نمو عائدات الصادرات غير النفطية يوفر التنوع للاقتصاد الروسي

لم تصل بعد إلى مستوى عدم الاعتماد على النفط مصدراً رئيسياً للدخل

نمو عائدات الصادرات غير النفطية يوفر التنوع للاقتصاد الروسي
TT

نمو عائدات الصادرات غير النفطية يوفر التنوع للاقتصاد الروسي

نمو عائدات الصادرات غير النفطية يوفر التنوع للاقتصاد الروسي

قال «المركز الروسي للصادرات» إن عائدات الصادرات غير النفطية سجَّلت نمواً لافتاً خلال الأشهر الماضية من العام الحالي، ولعبت منتجات المعادن والمواد الغذائية دوراً رئيسياً في هذا النمو.
ومع أن تقارير أخرى أشارت إلى نمو عائدات صادرات النفط والمعادن أكثر من مرتين خلال الفترة ذاتها من العام الحالي، فإن نمو حجم الصادرات غير النفطية للعام الثاني على التوالي يدفع المسؤولين والخبراء الروس للتفاؤل بشأن إمكانية التخفيف من اعتماد الاقتصاد الروسي على العائدات النفطية، وتحقيق الهدف الذي حدده بوتين، حين دعا إلى العمل خلال خمس سنوات على زيادة حجم صادرات القطاعات غير النفطية، التي لا ترتبط بالخامات، وقطاع الطاقة، حتى تصل إلى 250 مليار دولار سنوياً.
في تقرير نشره أخيراً على موقعه الرسمي، قال «المركز الروسي للصادرات» إن عائدات الصادرات غير النفطية التي لا تتصل بالغاز والطاقة بلغت خلال تسعة أشهر من العام الحالي نحو 105.4 مليار دولار، أي بزيادة نحو 15 في المائة عن العائدات خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وبشكل عام نما إجمالي عائدات الصادرات الروسية بنسبة 27.9 في المائة، حتى 325.4 مليار دولار. ومع أن حصة الصادرات غير النفطية زادت حتى 23.4 من إجمالي عائدات الصادرات، فإن الغلبة لا تزال لصالح صادرات المواد الخام، لا سيما النفط الذي كانت حصته 77 في المائة من إجمالي عائدات الصادرات، والمعادن بنسبة 10 في المائة. وتعود زيادة حصة عائدات النفط والمعادن إلى ارتفاع الأسعار في السوق العالمية، وليس بالضرورة نتيجة زيادة حجم الصادرات فقط.
وفي تفصيل نمو الصادرات غير النفطية، يشير تقرير «مركز الصادرات» بالدرجة الأولى إلى نمو صادرات منتجات المعادن بنسبة 29 في المائة، وثانياً نمو صادرات المواد الغذائية بنسبة 27 في المائة، وثالثاً المنتجات الخشبية والورقية بنسبة 24 في المائة، ورابعاً المنتجات الزراعية غير الغذائية بنسبة 22 في المائة، وأخيراً منتجات الصناعات الكمياوية بنسبة 15 في المائة. واستهلكت الصين الحصة الأكبر من إجمالي الصادرات الروسية (النفطية والطاقة، وغير النفطية)، ومن ثم كازاخستان، وبيلاروسيا، والولايات المتحدة، وتركيا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن الهند والصين. بينما احتلَّت بلدان رابطة الدول المستقلة المكانة الأولى بالنسبة للصادرات الروسية غير النفطية، ومعها بعض دول الشرق الأوسط وأفريقيا، فضلاً عن دول أوروبية.
يحيل مراقبون هذا النمو للصادرات غير النفطية، إلى جملة شروط، يصفونها بـ«موسمية ومرحلية غير مستقرة»، منها ارتفاع أسعار المعادن، ما أدى إلى تحسُّن أسعار المنتجات المعدنية، وكذلك ارتفاع أسعار الحبوب خلال الفترة الماضية من العام، فضلاً عن زيادة كميات الحبوب التي صدَّرتها روسيا للأسواق الخارجية. ولذلك يعبِّر هؤلاء عن قناعتهم بأنه من المبكر جداً القول إن الاقتصاد الروسي بدأ يحقق نقلة نوعية نحو «تنويع المصادر» والتخفيف من دور النفط، إلا أن آخرين يرون أن روسيا تمكَّنَت فعلياً من تحقيق تقدُّم في هذا المجال، وينطلقون في وجهة نظرهم هذه بناء على معطيات عرضها البنك المركزي الروسي في شهر مايو (أيار) الماضي، تشير إلى نمو الصادرات غير النفطية وغير المرتبطة بالطاقة بنسبة 22.7 في المائة، حتى 130 مليار دولار خلال عام 2017. وكانت الحصة الأكبر لصادرات المواد الغذائية بنسبة 20 في المائة من إجمالي الصادرات غير النفطية. أما الدول التي تم تصدير تلك المواد لها فهي مصر وتركيا والصين، فضلاً عن دول أوروبية والجمهوريات السوفياتية السابقة. وفي تقريره مطلع صيف العام الحالي أشار «المركزي» إلى أن نمو تلك الصادرات غير كافٍ بعد للتعويض عن تقلُّبات أسعار النفط في السوق العالمية، وعبَّر عن أمله في تسارع وتيرة نمو الصادرات غير النفطية، حتى يتخلص الاقتصاد الروسي من «الإدمان النفطي».
تجدر الإشارة إلى أن روسيا تحاول منذ سنوات تنويع مصادر الاقتصاد الوطني والتخفيف من الاعتماد على «الدولار النفطي»، وبرز هذا الاهتمام أخيراً على نحو متزايد في أهداف السياسة الاقتصادية التي تبناها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويسعى لتحقيقها خلال ولايته الرئاسية الحالية، التي تستمر ست سنوات؛ إذ شدد في خطابه السنوي أمام المجلس الفيدرالي، بعد فوزه في الانتخابات في شهر مارس (آذار) الماضي، على ضرورة زيادة حجم الصادرات غير النفطية خلال خمس سنوات، حتى مستوى 250 مليار دولار سنوياً، وقال إن «هذا مصدر آخر مهم للنمو الاقتصادي».



روسيا تعتزم تحسين تصنيفها العالمي في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)
بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

روسيا تعتزم تحسين تصنيفها العالمي في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)
بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)

قال ألكسندر فيدياخين، نائب الرئيس التنفيذي لأكبر بنك مقرض في روسيا: «سبيربنك»، إن البلاد قادرة على تحسين موقعها في تصنيفات الذكاء الاصطناعي العالمية بحلول عام 2030. على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليها، بفضل المطورين الموهوبين ونماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الخاصة بها.

ويُعدّ «سبيربنك» في طليعة جهود تطوير الذكاء الاصطناعي في روسيا، التي تحتل حالياً المرتبة 31 من بين 83 دولة على مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لشركة «تورتويز ميديا» البريطانية، متأخرة بشكل ملحوظ عن الولايات المتحدة والصين، وكذلك عن بعض أعضاء مجموعة «البريكس»، مثل الهند والبرازيل.

وفي مقابلة مع «رويترز»، قال فيدياخين: «أنا واثق من أن روسيا قادرة على تحسين وضعها الحالي بشكل كبير في التصنيفات الدولية، بحلول عام 2030، من خلال تطوراتها الخاصة والتنظيمات الداعمة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي». وأضاف أن روسيا تتخلف عن الولايات المتحدة والصين بنحو 6 إلى 9 أشهر في هذا المجال، مشيراً إلى أن العقوبات الغربية قد أثَّرت على قدرة البلاد على تعزيز قوتها الحاسوبية.

وأوضح فيدياخين قائلاً: «كانت العقوبات تهدف إلى الحد من قوة الحوسبة في روسيا، لكننا نحاول تعويض هذا النقص بفضل علمائنا ومهندسينا الموهوبين».

وأكد أن روسيا لن تسعى لمنافسة الولايات المتحدة والصين في بناء مراكز بيانات عملاقة، بل ستتركز جهودها على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الذكية، مثل نموذج «ميتا لاما». واعتبر أن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية باللغة الروسية يُعدّ أمراً حيوياً لضمان السيادة التكنولوجية.

وأضاف: «أعتقد أن أي دولة تطمح إلى الاستقلال على الساحة العالمية يجب أن تمتلك نموذجاً لغوياً كبيراً خاصاً بها». وتُعدّ روسيا من بين 10 دول تعمل على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الوطنية الخاصة بها.

وفي 11 ديسمبر (كانون الأول)، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستواصل تطوير الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركائها في مجموعة «البريكس» ودول أخرى، في خطوة تهدف إلى تحدي الهيمنة الأميركية، في واحدة من أكثر التقنيات الواعدة في القرن الحادي والعشرين.

وقال فيدياخين إن الصين، خصوصاً أوروبا، تفقدان ميزتهما في مجال الذكاء الاصطناعي بسبب اللوائح المفرطة، معرباً عن أمله في أن تحافظ الحكومة على لوائح داعمة للذكاء الاصطناعي في المستقبل.

وقال في هذا السياق: «إذا حرمنا علماءنا والشركات الكبرى من الحق في التجربة الآن، فقد يؤدي ذلك إلى توقف تطور التكنولوجيا. وعند ظهور أي حظر، قد نبدأ في خسارة السباق في الذكاء الاصطناعي».

تجدر الإشارة إلى أن العديد من مطوري الذكاء الاصطناعي قد غادروا روسيا في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد حملة التعبئة في عام 2022 بسبب الصراع في أوكرانيا. لكن فيدياخين أشار إلى أن بعضهم بدأ يعود الآن إلى روسيا، مستفيدين من الفرص المتاحة في قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي.