بوتين يحض أوروبا على دعم خططه في سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة {آسيا} في سنغافورة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة {آسيا} في سنغافورة أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يحض أوروبا على دعم خططه في سوريا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة {آسيا} في سنغافورة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة {آسيا} في سنغافورة أمس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأوروبيين إلى إعادة النظر في نهجهم حيال مسار التسوية السياسية في سوريا، وقال إن على أوروبا أن «تتخلص من مخاوفها وانحيازها السياسي»، وأن تدعم خطط إعادة الإعمار لتسهيل عودة اللاجئين وتجنب نزوح موجات جديدة.
واستغل بوتين مشاركته في قمة روسيا ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) التي انعقدت أمس، في سنغافورة، لمحاولة حشد تأييد لمواقف بلاده خصوصاً على صعيد ضرورة مسار إعادة الإعمار في سوريا، لتسهيل عمليات عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.
ووجه بوتين خطاباً قوياً إلى أوروبا، داعياً إلى العمل مع روسيا لمنع وقوع موجات لجوء جديدة.
وقال إنه «إذا كانت أوروبا لا تريد تدفقاً جديداً للمهاجرين، فعليها التخلص من مخاوفها، والتخلي عن السياسات المنحازة ومساعدة الشعب السوري بشكل مباشر».
ورأى أنه «أمر بديهي أنه يجب التخلي عن الانحياز ودعم العملية السياسية». في إشارة بدت موجّهة ضد مطالب بلدان أوروبية بربط الانخراط في عمليات إعادة الإعمار بإطلاق عملية سياسية جادة تؤدي إلى انتقال السلطة في سوريا وفقاً لقرارات مجلس الأمن، وهي المطالب التي طرحها عدد من البلدان الغربية خصوصا ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي عُقد في ختام القمة: «إذا أراد المجتمع الدولي، وأوروبا بالدرجة الأولى، تجنب تدفق جديد للمهاجرين، فعليه التخلص من مظاهر التحامل وتقديم مساعدات للشعب السوري».
وأعرب عن أمل في استمرار العمليات الروسية الفرنسية الألمانية المشتركة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان سوريا.
وزاد بوتين أن «عودة اللاجئين إلى سوريا يجب أن تكون طوعية، لذلك لا بد من تهيئة الظروف المناسبة للعائدين»، مشدداً على أنه «لا يمكن توقع عودة واسعة النطاق للاجئين إلا في حال إعادة إعمار سوريا». موضحاً أن سوريا «بحاجة إلى مساعدة، وفي المقام الأول في تلك المناطق التي يمكن للاجئين العودة إليها بما في ذلك من أوروبا».
وفي إشارة واضحة إلى القطاعات التي تطلب روسيا من الأوروبيين الانخراط في إعادة إعمارها، قال بوتين إنه «لا أحد يطلب ضخ الأموال في الموازنة السورية، وهناك الكثير من الأمور التي يمكن العمل عليها بشكل مشترك لتوفير المستلزمات الأولية مثل المياه، والكهرباء، والصرف الصحي، وهذا العمل المشترك سيؤدي إلى توفير فرص عمل جديدة وإعادة تأهيل البنية التحية وما يشبه ذلك».
وفي مقابل تحديد دعوته الأوروبيين إلى العمل في قطاعات محددة، قال الرئيس الروسي إن بلاده مستعدة «للعمل في الاقتصاد السوري بشكل نشط وبما يعود بالفائدة علينا، نحن مستعدون لعمل واسع النطاق في تلك القطاعات السورية التي سيعود (الاستثمار فيها) بالفائدة علينا وعلى الدولة السورية على حد سواء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.