يتمكن المرصد من تحديد ما «إذا كانوا مدنيين أم متطرفين».
وقال عبد الرحمن: «إنها حصيلة القتلى الأكبر جراء غارات للتحالف، منذ بدء قوات سوريا الديمقراطية هجومها» في المنطقة في 10 سبتمبر (أيلول).
وكثف التحالف منذ مطلع الشهر الحالي وتيرة استهدافه لهذا الجيب، ما تسبب في مقتل العشرات من أفراد عائلات التنظيم. وقُتل 38 شخصاً على الأقل بينهم 32 مدنياً، الثلاثاء الماضي، جراء ضربات مماثلة استهدفت بلدة الشعفة.
ومنذ بدء الهجوم، أحصى المرصد السوري مقتل 234 مدنياً بينهم 82 طفلاً جراء ضربات التحالف، الذي غالباً ما ينفي تعمّد استهداف مدنيين في ضرباته ضد الجهاديين.
وشدد المتحدث الإعلامي باسم التحالف، الكولونيل شون راين، لوكالة الصحافة الفرنسية، على أن «تفادي وقوع خسائر بشرية يشكّل أولويتنا القصوى عند توجيه ضربات ضد أهداف عسكرية مشروعة». وأضاف: «يحقق فريقنا في كل الضربات لتحديد مصداقية أي ادعاء» عن سقوط ضحايا «ويأخذها على محمل الجد».
واستأنفت قوات سوريا الديمقراطية، الأحد الماضي، هجومها ضد التنظيم، بعد عشرة أيام من تعليقه، رداً على قصف تركي طال مواقع كردية في شمال البلاد.
ولم تتمكن هذه القوات من تحقيق أي تقدّم بارز منذ بدء عملياتها، بعدما استعاد التنظيم كل المواقع التي تقدّمت إليها منذ سبتمبر.
ويُقدّر التحالف وجود نحو ألفي عنصر من التنظيم في هذا الجيب. ويوضح راين أن المعركة ضد التنظيم «لا تزال معركة صعبة، ويزيد من صعوبتها استخدام التنظيم في أماكن مثل هجين، المدنيين دروعاً بشرية». ويضيف: «يستولون (المتطرفون) على دور العبادة وأماكن أخرى كالمستشفيات ويستخدمونها للتخطيط وكمقرات قيادة».
وغالباً ما يلجأ التنظيم عند حصاره ومع اقتراب المعارك من معاقله إلى استخدام المدنيين دروعاً بشرية في محاولة للحد من الضربات الجوية ضد مواقعه ومقراته.
ونفّذ التحالف في الفترة الممتدة بين الرابع والعاشر من الشهر الحالي 150 ضربة في المنطقة، وفق راين.
وإلى جانب الضربات الجوية والمدفعية التي ينفذها التحالف، تشهد المنطقة في الأسبوع الأخير اشتباكات بين مقاتلي التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية.
وقال القيادي في صفوف هذه القوات ريدور خليل، لوكالة الصحافة الفرنسية: «العمليات مستمرة الآن. وأحرزنا تقدماً ميدانياً خلال الأيام الماضية لكنه تقدم حذر نتيجة حقول الألغام والتحصينات التي أسسها (داعش) من خنادق وأنفاق ومتاريس». واستقدمت قوات سوريا الديمقراطية وفق المرصد نحو 1700 مقاتل من مناطق سيطرتها في اليومين الأخيرين إلى محيط الجيب الأخير للتنظيم، في إطار مساعيها لإنهاء وجود المتطرفين في شرق الفرات.
ومُني التنظيم خلال العامين الماضيين بهزائم متلاحقة في سوريا، ولم يعد يسيطر إلا على جيوب محدودة في أقصى محافظة دير الزور وفي البادية السورية شرق حمص.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في منتصف مارس (آذار) 2011، في مقتل أكثر من 360 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».